مى سمير تكتب: شهادات أوباما المجروحة فى معاونيه

مقالات الرأي




جو بايدن كثير الكلام ويعشق الخطابة هيلارى كانت لديها ضحكة طيبة ودسمة تميل إلى تخفيف مزاج كل من حولها

الاقتصاد السيئ مع منتصف 2010 سمح للحزب الجمهورى باستعادة مجلس النواب


مذكرات الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما ليست فقط من أجل تسجيل شهادته للتاريخ، ولكنها أيضا من أجل جنى الأموال واستثمار فترة رئاسته من أجل تحقيق أرباح مالية. حيث حققت المذكرات مبيعات خيالية وصلت إلى 890 ألف نسخة فى أول يوم لإطلاق الكتاب الذى يصل سعره إلى 27 دولاراً. عشرات الملايين من الدولارات من مبيعات المذكرات سوف تحقق أرباحاً كبيرة للرئيس الأمريكى الذى يستعد لإجراء جولة من أجل الترويج لمذكراته،كما يستعد لكتابة الجزء الثانى من هذه المذكرات. فى الحلقة الثانية لعرض الكتاب، نرصد علاقة أوباما بمعاونيه وقيادات الحزب الديمقراطى.

1- المجانين

يدرس أوباما التحول المظلم للحزب الجمهورى، ويربطه بشكل مباشر بصعود سارة بالين، المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس مع المرشح الرئاسى الجمهورى جون ماكين فى 2008، وما يدل عليه لمستقبل الحزب الجمهورى. يكتب: « من خلال بالين، يبدو كما لو أن الأرواح المظلمة التى كانت تتربص منذ فترة طويلة على حواف الحزب الجمهورى الحديث- كره الأجانب، معاداة الفكر، نظريات المؤامرة، جنون العظمة، كراهية تجاه أصحاب البشرة السمراء- كانوا يجدون طريقهم إلى مركز الصدارة».

يمضى أوباما إلى التساؤل عما إذا كان جون ماكين سيختار نفس زميلته للترشح مرة أخرى، مع العلم بما نعرفه الآن حول كيف أن «الارتفاع المذهل والتصديق عليها كمرشح من شأنه أن يوفر نموذجاً للسياسيين فى المستقبل، وتحويل مركز» حزبه وسياسة البلاد بشكل عام فى اتجاه مقيت. ويضيف أوباما: «أعتقد أنه بالنظر إلى الفرصة للقيام بذلك مرة أخرى، ربما يكون قد اختار بشكل مختلف».

ومع ذلك، خلال تذكر انتخابات 2008، يرسم أوباما خطا فى الرمال بين ماكين والفصائل الأكثر تطرفا فى الحزب الجمهورى. ويصف لحظة لا تنسى عندما، وقفوا فى مجلس الشيوخ فى انتظار التصويت، حيث اعترف ماكين له أنه «لا يستطيع إيقاف الكثير من «المجانين» فى حزبه». يكتب أوباما: «الازدراء الذى عبر عنه للجناح اليمينى المتطرف فى حزبه لم يكن كافياً».

2- بايدن العاشق للكلام

حول زميله فى الترشح فى انتخابات الرئاسة 2008، يكتب أوباما بشغف عن نائبه، الرئيس المنتخب الآن جو بايدن، مذكرا كيف قدم بايدن منظوراً مختلفاً عن مستشاريه، بالإضافة إلى نظرة فريدة حول كيفية تأثير تصرفات البيت الأبيض على الديمقراطيين فى الكونجرس، واصفا ياه بأنه «لائق، صادق، ومخلص».

فيما يتعلق بمسألة شخصية بايدن، يكتب أوباما: «أحببت حقيقة أن جو سيكون أكثر من مستعد للعمل كرئيس إذا حدث لى شيء ما، وأنه قد يطمئن أولئك الذين ما زالوا قلقين من أننى كنت شاباً صغيراً. ما يهم أكثر، كان ما أخبرنى به حدسى أن جو كان لائقاً، صادقاً، ومخلصاً. اعتقدت أنه يهتم بالناس العاديين، وأنه عندما تصبح الأمور صعبة، يمكننى أن أثق به، وأثق أنه لن يخذلنى».

كما يكشف أوباما عن غرام جون بايدن بالخطابة. يكتب أوباما: «فى بلدة مليئة بالناس الذين يحبون أن يسمعوا أنفسهم يتحدثون، لم يكن لديه نظير. إذا كان من المقرر إلقاء خطاب لمدة خمسة عشر دقيقة، كان جو يتحدث لمدة نصف ساعة على الأقل. إذا كان من المقرر أن يتحدث مدة نصف ساعة، لم يكن من الممكن تحديد كم من الوقت من الممكن أن يستغرق حديثه. كانت خطبه خلال جلسات اللجنة أسطورية».

يتذكر أوباما كيف تردد بايدن فى البداية من فكرة الانضمام إلى فريق أوباما، مع قول بايدن، «إذا اخترتنى، أريد أن أكون قادراً على إعطاء أفضل حكم ونصيحة صريحة. ستكون الرئيس، وسأدافع عن أى شيء تقرره. لكننى أريد أن أكون آخر شخص فى الغرفة تستمع إليه فى كل قرار رئيسى».

التزم أوباما بشروط بايدن، ويرى الرئيس السابق أن الرئيس الأمريكى القادم سيحكم الولايات المتحدة على نحو لا يختلف كثيرا عن تلك الفترة التى قضاها كنائب للرئيس على مدار ثمانى سنوات.

3- علاقة سلسة من بوش الابن

بينما نشاهد الرئيس ترامب يهدد الديمقراطية الأمريكية برفضه السماح بالانتقال السلمى للسلطة، فإن أوباما يؤكد أن المرحلة الانتقالية من إدارة بوش الابن إلى إدارته كانت تتسم بالسلاسة. يكتب أوباما عن المرحلة الانتقالية التى مهدت انتقاله للبيت الأبيض: «بذل الرئيس بوش كل ما فى وسعه لجعل الأسابيع الأحد عشر بين انتخابى ورحيله تسير بسلاسة. قدم كل مكتب فى البيت الأبيض لفريقى أدلة مفصلة حول كيفية جعل موظفيه أنفسهم متاحين للقاء خلفائهم، والإجابة عن الأسئلة، حتى يتم مساعدتهم أثناء قيامهم بواجباتهم. كما قامت بنات بوش، باربرا وجينا، بإعادة ترتيب جداولهما لإعطاء ماليا وساشا جولتهما الخاصة فى الأجزاء الممتعة من البيت الأبيض. وعدت نفسى أنه عندما يحين الوقت، سأعامل خليفتى بنفس الطريقة».

4- أخطاء إدارته

يعترف أوباما بأوجه القصور والأخطاء الخاصة به، واصفا فشله فى الدفع بإصلاحات الهجرة بأنه «حبة مريرة عليه ابتلاعها». ويقر أيضا أن الاقتصاد السيئ مع منتصف ولايته فى عام 2010، سمح للحزب الجمهورى باستعادة مجلس النواب. يتحمل أوباما المسئولية الشخصية عن الخسارة الديمقراطية للسيطرة على مجلس النواب، وكتب: «بقدر ما كنت قلقا، فإن الانتخابات لم تثبت أن جدول أعمالنا كان خاطئا. لقد أثبت أننى فشلت فى حشد الأمة».

5- الجدة هيلارى

يتذكر العالم الانتخابات التمهيدية الديمقراطية الساخنة لعام 2008، والتى فاز خلالها أوباما الذى كان غير معروف نسبيا فى ذلك الوقت على عدد من الشخصيات السياسية ذات الوزن الثقيل فى ترشيح الحزب الديمقراطى. على الرغم من أن أوباما يسلط الضوء على الإحباط الذى عانت منه هيلارى رودهام كلينتون، وخسارتها أمام سيناتور صغير، إلا أنه يتحدث عن غريمته السابقة بالكثير من الشغف والتعاطف مع حياتها الصعبة.

يكتب أوباما: «ربما كان ذلك لأننى رأيت فى قصة هيلارى آثاراً لما قد تمر به كل أم وجدة: جميعهن نساء ذكيات وطموحات تعرضن للقيود فى ظل قيود عصرهن، واضطررت كل واحدة لبذل جهد من أجل التغلب على الذات الذكورية والتوقعات الاجتماعية».

يضيف أوباما أن شخصيتها الجامدة هى نتاج هذه الخلفية، مضيفا أنها كانت تعمل بجد، كما كانت أنيقة بشكل دائم ومستعدة لتحمل المسئولية على أكمل وجه فى كل وقت . يكتب أوباما: «كانت لديها أيضا ضحكة طيبة ودسمة تميل إلى تخفيف مزاج كل من حولها».

على الرغم من أن علاقتهما كانت فى بعض الأحيان غير مريحة بينما كانا يتنافسان أثناء الانتخابات التمهيدية، كان أوباما حريصاً على جلب هيلارى كلينتون إلى إدارته بعد فوزه بالرئاسة. فى الواقع، كانت هيلارى خياره الأول والوحيد للعمل فى منصب وزيرة للخارجية.

كتب أوباما: «اعتقدت أن هيلارى كانت أفضل شخص لهذا المنصب». «طوال الحملة، شاهدت ذكاءها واستعدادها وأخلاقيات عملها. ومهما كانت مشاعرها تجاهى، فقد وثقت فى وطنيتها والتزامها بالواجب. والأهم من ذلك كله، كنت مقتنعاً أنه فى وقت كانت فيه العلاقات الدبلوماسية حول العالم سواء كانت متوترة أو تعانى من إهمال مزمن، فإن وجود وزير خارجية يتمتع بقوة هيلارى وعلاقاتها وراحتها على المسرح العالمى من شأنه أن يمنحنا نطاقاً ترددياً إضافياً بطريقة لا يستطيع أى شخص آخر القيام بها».

6- أصعب يوم رئاسى

كشف أوباما أنه لم يحزنه ويغضبه أى حدث خلال فترة رئاسته مثل المذبحة فى مدرسة ساندى هوك الابتدائية، حيث قتل 20 طفلاً وستة بالغين على يد مسلح. قال أوباما: «لم يكن هذا فقط أتعس أيام رئاستى. ولكن عندما فشل الكونجرس فى فعل أى شيء أعقاب هذا الحادث، كان ذلك أكثر يوم شعرت فيه بالغضب فى رئاستى. شعرت بالاشمئزاز والفزع من التقاعس عن العمل».

بعد شهر واحد من إطلاق النار المروع على ساندى هوك، قدم للكونجرس مشروع قانون لحظر الأسلحة الهجومية ذات الطراز العسكرى مثل تلك المستخدمة فى إطلاق النار. فى أبريل 2013، تم رفض قانون حظر الأسلحة الهجومية لعام 2013 فى مجلس الشيوخ ذى الأغلبية الجمهورية، مما أغضب أوباما.

يقول أوباما: «كان لدينا آباء فقدوا أطفالهم للتو وهم يجلسون أمام أعضاء مجلس الشيوخ يطالبون بمقاربات متواضعة للغاية ومعقولة». يرى أوباما أن هذه المطالب لم تكن متطرفة أو مبالغاً فيها، لقد كانوا يطالبون بمزيد من عمليات التحقق من الخلفية الفعالة وغيرها من الأحكام لإبقاء الأسلحة النارية بعيدا عن أيدى الأشخاص المضطربين. ويشعر أوباما بالحزن لأن هذا الطلب نظر إليه باعتباره عملاً سياسياً على عكس هذه اللحظة الإنسانية التى عاشها المجتمع الأمريكى. كتب أوباما: «كان ينبغى أن نكون قادرين للرد عليه كمجتمع».

وتضيف المذكرات: «يجب أن أقول إن عنف السلاح هو إحدى تلك القضايا التى أعتقد أننا بعيدين فيها عن «الأرض الموعودة». «لقد أصبحت قضية ثقافية ساخنة. أصبحت ملفوفة بإحساس الناس بهويتهم ودرجة انقسام البلاد. لقد أصبح الأمر مستقطباً للغاية. فك هذا الاستقطاب حول هذه القضية سيستغرق بعض الوقت».

7- مستقبل الولايات المتحدة

على الرغم من أن مذكرات « أرض الميعاد» تنتهى باجتماع عام 2011 فى كنتاكى، حيث تم تقديم أوباما إلى فريق سيال الذى سيقتل أسامة بن لادن، إلا أن أوباما سعى فى نهاية الجزء الأول من مذكراته للنظر فى الوضع الحالى للمشروع الأمريكى ومستقبل بلاد العام سام.

كتب أوباما: «ما يمكننى قوله على وجه اليقين هو أننى لست مستعداً بعد للتخلى عن إمكانية أمريكا - ليس فقط من أجل الأجيال القادمة من الأمريكيين ولكن من أجل البشرية جمعاء. أنا مقتنع بأن الوباء الذى نعيشه حاليا هو عارض، ومجرد انقطاع فى المسيرة التى لا هوادة فيها نحو عالم مترابط، عالم لا تستطيع فيه الشعوب والثقافات إلا أن تتصادم. فى هذا العالم - من سلاسل التوريد العالمية، والتحويلات الفورية لرأس المال، ووسائل التواصل الاجتماعى، والشبكات الإرهابية العابرة للحدود الوطنية، وتغير المناخ، والهجرة الجماعية، والتعقيد المتزايد باستمرار - سوف نتعلم كيف نعيش معا، ونتعاون مع بعضنا البعض، ونقدر كرامة الآخرين أو سنهلك. وهكذا يراقب العالم أمريكا - القوة العظمى الوحيدة فى التاريخ المكونة من الناس من كل ركن من أركان الكوكب، وتضم كل عرق وعقيدة وممارسة ثقافية - لمعرفة ما إذا كانت تجربتنا فى الديمقراطية يمكن أن تنجح. لمعرفة ما إذا كان يمكن أن تفعل ما لم تفعله أى دولة أخرى».