منال لاشين تكتب: 50 عامًا على رحيل الجسد (7) | من حاول اغتيال عبد الناصر؟
شاهد ملك يتهم محمد نجيب بالتورط فى قتل عبد الناصر
مطرب أنقذه من الموت بالسم وممثل تورط فى حادثة المنشية
عندما استيقظ ضمير القاتل فجأة ووقع فى هوى الزعيم
هيكل ألقى الشبهات على السادات ثم برأه
لسنوات عديدة كان ينظر إلى الرئيس الراحل محمد نجيب كرجل طيب دفع ثمنا فادحا لانخراطه فى السياسة، وعاش معزولا فى فيللا زوجة النحاس باشا بعد أن كان أول رئيس للجمهورية فى مصر، ولكن بعد سنوات عديدة حامت شبهات حول دور الرئيس الطيب المؤمن بالديمقراطية فى محاولة اغتيال عبد الناصر.
من ناحية أخرى فإن ابنة عبدالناصر «هدى» أشارت إلى دور الرئيس الراحل السادات فى قتل والدها إن كان مات مقتولا، وتحولت الإشارة إلى قضية ضدها رفعتها ابنة السادات ثم انتهى الأمر بالصمت، المثير أن صديق عبد الناصر المقرب الكاتب الراحل هيكل قد رمى بالشبهات حول السادات واحتمالية تورطه فى اغتيال عبد الناصر ثم برأه بمنتهى الذكاء.
يؤكد هيكل على رواية أن السادات أعد فنجان قهوة لعبد الناصر قبل وفاته بيومين، يحكى هيكل أن عبد الناصر كان فى فندق هيلتون وانفعل بشدة على ياسر عرفات، فعرض عليه السادات أن يعمل له قهوة، وبالفعل دخل السادات المطبخ الملحق بجناح الرئيس فى الهيلتون، ويواصل هيكل الرواية التى كان شاهدا عليها بالقول: أخرج السادات طباخ الرئيس من المطبخ ثم عاد بفنجان القهوة وشربه عبد الناصر، ثم يكمل هيكل بمنتهى البراءة: بالطبع لا يمكن اتهام السادات لاعتبارات أخلاقية وسياسية. إنها الإثارة السياسية فقد أكد السادات الواقعة المريبة ثم نفى تورط السادات.
والأكثر إثارة أن يقوم مطرب مصرى شاب بإنقاذ عبدالناصر من أولى محاولات اغتياله، على الرغم من أن بعض محاولات اغتيال الزعيم عبد الناصر مشهورة، إلا أن بعض تفاصيلها لا تزال تكتشف حتى الآن، كما أن بعض المحاولات الأخرى حرص عبد الناصر على إخفائها.
1- عملية جروبى
على الرغم أن محاولات اغتيال عبد الناصر كانت ممتدة طوال حياته، إلا أن أخطر عمليتين كانتا فى النصف الأول من سنوات حكمه، بل إن إحداهما كانت سابقة لتوليه الحكم، فشخصية عبد الناصر أو بالأولى توجهاته كانت تقلق أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وبالطبع الإخوان، عملية جروبى هى محاولة اغتيال مبكرة فى عام 56، فى هذا العام سافر الشاب المطرب سمير الإسكندرانى لإيطاليا للدراسة من ناحية، وربما للبحث عن حبيبته السابقة من ناحية أخرى. المهم أن سمير سافر محملا بشخصية جذابة تجيد 5 لغات أجنبية محبة لوطنها منفتحة على الحياة، وقد جذبت شخصيته أحد عملاء إسرائيل، وشعر سمير بالخطر، وأراد أن يتأكد من صحة مشاعره، فألف قصة للعميل الإسرائيلى الذى كان يحمل جنسية أمريكية، قال سمير للعميل إن جده لأمه كان يهودياً ولكنه اضطر أن يسلم حتى يتزوج من حبيبته المسلمة وأنه لا يزال يشعر بأنه يهودى، فوقع العميل فى الفخ وكشف نفسه لسمير الإسكندرانى. قرر سمير أن يواصل المغامرة الخطرة من أجل بلاده، ولكنه طلب أن يقابل جمال عبد الناصر شخصيا، وبالفعل قابل جمال وحكى له عن محاولة اغتياله من خلال تجنيد طاهى فى محلات جروبى، وكان جروبى يتولى تنظيم الحفلات الرئاسية، وطلب من الشيف أن يسمم فنجان القهوة الذى يشربه جمال، ولم يتم كشف الشيف فقط، بل استمر سمير الإسكندرانى فى العمل مع مصر حتى وقعت الشبكة الإسرائيلية بمصر كلها.
ومثلما وجد المطرب الوطنى سمير الإسكندرانى نفسه فى مواجهة محاولة اغتيال عبد الناصر، فقد وجد ممثل شاب فى ذلك الوقت نفسه ضحية لعملية اغتيال أخرى.
2- صدمة المنشية
لم يكن حادث المنشية هو المحاولة الأولى لاغتيال الرئيس جمال، فقد وقع الحادث فى عام 54 عندما كان عبد الناصر رئيسا للوزراء وفى أجواء الخلاف بين عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة من ناحية والرئيس محمد نجيب من ناحية أخرى، وقد دبر الإخوان حادثة المنشية وسجن كل من اشترك فى المحاولة الغادرة إلا شابين أفرج عنهما عبد الناصر شخصيا، أحدهما المتهم السادس «خليفة عطوة» تحدث منذ فترة للصحف واتهم محمد نجيب بدعم محاولة الإخوان لاغتيال عبدالناصر، بحسب شهادة عطوة فإن محمد نجيب طلب من الإخوان مساعدته فى التخلص من عبد الناصر، وفى مقابل ذلك يحصل الإخوان على حصة فى الحكومة.
المتهم خليفة عطوة له قصة مثيرة جدا فى حادثة المنشية، فقد كان دوره أن يشير إلى القاتل الرئيسى «محمود عبد اللطيف» أثناء إطلاق الرصاص، ولم تصب الرصاصات الأولى عبد الناصر، وفوجئ عطوة وأحد زملائه بأن عبد الناصر لم يهرب بل وقف ودعا الناس بألا تخاف، مؤكدا أن دمه فداء وطنه وأنه لا يخشى الموت، وأطلق عبد الناصر مقولته الشهيرة «إذا مات عبد الناصر فكلكم عبد الناصر»، وهنا حدث انقلاب لعطوة، فجرى وزميله لحماية عبد الناصر وظل يرسل إشارته للقاتل بأن يوقف الضرب، ولاشك أن الإخوان كانوا قد ملأوا رأسه بأن عبد الناصر جبان وكافر وخائن، ولذلك اهتز إيمان عطوة بعملية الاغتيال، وفيما بعد قابل عبد الناصر عطوة وزميله، واستمع بهدوء إلى أسباب انضمامهما للعملية، وتناول معهما عشاء بسيطاً سندويتشات فول وطعمية، ثم أمر بالإفراج عنهما.
وفى المقابلة كشف الشابان أن قيادات الإخوان أقنعوهما أن عبد الناصر كافر لأنه وقع معاهدة، فشرح لهما عبد الناصر أسباب توقيع المعاهدة، والواقع أن الثبات الانفعالى لجمال عبد الناصر لحظة مواجهة الموت كان استثنائيا، ويكشف عن قوة إيمانه بربه وشعبه.
ولأن الإخوان لا يهتمون بمصير أو حياة أحد من خارج جماعتهم فقد وقع ممثل شاب فى أزمة بسببهم، فقد اصطحب أحد منفذى حادث المنشية مجموعة للشباب طلبوا منه ترشيحهم للالتحاق بمنظمة الشباب، ولم يعرف الشباب أنه إخوانى، وبعد أن قدموا الطلب بـ 3 أيام قبض عليهم لمدة 21 يوما، ويروى الفنان الكبير عزت العلايلى أنه وجد نفسه مقبوضا عليه، ثم عرف أن المحامى الإخوانى كان السبب، وقد أفرج عن العلايلى وزملائه عندما تأكد الأمن أنهم لا ينتمون للإخوان، وليس لهم أى علاقة بحادث المنشية.
3- عملية اغتيال المطبخ
جرت أكثر من محاولة لاغتيال عبد الناصر، وكان المدبرون هم الموساد وبريطانيا وأمريكا، فقد كان وجود عبد الناصر فى مصر والمنطقة مصدر رعب لهم. كان ولا يزال من أخطر أعداء إسرائيل وأمريكا، ومعظم هذه العمليات مستوحاة من الأكل والمطبخ، فكروا فى تسميمه بالتفاح الأمريكانى من خلال إهداء تفاح له، ثم فكروا فى تسميمه بالشيكولاتة، وذلك من خلال تجنيد صحفيين بريطانيين، وقيامهم بتقديم شيكولاتة شهيرة فى ذلك الوقت، وعرضوا على الصحفيين 20 ألف جنيه إسترلينى، ولكن تم التراجع عن العملية، وأعادوا التفكير فى اغتيال عبد الناصر، وذلك من خلال استخدام الغاز السام وضخه فى أحد أماكن تواجد عبدالناصر بها، ولكنهم تراجعوا.
ورغم تعدد المحاولات فلا تزال هناك محاولات إخوانية أخرى، وعملية سرية وشكوك موضوعية جدا حول قتل عبد الناصر.