عادل حمودة يكتب: حزب سرى يخطط للانقلاب على رئاسة بايدن يقوده كبير موظفى البيت الأبيض لصالح استمرار ترامب

مقالات الرأي




مفاجأة: ترامب صوّت بالبريد فى فلوريدا بعد أن خشى الأمن على حياته لو صوّت مباشرة فى نيويورك

30 قضية تحرش وتلاعب ضريبى وتهرب من سداد قروض تهدد ترامب بالسجن

1400 من الميليشيات اليمينية واليسارية فى يدها 600 مليون قطعة سلاح مرخصة

سبب إقالة وزير الدفاع رفضه إقناع مليون وربع المليون صوت فى عائلات العسكريين بعدم التصويت بالبريد

لن يكون «جوزيف روبينيت بايدن» رئيسا للولايات المتحدة قبل أن يضع يده على الكتاب المقدس ويؤدى اليمين الدستورية فى منتصف نهار الأربعاء 20 يناير القادم 2021.

قبل ذلك التوقيت وحتى الثانية الأخيرة منه يظل دونالد ترامب الرئيس الوحيد للبلاد بلامنازع وكل ما يصدره من قرارات نافذ مهما بدا متعسفا.

ستظل السلطة التنفيذية فى يد الرئيس المهزوم فى الانتخابات طوال سبعين يوما: من 10 نوفمبر يوم إعلان نتيجة فرز الأصوات إلى 20 يناير يوم تنصيب الفائز.

ستقلب قرارات ترامب الموازين المستقرة لصالحه لعله ينجح فى مسعاه ويبقى فى البيت الأبيض 4 سنوات أخرى.

والمثير للدهشة أن أعداد الذين يتوقعون ذلك فى ازدياد يوما بعد يوم بل إن بعضهم بدا متأكدا من حدوثه.

أمام الكاميرات وعد وزير الخارجية مايك بومبيو بعملية انتقال سلمى للسلطة «ولكن» نحو ولاية ثانية للرئيس ترامب متجاهلا فوز بايدن فى الانتخابات.

ما الذى يجعله واثقا مما يقول علنا إلى هذا الحد؟ هل يجامل رئيسه؟ هل نسى أنه كان مديرا سابقا لوكالة المخابرات المركزية حيث تعود أن يكون حديثه مستندا إلى معلومات دقيقة موثقة وسليمة؟.

لابد أن أمورا تجرى فى الخفاء لا نرى منها سوى ما ظهر من جبل الجليد أو ما ينفجر فى السماء مثل الألعاب النارية وآخرها إعلان ترامب فوزه فى ولاية بنسلفانيا وأجرأها إقالته وزير الدفاع مارك إسبر.

رفض إسبر توريط القوات المسلحة الأمريكية مليون و280 ألفاً فى الخدمة و289 ألفاً فى الاحتياط وعائلاتهم مليون و200 ألف فرد فى تنفيذ خطة ترامب بمنعهم من التصويت بالبريد إلا إذا كانوا خارج البلاد.

والتصويت بالبريد لا يسمح به إلا لظرف شخصى قهرى واعتبرت الكورونا مبررا للتصويت بالبريد ولكن لم يتوقع أحد أن يصل الرقم إلى 64 مليون صوت مما شكك فى صلاحيتها خاصة أن التصويت المباشر بدأ مبكرا قبل أكثر من شهر ولكن لم يلجأ إليه أكثر من 36 مليون ناخب.

لكن الأهم أن إسبر رفض من قبل تدخل الجيش ضد التظاهرات المحتجة المصحوبة بتخريب بسبب قتل جورج فلويد من أصل إفريقى خنقا بركبة شرطى فى منيابليس مينيسوتا يوم 25 مايو الماضى وأبلغ إسبر ترامب مؤخرا أنه سيعصى أوامره إذا ما طلب منه نزول الجيش إلى الشارع مهما كانت المبررات.

واختير كريستوفر ميللر ليخلفه وكان مسئولا فى البنتاجون عن العمليات الخاصة والحرب غير النظامية والحرب غير التقليدية ومكافحة الانتشار واستعادة الرهائن وكلها خبرات مناسبة يمكن لترامب الاستفادة منها فى خطته الانقلابية إلى جانب خبرات منصبه الأخير مساعداً خاصاً للرئيس والمدير الأول لمكافحة الإرهاب فى مجلس الأمن القومى.

وما يثير الدهشة أن ترامب فى اللحظة التى أدرك فيها فوز بايدن بدا متقبلا للهزيمة بل ذهب إلى فيرجينيا ليلعب الجولف وشجعته عائلته على موقفه وساندها مستشاروه من الحزب الجمهورى ولكن فجأة تغير موقفه واسترد تصلبه وعاد من جديد يتحدث عن تزوير الانتخابات وسرقتها ويعلن استمرار القتال فى المحاكم العليا لتقر بفرز الأصوات ليثبت أنه الفائز فيها حسب تغريداته.

ما الذى جرى؟.

ما سر هذا التغيير؟.

وجد ترامب من يهمس فى أذنه محذرا من السجن لو هنأ بايدن وأقر بهزيمته وانسحب من المشهد وكان التحذير فى وقته تماما.

بعد ثلاثة أيام من إعلان فوز بايدن فى الانتخابات الرئاسية بدأت ليتيسيا جيمس المدعى العام فى نيويورك تحقيقا جنائيا فى الملفات الضريبية لكبار المسئولين فى منظمة ترامب وعائلاتهم وصولا لمزيد من أدلة إدانة ترامب فى تهمة التلاعب الضريبى التى وجهت إليه.

ومنظمة ترامب شركة أمريكية دولية قابضة تقع وسط مانهاتن أرقى أحياء نيويورك ويمتلكها ترامب وأولاده الثلاثة دونالد جنيور وإيفانكا وأريك وتستثمر المليارات فى مشروعات تجارية وعقارية ومالية.

بعد أن أصبح ترامب رئيسا ترك إدارة المنظمة إلى بارى فايسلبرج الذى ثبت من التحقيق أنه وزوجته السابقة جنيفير سكنا مجانا عدة سنوات فى مبنى للشركة بالقرب من سنترال بارك.

وليست هذه القضية الوحيدة المتهم فيها ترامب هناك 30 قضية أخرى أصعبها اقتراضه مليارى دولار من دويتش بنك دون سداد مما يعنى أن الخناق بدأ يضيق على رقبته وطريقه إلى السجن أصبح ممهدا فور سقوط حصانته الرئاسية عند خروجه من البيت الأبيض.

كانت هذه الحقائق المخيفة كفيلة بأن يسترد ترامب عناده ويقاتل من جديد معركة البقاء فى منصبه لينجو من السجن أربع سنوات يفكر خلالها فى كيفية إسقاط الاتهامات التى تطارده؟.

لكن هناك تفسيرًا آخر لتغير موقف ترامب.. تفسير أخطر وأسوأ.

إن ترامب لا حيلة له فيما يفعل الآن فلم يعد القرار فى يده وإنما أصبح فى يد حزب يمينى سرى متشدد يضم كبار الجمهوريين الذين يرفضون تسليم السلطة إلى بايدن بسهولة.

إنهم يعتبرون «جو» شخصية ضعيفة مهزوزة يفتقد التركيز بسبب إصابته بمرض تمدد شرايين الرأس ودخوله المستشفى مرتين للعلاج منه إلى جانب وجود أكثر من بلاغ يتهمه بالاتصال غيراللائق بالنساء فى المناسبات العامة مثل العناق والتقبيل أو الإمساك باليد أو وضع يده على أكتافهن.

يضاف إلى ذلك طرد ابنه هانتر من البحرية بسبب تعاطيه الهيروين وحصلت المباحث الفيدرالية على مئات الصور لهانتر بعضها وهو يمارس الجنس أو يحتسى الخمر أو يتعاطى المخدرات إلى جانب تورطه هو وأبوه فى اتهام بالفساد لصالح شركة أوكرانية أثناء فترة عمل بايدن نائبا للرئيس أوباما.

أسس الحزب السرى مستقلا عن الحزب الجمهورى مارك ميدوز فى عام 2015 فور انتخابه لدورة ثانية فى مجلس النواب وهو رجل أعمال جمهورى ساند ترامب وتحالف معه حتى عينه رئيسا لموظفى البيت الأبيض فى 6 مارس 2020.

شارك فى تأسيس الحزب السرى أيضا ثمانى شخصيات جمهورية تعتبر الولايات المتحدة ملكا للبيض وترفض منح غيرهم رعاية صحية أو حماية اجتماعية أو سلطة سياسية بل تتصور إعادة الزمن إلى الوراء ليصبح السود والملونين عبيدا لهم.

منهم السيناتور رون ديسانتيس عضو مجلس النواب لثلاث دورات وحاكم ولاية فلوريدا منذ 8 يناير 2019 الذى أباح الحشيش ويوصف بأنه واحد من أقوى عشرة حكام للولايات واختار ترامب ولايته للتصويت منها عبر البريد بعد أن نصحه رجال الأمن بعدم السفر إلى نيويورك للتصويت مباشرة هناك.

وديسانتيس خدم فى الاحتياط قاضيا عسكريا ويصنف فى خانة الجمهوريين الأقوياء وفى معركته الانتخابية التى فاز فيها على أندرو جيلوم لم ينفق من جيبه دولاراً واحدا وإنما تولى الإنفاق عليها رجال الأعمال الأثرياء فى الولاية الذين يسيطر عليهم ويوظفهم لخدمة الحزب السرى الذى يطمحون إلى أن يحكم الولايات المتحدة أربع سنوات قادمة حسب ما كشفت المباحث الفيدرالية فى تحقيقاتها التى بدأت عن ذلك الحزب.

وشارك فى تأسيس الحزب السرى كذلك السيناتور ماكو روبيو وهو سياسى ومحامٍ وعضو فى مجلس الشيوخ من الحزب الجمهورى والناطق الرسمى باسم نواب فلوريدا وكان نائبا للجنة الاستخبارات ثم رئيسا لها.

وهو يتولى التنسيق مع أجزاء من أجهزة المخابرات والتوافق معها بإشرافه البرلمانى عليها وساعده فى ذلك بومبيو المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية ويتوقع التخلص من مديرها الحالى جينا هاسيل بعد أن نجح فى اختراق أربعة أجهزة مخابرات إلى جانب استخدام وزير الدفاع الجديد فى فرض سطوته على مخابرات البنتاجون.

ويسيطر الحزب السرى على ترامب نفسه ويستخدمه فى الإطاحة بمن لا يتوافق معه كما أنه يرسم خطواته.

وأولى هذه الخطوات نقل الانتخابات إلى المحاكم العليا فى الولايات لإعادة الفرز ربما نجحوا فى تغيير النتيجة لصالح ترامب.

وسبق أن أعيد الفرز فى 31 انتخابا رئاسياً وغير رئاسى من 2000 إلى 2019 وتغيرت النتيجة تماما فى ثلاث حالات حسب منظمة «الصوت العادل».

منها ما حدث فى انتخابات مجلس الشيوخ عن ولاية مينيسوتا عام 2008 حين أعلن فوز نورم كلومان ولكن بعد إعادة فرز الأصوات ثبتت خسارته ونال المقعد منافسه آل فرانكلين.

وفى انتخابات فلوريدا عام 2004 أسفرت إعادة الفرز فى مقاطعة واحدة نقص الفرق بين أصوات جورج بوش وآل جور من 1884 إلى 537 صوتا ولو سمح بإعادة فرز مقاطعات أخرى لأصبح آل جور رئيسا.

ونجح الحزب السرى فى إعادة فرز الأصوات فى جورجيا ربما تصبح النتيجة فى صالح ترامب مما يشجع على إعادة الفرز فى ولايات أخرى لعله يظل فى البيت الأبيض أربع سنوات أخرى.

لكن مهما كانت نتيجة إعادة الفرز فإن الانقسام الأيديولوجى الحاد فى المجتمع الأمريكى لن يلتئم.

كانت الانتخابات الأمريكية تجرى عادة بين اليمين ويمين الوسط ولكنها هذه المرة جرت بين اليمين المتشدد واليسار المتطرف والمسافة بينهما تتسع ولا تضيق وكل منهما لا يعبأ بالديمقراطية ومستعد لفرض مواقفه بوسائل أخرى.

إن المفاجأة المؤسفة تكشف عن وجود 1400 من الميليشيات اليسارية واليمينية مسلحة بنحو 600 مليون قطعة سلاح مرخصة بخلاف غير المرخصة وأمام البيت الأبيض تجمعت ميليشيات من الجانبين بعضها يهدد بسحب ترامب من ثيابه ليخرج إلى الشارع والبعض الآخر مستعد أن يموت فى سبيل بقاء ترامب فى الرئاسة.

ولا نعرف ماذا يخطط الحزب الجمهورى السرى المتشدد ولكن نعرف أن السياسة الأمريكية أضيف إليها مصطلحات كانت تنبذها مثل انقلاب وثورة وميليشيات ومليونية مما يؤكد أن أمريكا لم تعد أمريكا وقوتها العظمى تراجعت لتسبقها روسيا والصين وهذه قصة أخرى.