أسامة الأزهري يروي قصة توبة إمام الزاهدين الفضيل بن عياض.. إليك الدروس المستفادة
ألقى الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، أحد علماء الأزهر الشريف، خطبة الجمعة اليوم من مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وبدأ الأزهري حديثه في خطبة الجمعة بقصة وتوبة الإمام الفُضيْل بن عياض، ذاكرا موقفًا له حصل به تحوُّلٌ كبيرٌ في حياته، واتَّجه نحو الانشغال بالعبادة والزهد وملازمة البيت الحرام؛ بعد أن كان من أهل النهب وقطاع الطريق، موضحا أن كان سبب توبته أنه كان يرتقي الجدران سمع تاليًا يتلو: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ﴾ [الحديد: 16]، فقال: "يا رب، قد آن"، فرجع فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها رفقة، فقال بعضهم: "نرتحل"، وقال اخرون: "حتى نصبح، فإن فضيلًا على الطريق يقطع علينا"، فتاب الفضيل وأمَّنَهم وجاور الحرم حتى مات" رضي الله عنه.
وأكمل: الآية الكريمة لما أن تنزلت على قلبه في لحظة إفاقة ويقظة إذا بقلبه يهتز، انطلق وتزهد وتعبد ورشد وتطهر وتزكى واستبصر وأقبل على الله وعلى العلم وتفقه وعلى الحديث فحدث وروى وأقبل على العبادة فلقب بعابد الحرمين، هو الإمام القدوة الجليل شيخ الإسلام الفضيل بن عياض.
وقال: إذا نظر العبد رأى بعد بداية حياته ومابين خواتيم حاله فكان من الرضا والاصطفاء وأهل الدلالة على الله حتى وإن كانت بداية أيامه في فترة شبابه سارقًا يروع الناس، مضيفا أن الإمام الفضيل بن عياض قد بلغ من العلم والزهد والتبحر مبلغًا أن تتلمذ له أئمة الإسلام أمثال سفيان الثوري والإمام الشافعي والإمام شيخ الإسلام عبدالله بن المبارك الذي قال يقول ما بقي على ظهر الأرض عندي أحد من هو أفضل من الفضيل بن عياض.
وأضاف أن موقف الفضيل يفتح باب عظيمًا من إمكانية أن يغير الإنسان من نفسه وألايقع أسيرًا لحال ردي ربما قد تورط فيه أو انساق إليه، رب في لحظات من اللحظات ابتلي العبد أن عصى أو فجر أو سرق أو عصى إلا أن معصيته في الحال لا تغلق الباب المفتوح الذي بينه وبين الله..قال تعالى ۞ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (16).. سورة الحديد آية 16.
ونوه بأن القلوب إذا سلكت مسلك اليقظة وانتبهت حتى تنجوا من خداع النفس فالنفس لها التواء ومكر وتبرير وتحريف، بحيث تغرق الإنسان إذا لم ينتبه إلا إذا أفاق، وإذا أفاق العبد فإن كلمات من القرآن تهزه ويرتقي إلى أن يكون مخاطبا من الله.
وأكمل: قلوب العباد على واحد من 3 أنواع قلب سليم وقلب مريض وقلب ميت، القلب السليم قال الله فيه في سورة الشعراء: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ(88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(89)، أما القلب الميت فقال فيه ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِىَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ (البقرة)، أما المريض فهو إما مريض بشهوة أو قلب مريض بشبهة وقال فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) البقرة.
وتابع: علاج أمراض القلوب بالهمم والإفاقة واليقظة والجدية والرجولة والشهامة والصدق والهمة وتعظيم شعائر الحق وتوقير المولى، نحن في فترة من الزمن أحوج ما نكون فيها لنبني وطنًا ونصنع أنسان ونشيد القيم حتى يصنع الإنسان إنسانا كامل الإنسانية لايتشوش ولا يؤثر عليه إحباط ولا كآبة ولا يأس ولا حزن يتسرب ذلك إلى قلبه لأن قلبه قد فاق ووعى من هذه الحيل التي تسببها النفوس.
واختتم الأزهري: من أراد أن يفتح الله له أبواب العطاء ويخاطبه فيستجيب له وأن يدعوا الله فيسمع دعاؤه ومن أراد أن يوسع عليه في أرزاق وأخلاقه عليه أن يغير من نفسه ليصنع من ذاته رجلا فلينتبه وليعلم أن رجلا الفضيل بن عياض رأى أن رزقه قد ضاق فسرق لكن ما إن حصل له اللحظة النورانية من الإفاقة حتى رفع الله في العالمين قدرا.