3 أسباب وراء فوز الإمارات في معركتها ضد كورونا
تشكّل الفيروسات حيوانية المنشأ، وأشهرها فيروسات إنفلونزا الطيور والخنازير وإيبولا ونقص المناعة البشرية، أخطر أنواع الفيروسات على البشر، لأن جهاز المناعة البشري لم يواجهها سابقاً ويكون أجساماً مضادة لها، ولهذا تتسبب بأعداد كبيرة من الضحايا. والعالم يواجه اليوم أحدث جائحة عالمية من تلك الفيروسات حيوانية المنشأ، وهو فيروس كورونا المستجد - سارس كوف 2 - الذي يتسبب بمرض «كوفيد-19».
وعلى الرغم من تأثير الفيروس السلبي، فهو أيضاً فرصة لتختبر الأمم والدول قدراتها على تجاوز الأزمات، فتبتكر الحلول وتنطلق بتسارع أقوى نحو المستقبل بما اكتسبته من خبرات وما أثبت جدارته من بنى تحتية وأساليب حوكمة وحكم. ولعل من أبرز أمثلة مواجهة هذه الأزمة والسيطرة عليها على مستوى العالم والمنطقة، دولة الإمارات العربية المتحدة، فعلى الرغم من أن وزارة الصحة ووقاية المجتمع في الإمارات أعلنت يوم 29 يناير 2020 عن تشخيص أول حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد في الدولة لأشخاص من عائلة واحدة قادمين من مدينة ووهان في الصين، فإن عدد الحالات المسجلة للإصابة بهذا الفيروس في الدولة بعد نحو شهر وأكثر من 22 يوماً حتى ساعة كتابة هذه المقالة لم يتجاوز 153 حالة. في المقابل سجلت دول أخرى عشرات آلاف حالات الإصابة المؤكدة في مدة مماثلة، فكيف استطاعت الإمارات أن تنجح في معركة احتواء الخطر القادم بأقل الآثار السلبية على المجتمع والاقتصاد؟
أسس متينة
الدول الناجحة هي الدول التي تستعد
للمستقبل، ويعني ذلك الاستعداد للاستفادة من الفرص السانحة من جهة، والاستعداد
أيضاً للمخاطر والكوارث المفاجئة من جهة أخرى. ومن أبلغ ما قيل في الاستعداد
للمستقبل، قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس
مجلس الوزراء حاكم دبي «هدفنا صنع المستقبل وليس توقعه، والحكومات غير المستعدة
للمستقبل ستضيّع سنوات وتخسر ثروات». وانطلاقاً من هذه الرؤية استعدت دولة
الإمارات منذ فترة طويلة لإدارة الأزمات والكوارث بتأسيسها في عام 2007 الهيئة
الوطنية لإدارة الطوارئ والكوارث والأزمات حرصاً من القيادة الرشيدة على سلامة
أرواح المواطنين والمقيمين على أرض الدولة، وحفاظاً على المكتسبات والممتلكات، وهي
تعمل اليوم على تنسيق أدوار الجهات المعنية في الدولة لمواجهة تفشي فيروس
«كوفيد-19»، والمشاركة في إعداد خطط الطوارئ وتنسيقها ومتابعة تنفيذها بالتعاون مع
الجهات المختلفة في الدولة.
ومن ناحية الخدمات الحكومية، توجهت الإدارات الحكومية في دولة الإمارات مبكراً نحو تبني مقومات البيئة الذكية، وعملت على التحول إلى الخدمات الذكية، وتنفيذ مبادرات التحول الرقمي لتقديم خدماتها عن بعد، والعمل عن بعد، منها مبادرة دبي الذكية، واستراتيجية دبي للمعاملات اللاورقية، التي تسعى إلى تحويل حكومة دبي بالكامل إلى حكومة بلا ورق في العام 2021.
الاستجابة السريعة
منذ تأسيس دولة الإمارات العربية
المتحدة، ترى القيادة الرشيدة في الدولة أن الإنسان يمثل ركيزة التنمية، والهدف
منها، وكما قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله: «الثروة
الحقيقية هي ثروة الرجال وليس المال والنفط». ولهذا حرصاً على سلامة جميع سكان
دولة الإمارات من ناحية، والحفاظ على سبل عيشهم من ناحية أخرى، لم تتأخر السلطات
الإماراتية في الاستجابة لتفشي الفيروس عالمياً، وتعاملت بجدية كاملة مع المشكلة،
فانطلقت سريعاً لاتخاذ مجموعة من الإجراءات شملت عدداً من الإجراءات قصيرة المدى،
ومتوسطة المدى، وطويلة المدى.
فبدأت السلطات المعنية في الدولة
بتطبيق مجموعة من الإجراءات الاحترازية الوقائية في منافذ الدخول في الدولة،
وأطلقت آلية ترصد وبائي وفق معايير منظمة الصحة العالمية، منها تشغيل أجهزة المسح
الحراري وإجراء فحوص طبية، وعززت مخزون المستلزمات الطبية. وأفادت وزارة الصحة
ووقاية المجتمع بأنها أجرت فحوصاً مختبرية لأكثر من 127 ألف حالة على المستوى
الوطني للتأكد من سلامتهم وخلوهم من أعراض فيروس كورونا، وذلك حتى يوم 17 مارس
2020. ووفقاً لأرقام الفحوص يتبين أنه تم فحص 13 ألفاً و20 فرداً من بين كل مليون
نسمة، وهي النسبة التي تتفوق بها دولة الإمارات التي يبلغ عدد سكانها 9.6 ملايين
نسمة، على أكثر دول العالم تأثراً بالمرض على مستوى حجم إجراء الفحوص مقارنة بعدد
السكان.
التعاون المحلي والعالمي
عرفت دولة الإمارات العربية المتحدة
دائماً بأنها الدولة التي تفتح ذراعيها لعلاقات مفيدة للطرفين مع جميع الدول مبنية
على الأسس الإنسانية والاحترام. وعبرت خلال الأزمة القائمة عن تعاطفها المعنوي
والمادي مع جميع الدول التي تضررت من الفيروس. والواقع أن القيادة الإماراتية
الرشيدة تتبع منذ وقت طويل نهج التعاون وبناء الشراكات وتعزيز علاقاتها الدولية في
إطار رؤيتها للاستعداد للمستقبل، لتكون هذه العلاقات دعامة مفيدة في وقت الرخاء
وحين حدوث الأزمات.
وبالإضافة إلى التعاون الخارجي، عملت
الدولة على التعاون مع القطاع الخاص في الدولة من ناحية إدخال السلع، والتشجيع على
استخدام تطبيقات التسوق عبر الإنترنت، وتنسيق الجهود للإسهام في جهود مكافحة
الفيروس ودعم الاقتصاد في هذه الأزمة.
وفضلاً عن حزمة الإجراءات الاحترازية
الوقائية في منافذ الدخول إلى الدولة، يعمل الجميع في دولة الإمارات، حكومة
وأفراداً وشركات وقيادة، حتى في ظل هذه الأزمة، بطريقة موحدة ومتجانسة للمحافظة
على هذا البلد ليبقى من أفضل البلدان في العالم.