ما بين تعينه واستقالته .. هل تستكمل الليرة التركية انهيارها بعد مفاجأة صهر أردوغان؟
شهدت تركيا على مدار اليومين الماضيين تطورات من شأنها التأثير على السياسات المالية والنقدية للبلاد، بدأت ليلة الجمعة بإقالة رئيس البنك المركزي، مراد أويسال، وانتهت مساء الأحد، باستقالة وزير الخزانة والمالية، براءت ألبيرق، صهر أردوغان.
ووفق تقرير لموقع العين الإخبارية، فإن
إقالة رئيس البنك المركزي، جاءت بمرسوم رئاسي صادر عن أردوغان مباشرة، بشكل مفاجئ،
لا سيما أن الرجل لم يمضِ على تعيينه في المنصب 16 شهرًا، حينما جاء إليه في يوليو
2019 خلفًا للرئيس السابق، مراد جتين قايا، الذي أقيل حينها هو الآخر لرفضه
الانصياع لأوامر أردوغان، وتدخلاته بالبنك.
الحدث الثاني وهو استقالة الوزير
ألبيرق، جاء بشكل مفاجئ هو الآخر، لكنه كان متوقعًا بعض الشيء، في ظل التدهور
الاقتصادي الكبير الذي تشهده البلاد منذ آخر عامين تقريبًا، والذي تعمق مع تفشي
فيروس كورونا المستجد، وتهاوي العملة المحلية الليرة، خلال الأسابيع الماضية،
وتدنيها لمستويات قياسية في تاريخها، إذ أنها خسرت أكثر من 30% من قيمتها منذ مطلع
العام الجاري.
العديد من وسائل الإعلام، في ظل هذه
التطورات المتلاحقة، أخذت تخمن تداعيات هذه الإقالات والاستقالات على الأسواق
المالية في البلاد، صباح الإثنين، لا سيما أن تلك القرارات جاءت في عطلة نهاية
الأسبوع.
وفي هذا السياق، قالت وكالة
"بلومبرج" الأمريكية، نقلًا عن خبراء في أسواق المال، إن تعيين ناجي
آغبال رئيسًا للبنك المركزي، لن يكون كافيًا لتعافي الليرة، واستردادها لقيمتها.
وأشار الخبراء إلى أنه إذا لم يتجه
آغبال لزيادة الفائدة، فإن هناك العديد من العوامل التي ستؤدي لمزيد من الانهيار
بقيمة الليرة، كوصول التضخم لخانتين، وعجز الحساب الجاري، وتآكل الاحتياطي النقدي
من العملة الصعبة.
وقال أحد الخبراء الذين تحدثوا للوكالة
"من المحتمل بشكل كبير أن يستمر انهيار الليرة، فالمستوى المنخفص من الثقة
السياسية، يشير إلى أن الليرة ستواصل فقد قيمتها".
كما ذكرت أن الرئيس الجديد للبنك المركزي، دأب
على معارضة السياسات التي يتبناها الوزير ألبيرق على مدار العامين الماضيين.
وفي أول تصريح له الإثنين، كرر محافظ البنك المركزي التركي
الجديد، ناجي آغبال، البيان الأول السابق لسلفه المحافظ المقال مراد أويسال، بشأن
تأكيده الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة التركية المنهارة لمستويات قياسية، مقابل
سلة العملات الأجنبية.
من ناحية أخرى، ذكر الخبيران الاقتصاديان في
جولدمان ساكس، مراد أونور وكليمنس جراف ، أنه لن يكون هناك تغيير في أسعار الصرف
والتضخم واتجاهات الاحتياطي، إذا لم تتغير السياسات النقدية للبلاد.
وأشارا إلى أن انتخاب المرشح
الديمقراطي جو بايدن لرئاسة الولايات المتحدة، يعتبر بمثابة تطور سلبي بالنسبة
للأصول التركية، فضلا عن توقع عدم تحسن العلاقات الثنائية بين البلدين.
بدورها قالت صحيفة "فاينينشال
تايمز" البريطانية، نقلًا عن خبراء ، إن "هذه التغييرات في الإدارة
الاقتصادية بتركيا خلقت بيئة متوترة للغاية بالنسبة للعملة المحلية الليرة".
الصحيفة نقلت كذلك عن مصدرين مقربين من
حزب العدالة والتنمية، الحاكم، قولهما إن الوزير المستقيل، ورئيس البنك المركزي
الجديد، كان لا يوجد تفاهم بينهما بشكل كبير.
في نفس السياق ذكرت الخبيرة الاقتصادية
التركية، غولدم آطاباي، على حسابها بموقع "تويتر"، إن "الليرة
التركية قد تشهد تعافيًا يوم الإثنين، لكن المشكلة الأساسية تكمن في النظام
السياسي".
الكاتب والمحلل الاقتصادي التركي،
أوغور غورسس، قال هو الآخر في تغريدة مماثلة "هذه الاستقالة تصب في مصلحة
الليرة"، وهو نفس الكلام الذي قاله البروفيسور بوراق أرزوفا، عضوية هيئة
التدريس بقسم إدارة الأعمال بجامعة مرمره، في إسطنبول.
ومساء أمس الأحد، أعلن ألبيرق
استقالته، مرجعًا ذلك إلى أسباب صحية، وتابع: "سأخصص المرحلة المقبلة لزوجتي
وأطفالي وأبي وأمي الذين أهملتهم منذ فترة، ولم يحرموني من دعمهم".
لكن العديد من التقارير أشارت إلى أن
قرارا الاستقالة جاء بعد أن هدد ما يقرب من 40 نائب عن الحزب بالاستقالة حال
استمراره في منصبه، والانضمام لحزب "الديمقراطية والتقدم"، بزعامة علي
باباجان.
تقارير أخرى ذكرت أن الاستقالة جاءت
لتجاهل أردوغان له عندما قرر تعيين ناجي آغبال، رئيسًا للبنك المركزي، ولم يعلمه
بهذه الخطوة.
رواية ثالثة قالت إن خلافات نشبت بين
ألبيرق وأردوغان، بعد إقصائه عن المشاركة في تدشين السياسات النقدية لتركيا، فيما أراد
الرئيس التركي إرضاء صهره بمنصب نائب الرئيس، مقابل خروجه من وزارة المالية، وهذا
ما رفضه الوزير، وآثر ترك العمل السياسي.
ومنذ بداية العام خسرت الليرة 30% من
قيمتها بفعل مخاوف بشأن عقوبات غربية محتملة على تركيا واستنزاف الاحتياطيات
الأجنبية وتضخم مرتفع والاستقلال النقدي.
ويعود التسارع في هبوط الليرة إلى فشل
السياستين النقدية والمالية في ضبط الليرة وتوفير حاجة السوق من النقد الأجنبي،
وأسباب سياسية أخرى مرتبطة بتدخلات تركية في دول الجوار، وأخيرا حملات المقاطعة
السعودية ضد المنتجات التركية.
وفي الربع الثاني، 2020، انكمش اقتصاد
تركيا بنسبة 9.9% على أساس سنوي وهو أسوأ رقم منذ أكثر من سنوات، بينما انكمش
بنسبة 11% مقارنة مع الربع الأول 2020، مقارنة مع نمو 4.4% في الربع الأول.