منال لاشين تكتب: 50 عامًا على رحيل الجسد (4) | كيف ربى عبد الناصر أولاده؟

مقالات الرأي



رفض استثناء ابنته هدى لتعين كمعيدة رغم تفوقها

جمال لابنته منى: حلق الماس إيه اللى عايزاه.. عيشى عيشة أهلك

أمر أحد الموظفين باصطحاب ابنه بالأتوبيس فى كل إسكندرية عشان يعرف أنه ابن موظف

قال لإحسان عبد القدوس: أنا وأنت ماعرفناش نربى ولادنا

ما بين الانتخابات الأمريكية وإميلات هلارى كلينتون كان من البديهى أن تكون هذه الحلقة عن عبد الناصر والأمريكان، ولكننى لم أستطع تخطى حادثة طفل المرور وتوابعها وفكرت أن أتذكر معكم حكايات كاشفة عن علاقة الزعيم بأولاده، أكبر رأس فى مصر وزعيم العرب والعالم الثالث، فى الحكايات فنانة وكاتب وبنت متفوقة وأخرى أحلامها فى الألماظ والملبس وشاب مراهق، وستتردد فى الحكايات الجملة الشهيرة المقدسة لكل الآباء المصريين (عيشوا عيشة أهاليكم والله يرحم جدودك).

والأهم سيدرك كل أب ذى نفوذ أنه عندما يربى أبناءه على القيم والأخلاق سيجنى جائزة كبرى، فقد ستر أولاد الزعيم عبد الناصر بعد وفاته، لم يتطوروا فى شىء يشين والقضية الوحيدة التى ورد اسم أحد أبناء الزعيم فيها كانت قضية تنظيم ثورة مصر لمناهضة الوجود الإسرائيلى فى مصر بعد معاهدة التطبيع.

1- وظيفة هدى

هدى الابنة الكبرى لجمال وأول فرحته وهى من صغرها سر ابيها، جادة ومهتمة بالسياسة وتراث أبيها، هدى طول عمرها متفوقة فى دراستها وفى الثانوية العامة حصلت على مجموع كبير أهلها لدخول كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وهى إحدى كليات القمة، واستمر تفوق هدى طوال سنوات الدراسة، وكانت من أوائل دفعتها، ولكن الكلية كانت تريد عددًا محدودًا للتعيين كمعيدين بالقسم، ولم تكن هدى فى أول قائمة الأوائل بقسمها، وبدأت تظهر اقتراحات من نوع استثناء هدى وتعيينها معيدة، وظهر اقتراح آخر بتعيين عدد أكبر من المعيدين، وبذلك يصيب الدور هدى دون حرمان زميلاتها ذوات الأحقية، و(سلامة فى خير وخير فى سلامة)، ولكن لم يحدث لا هذا ولا ذاك، لم تعين هدى معيدة إلا بعد حصولها على الدكتوراه وبعد وفاة عبد الناصر بسنوات، وطلب عبد الناصر من صديقه الأستاذ هيكل تعيين كل من هدى وزوجها حاتم صادق فى الأهرام لأنه يخاف عليهما أن يفسدهما الغرباء بالمجاملة والتدليل، وبالفعل عينا فى المركز الاستراتيجى، وهو مكان مناسب لشباب متفوق.

2- حلق منى

خلافا لهدى كانت شقيقتها الصغرى منى غير متفوقة فى الدراسة، وحصلت على مجموع صغير فى الثانوية العامة، والتحقت بالجامعة الأمريكية، وفى ذلك الوقت كانت هذه الجامعة مكانا لأبناء الطبقة الثرية قبل الثورة، وقد تأثرت منى بهذا المناخ، هى الوحيدة بين أبناء الزعيم التى تقول: بابى ومامى، وعند زواجها طلبت منى من والدها حلق ألماظ، فرفض عبد الناصر، وأصر على شراء حلق ذهب، وقال مقولة الآباء الشهيرة: عيشى عيشة أهاليكم، وطلبت من أونكل عبد الحكيم (عبد الحكيم عامر) إقناع والدها بشراء حلق الألماظ، وكرر عبد الناصر رفضه لأنه موظف ودخله محدود، وحلا للأزمة قام المشير عبد الحكيم بشراء الحلق لمنى كهدية زواج.

وعند تعيين منى حرص عبد الناصر على أن تعمل فى مكان يتفق مع قدراتها، فلم تعين فى الأهرام، وعينت مترجمة لكتب الأطفال فى دار المعارف.

3- خناقة خالد

خالد أو الدكتور الراحل خالد هو أكبر أبناء عبد الناصر من الذكور، وهو الابن الوحيد الذى عاش جمال معه مرحلة المراهقة، وهى فترة صعبة فى حياة الشباب، وكان لخالد شلة من الأصدقاء المراهقين، وهناك شلة أخرى فى المصيف، وكان كل شاب أو بالأحرى مراهق معجبا بفتاة من أجمل فتيات مصر فى ذلك الوقت، وأصبحت فيما بعد إحدى إيقونات التمثيل والجمال نجلاء فتحى، ويبدو أن إعجاب الجميع بالفتاة أشعل خناقة بينهم، لم تتطور الخناقة إلى الذهاب للقسم (لاسمح الله)، مجرد تبادل الشتائم وربما تشابك بالأيدى، وانتهت الخناقة دون أى إصابات، وعلم عبد الناصر فقام بتوقيع عقاب على ابنه، ثم نصحه بالبعد عن رفقاء السوء، ولكن إحسان عبد القدوس أصابه القلق لأن ابنه أحمد كان زعيم الفريق الثانى من المراهقين، ونصحه البعض بالاتصال بعبد الناصر والاعتذار عما حدث، وبالفعل اتصل إحسان بالزعيم، وقال له أنه يريد أن يتحدث عما حدث بين ابنه وابن الرئيس، فضحك عبد الناصر وقال لإحسان: لا أنا ولا أنت عرفنا نربى أولادنا يا إحسان.

وبعد هذه الواقعة انطلق خالد عبد الناصر وتفوق دراسيا والتحق بكلية الهندسة وعمل معيدا بها بعد وفاة والده ثم استاذا خلوقا محترما متواضعا خجولا، والمرة الوحيدة التى تورط فيها الراحل العزيز خالد فى قضية كانت قضية سياسية، قضية تنظيم ثورة مصر المناهضة لمعاهدة السلام التى أبرمها الرئيس السادات، قضية عروبية قومية تتفق مع مبادئ والده الزعيم، ولكن زميله المناضل الراحل محمود نور الدين تحمل المسئولية وحده وبرأه، وحاولت إسرائيل اغتيال خالد عبد الناصر، وسافر إلى تشيكوسلوفاكيا (التشيك الآن) لعدة سنوات.

4- أتوبيس عبده

كان عبد الناصر أبا حنونا، يتعذب لانشغاله عنهم لساعات طويلة وربما أيام، وفى بداية كل صيف يبدأ الأولاد بالمطالبة بالسفر للمصيف للإسكندرية، وعبد الناصر الأب يؤجل حتى لا يحرم منهم، واقترح بعض العاملين بمكتبه توفير حمام سباحة للأولاد، ووافق عبد الناصر من حيث المبدأ رغم دهشته من حكاية حمام السباحة فى البيت، وعندما علم بأن التكلفة 4000 جنيه، رفض رفضا مطلقا وقال: عايزين أحفر حمام سباحة ب 4000 جنيه انسوا. وقد لاحظ مرة أن أحد أبنائه الصغار عبد الحميد أو عبدالحكيم يتحدث عن الناس اللى بتركب الأتوبيس، باعتبارهم ناس مختلفة عنه.فقرر جمال عبد الناصر أن يركب ابنة الأتوبيس طوال اليوم بصحبة أحد موظفى مكتبه الخاص، وذكرة بأن أبيه مجرد موظف، وأن جده موظف وساعى بريد.

هكذا ربى جمال عبد الناصر أولاده، لم يقل واحد منهم ولا مرة (أنت مش عارف أنا ابن مين) لم يتجاوز أحدهم لا فى حياة والده ولا بعد رحيله القانون.