عائشة نصار تكتب: 6 مسارح للجريمة | ليلة الرعب فى فيينا.. قتلى وجرحى بأسلحة رشاشة.. ومنفذ مؤيد لداعش

مقالات الرأي






ليلة لم تنم فيها فيينا!!.. عاصمة السحر والجمال تحولت فى ساعات معدودة فقط إلى بؤرة رعب وفزع مفاجئين.. سرقت الأضواء من هجمات الذبح والطعن فى نيس وباريس، بحفل إرهابى دموى مفتوح على الهواء مباشرة.. وصرفت أنظار العالم، ولو مؤقتًا، عن زخم الانتخابات الأمريكية وتغطياتها الإخبارية.

وذلك فى هجوم لم تشهد العاصمة النمساوية مثيلاً له منذ عقود، وأسفر حتى الآن عن 3 من القتلى بينهم امرأة، بالإضافة إلى أحد منفذى الهجوم، وكذلك 15 جريحًا بينهم ضابط شرطة 28سنة، إصابته خطيرة، فضلًا عن وجود مهاجم آخر على الأقل، لا يزال طليقًا بالبلاد، وفقًا للتصريحات الرسمية.

«نعيش ساعات صعبة».. جملة مقتضبة لخص بها المستشار النمساوى سيباستيان كورتس، حالة الصدمة والتأهب التى تعيشها النمسا، على إثر الهجوم الإرهابى المروع الذى ضرب الحى الأول، فى قلب العاصمة فيينا، وبدأ فى تمام الثامنة مساءً من شارع يضم المعبد اليهودى الشهير هناك، وبإطلاق النار على المطعم المواجه له، ليمتد بعد ذلك لخمسة مواقع أخرى متاخمة، أبرزها سوق اللحوم وسوق الخضراوات والفواكه، وأماكن التنزه من مطاعم وكافيهات.

ذلك أن الهجوم أيضًا قد استهدف ساعات الذروة، التى شهدت كثافة عالية من المواطنين، فى الليلة الأخيرة، قبل بدء إجراءات الحجر الصحى والإغلاق العام المرتبطة بكوفيد-19 والتى تضطر النمسا لإعادة فرضها، فى محاولة للسيطرة على الموجة الوبائية الثانية من انتشار فيروس كورونا.

ورغم وقوع الهجوم الإرهابى قرب المعبد اليهودى الكبير وسط العاصمة النمساوية، إلا أن رئيس الطائفة اليهودية فى فيينا أوسكار دويتش حرص على عدم القطع بأن المعبد هو المستهدف بالهجوم، فكتب على صفحته الشخصية على تويتر «حتى الآن، لا يمكن تحديد ما إذا كان المستهدف هو المعبد أم لا، خاصة أنه، والمكاتب المجاورة له كانوا مغلقين فى ذلك الوقت».

«الهجوم الإرهابى كان منظمًا وتم الإعداد له بعناية.. والمهاجمون محترفون للغاية».. تصريحات رسمية أعلنها المستشار النمساوى أيضًا عن مستوى الهجوم الذى هدد بلاده، فيما تزال خطورته مستمرة، مع وجود منفذين آخرين مسلحين، ومطلقى السراح، حتى هذه اللحظة.

وشهدت العملية إطلاق 50 عيارًا ناريًا من بنادق رشاشة، استخدمها المهاجمون، كما كشف وزير الداخلية النمساوى كارل نيهامر أن الإرهابى القتيل كان بحوزته منجل «سلاح أبيض»، كما ارتدى حزامًا ناسفًا، مزيفًا على الأرجح.

ووفقًا للأحداث الدامية فقد تحولت منطقة الحى الأول فى قلب العاصمة النمساوية فيينا، إلى منطقة أمنية مغلقة بالكامل، فى ظل حالة استنفار أمنى قصوى، والالتزام بإجراءات تفتيش محكمة، لملاحقة أية عناصر إرهابية هاربة.

وكان الوزير قد صرح لهيئة الإذاعة والتليفزيون النمساوية (أو.آر.إف): «استدعينا عددا من وحدات القوات الخاصة وهى تبحث الآن عن الإرهابيين المشتبه بهم، لم أقصر الأمر على منطقة معينة فى فيينا لأن الجناة يتنقلون».

وذلك بالتوازى أيضًا مع تعزيز عمليات الفحص والتفتيش على الحدود، وبدء مشاركة الجيش النمساوى فى عملية خاصة فى وسط فيينا لتولى حماية المرافق والمنشآت العامة بالعاصمة.

كما صدرت بيانات المناشدة للمواطنين، بتجنب المواصلات والأماكن العامة، تحسبًا لأى هجوم آخر وشيك، وكذلك إعلان الثلاثاء يومًا دراسيًا غير إلزامى، وأن التلاميذ ليسوا مضطرين للذهاب إلى المدرسة إذا كانوا هم أو آوباؤهم لا يريدون الذهاب للمدرسة.

وذلك فى الوقت الذى ناشدت فيه الشرطة المواطنين بعدم تداول الصور والفيديوهات لمواقع الهجوم على شبكات التواصل الاجتماعى حتى لا يتعرض أفراد خدمات الطوارئ للخطر.

وفيما لم تعلن أى جهة مسئوليتها رسميًا عن هجوم فيينا حتى الآن، إلا أن وزير الداخلية النمساوى قد كشف فى المؤتمر الصحفى للحادث، أن أحد المنفذين، ثبت أنه كان مؤيدًا ومتعاطفًا مع تنظيم «الدولة الإسلامية/ داعش».

كما نشر موقع سايت الأمريكى المهتم بأخبار الجماعات الإرهابية حول العالم، أن حسابًا إرهابيًا قد أعلن أن مايحث فى فيينا هو جراء مشاركة النمسا للولايات المتحدة الأمريكية، فى التحالف الدولى ضد الدولة الإسلامية».

وفى نفس الوقت ظهرت حسابات على «تويتر» تتوعد الشرطة النمساوية بهجمات أخرى.

وهو ما يعنى، فى حالة نسب هجوم فيينا لتنظيم داعش بشكل نهائى، إدراج العملية الإرهابية كأحد أبرز وأخطر الهجمات والعمليات التى نفذها منتمون للتنظيم، منذ إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، سقوط دولة الخلافة الداعشية فى سوريا والعراق فى 22 مارس 2019.

والهجوم الإرهابى «المتجول» فى شوارع فيينا، ببصمة مستوحاة على ما يبدو، من هجمات باريس 13 نوفمبر 2015، يأتى فى مناخ متوتّر للغاية تشهده أوروبا، وفرنسا خاصة لما يزيد على شهر، بدأ بتنفيذ متطرف باكستانى 18 عامًا هجومًا بالطعن، فى محيط المقر القديم لمجلة «شارلى إبدو»، ثم تصاعدت الأحداث، فى فى 16 أكتوبر، بقيام لاجئ شيشانى شاب فى باريس، هو عبدالله أنزوروف بذبح مدرس التاريخ الفرنسى صمويل باتى قرب باريس، وقطع رأسه انتقامًا منه لعرضه الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول على تلامذته أثناء درس عن حرية التعبير.

ثم أعقب ذلك هجوم آخر شهدته مدينة نيس فى جنوب شرق فرنسا، ونفّذه شاب تونسى يدعى إبراهيم العيساوى، ويبلغ من العمر 21 عاماً، بسلاح أبيض فى كنيسة نوتردام وأسفر عن ثلاثة قتلى بينهم امرأة تم قطع رأسها أيضًا.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تضامنه الكامل مع النمسا بعد الاعتداء الذى ضرب فيينا مساء الاثنين، مغردًا على تويتر: «نحن، الشعب الفرنسى نتشارك الصدمة والألم مع الشعب النمساوى بعد الاعتداء الذى ضرب هذا المساء قلب العاصمة فيينا».

وتابع الرئيس الفرنسى «بعد فرنسا، الآن يُهاجم بلد صديق.. إنها قارتنا الأوروبية، يجب على أعدائنا أن يدركوا من يواجهون.. لن نخضع ولن نستسلم».