خالد المفلحي لـ "الفجر": المجتمع الدولي يتعامل مع الأزمة اليمنية وفقًا لمصالحه الخاصة.. واتفاق الرياض ليس حلاً نهائياً (حوار)
◄ إيران دعمت مليشيا لوجستياً وعسكريًا وماديًا وساعدتها في تحقيق الانقلاب
◄ الأطماع الفارسية لإيران ظهرت من خلال تبنيها جماعة الحوثي
◄المجتمع الدولي يتعامل مع الأزمة اليمنية وفقًا لمصالحه الخاصة
◄ميلشيا الحوثي لم تحرق المنازل فقط وإنما استخدمت كل وسائل القمع
◄ناقلة صافرة قنبلة بيئية موقوتة ممكن أن تنفجر في أي لحظ
◄ اتفاق الرياض ليس حلاً نهائياً بحد ذاته وإنما مرحلة من مراحل التفاوض السياسي
◄ الأزمة اليمنية يكمن أولاً في الاعتراف بمظلومية الجنوبيين وحقهم القانوني في تقرير مصيرهم
قال الإعلامي والمحلل السياسي اليمني خالد المفلحي، منذ اندلاع الأزمة اليمنية ظهرت بوضوح الأطماع الفارسية لإيران في جنوب شبه الجزيرة العربية وذلك من خلال تبنيها لجماعة الحوثي ذات التوجه الزيدي المتطرف والذي يتقارب مع المنهج الشيعي الأثنى عشري المرتكز على مبدأ ولاية الفقيه.
وأضاف في حوار خاص لـ"الفجر"، بأن المجتمع الدولي يتعامل مع الأزمة اليمنية وفقًا لمصالحه الخاصة، كما أن بعض الدول لديها ارتباطات ومصالح مباشرة مع قوى النفوذ الشمالية التي تحكمت بموارد وثروات البلاد لمدة ثلاثة عقود وبالتالي فإن هذه الدول لا تود أن تفقد مصالحها المباشرة مع هذه القوى سواء فيما يخص قطاعي النفط والغاز أو فيما يخص بقية الموارد الاخرى مثل الذهب والجرانيت والثروة السمكية أو حتى بالنسبة لحركة الملاحة البحرية.
وإليكم نص الحوار:-
◄ كيف ترى تعامل المجتمع الدولي مع الأزمة اليمنية؟
المجتمع الدولي يتعامل مع الأزمة اليمنية وفقًا لمصالحه الخاصة ،بعض الدول لديها ارتباطات ومصالح مباشرة مع قوى النفوذ الشمالية التي تحكمت بموارد وثروات البلاد لمدة ثلاثة عقود وبالتالي فإن هذه الدول لا تود أن تفقد مصالحها المباشرة مع هذه القوى سواء فيما يخص قطاعي النفط والغاز أو فيما يخص بقية الموارد الاخرى مثل الذهب والجرانيت والثروة السمكية أو حتى بالنسبة لحركة الملاحة البحرية حيث يعتبر ميناء عدن من أهم الموانئ في العالم لذلك كله فإن الدول الكبرى لا تتفاعل مع القضية الجنوبية بمنظور الاستحقاق والعدالة وإنما وفق رؤيتها وأمنها الاستراتيجي ومصالحها الاقتصادية المباشرة.
◄ ماذا عن التدخلات التركية والإيرانية في اليمن؟
منذ اندلاع الأزمة اليمنية ظهرت بوضوح الأطماع الفارسية لإيران في جنوب شبه الجزيرة العربية وذلك من خلال تبنيها لجماعة الحوثي ذات التوجه الزيدي المتطرف والذي يتقارب مع المنهج الشيعي الأثنى عشري المرتكز على مبدأ ولاية الفقيه.
وعلى ذلك قامت إيران بدعم الحوثيين لوجستياً وعسكريًا وماديًا وساعدتها في تحقيق الانقلاب على نظام صنعاء والسيطرة الكاملة على أغلب المناطق الشمالية. وقد كان الهدف من ذلك هو خلق ذراع إيرانية في جنوب الجزيرة العربية تحاصر بها دول الخليج بشكل عام والسعودية بشكل خاص وذلك بعد أن اكتملت السيطرة على العراق وسوريا ولبنان في الشمال هذا بخلاف الأطماع الإيرانية في السيطرة على حركة الملاحة الدولية من خلال مضيق باب المندب الذي يعتبر شريان رئيسي يربط الشرق بالغرب، ومن ناحيتها لم تخفِ تركيا رغبتها بالسيطرة على هذه المنطقة الحيوية من العالم أولاً من خلال استضافتها لرموز الإصلاح الإخوانية التي فرت الى انقرة وإسطنبول محملة بثروات الشعب الجنوبي والذي دأبت على سرقة موارده بطريقة ممنهجة لأكثر من ثلاثة عقود.
◄ كيف ترى نهج مليشيا الحوثي في حرق المنازل ولماذا التصعيد من قبل الحوثي؟
ميلشيا الحوثي لم تحرق المنازل فقط وإنما استخدمت كل وسائل القمع المعروفة وغير المعروفة في سبيل إحكام سيطرتها ونفوذها على كل المناطق الشمالية وتثبيت انقلابها على سلطة صنعاء واستبدال النظام الجمهوري بنظام عقائدي كهنوتي مقيت يعيد الشمال إلى ما قبل ثورة سبتمبر ١٩٦٢، وفي سبيل ذلك قامت بالاغتيالات السرية والعلنية والاعتقالات التعسفية للذكور والنساء ودون مسوغات قانونية مع انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان من تعذيب واغتصاب، كذلك فجرت منازل المعارضين وحجزت الصحفيين ، ومنعت حرية التعبير وحرمت الأطفال من حقهم في التعليم واستخدمتهم بكل همجية في ساحات القتال وفرضت سياسات العقاب الجماعي للمناطق المتمردة أو التي لم تعلن خضوعها بشكل كامل لإرادة الحوثيين مثل مناطق تعز والبيضاء ومأرب.
◄ ماذا عن ناقلة صافر المحتجزة لدى الحوثي وما وراء ذلك؟
ناقلة صافرة هي قنبلة بيئية موقوتة ممكن أن تنفجر في أي لحظة مع التهالك الشديد في خزاناتها وحالة الصدأ التي باتت تنخر في جسدها المتآكل مما قد يتسبب في كارثة إقليمية للمحيط البحري وكذلك حتى على المستوى الاقتصادي لإن هناك الكثير من المواطنين يعتمدون في دخلهم الأساسي على امتهان الصيد كمصدر رزقهم الوحيد بالإضافة إلى كون قطاع الثروة السمكية يمثل إحدى المصادر الرئيسية للثروة في البلد بشكل عام وأي إضرار بالبيئة البحرية خاصة في ظل عدم الاستقرار وغياب الدولة المركزية من الممكن أن يؤدي الى عواقب وخيمة لا يمكن حصرها.
◄المسؤولية
المسؤولية في ذلك تقع على عاتق الحوثيين الذين يرفضون أي مجهودات لتقويض المشكلة أو السماح بأي تدخل دولي لتقديم العون والمساعدة لمحاولة ترميم الخزان أو صيانته أو على أقل تقدير السماح بتفريغ حمولته مما يثير عدة تساؤلات حول الرغبة الحقيقية لدى الحوثيين لابقاء الموضوع كإحدى وسائل الضغط على المجتمع الدولي ولو كان ذلك على حساب المواطن المحلي.
◄ كيف ترى الوضع في حالة اتمام نجاح اتفاق الرياض؟
كمبدأ عام اتفاق الرياض ليس حلاً نهائياً بحد ذاته وإنما مرحلة من مراحل التفاوض السياسي ترعاها دول التحالف العربي بقيادة السعودية بقصد توحيد الجهود العسكرية والسياسية للمجلس الانتقالي (حامل لواء القضية الجنوبية) والمسيطر على عاصمة المناطق المحررة عدن من ناحية والشرعية التي تحتفظ بمناطق السيطرة على المحافظات الجنوبية الغنية بالثروة وهي شبوة وحضرموت من ناحية أخرى ضد الانقلابيين الحوثيين الذين يبسطون سيطرتهم على كل المناطق الشمالية بما فيها العاصمة صنعاء.
الاستراتيجية العامة تقضي بالبحث عن حل سياسي شامل يجمع أطراف النزاع الثلاث في مفاوضات الحل النهائي وذلك استناداً للمرجعيات الثلاث وهي مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرار الأمم المتحدة ٢٢١٦، ولكن للأسف أذرع الإخوان من خلال حزب الإصلاح ما يزال يتحكم في قرار الشرعية وهو في الوقت الحالي يدرك تماماً أنه الحلقة الأضعف في ظل الخسائر العسكرية المتلاحقة في كل جبهات القتال سواء على صعيد الشمال أو الجنوب. لذلك ليس من مصلحة حزب الإصلاح توقيع أي تسوية سياسية في المرحلة الحالية ويسعى بشكل متواصل لعرقلة الأمور ووضع المطبات واختلاق الذرائع المتواصلة لافشال أي اتفاق.
◄ كيف ترى دور الأمم المتحدة في التعامل مع الملف اليمني؟
دور الأمم المتحدة في التعامل مع الأزمة اليمنية دور ضعيف وعلى استحياء سواء من خلال المبعوث الأممي الحالي مارتن جريفيثس أو من سبقوه مثل اسماعيل ولد الشيخ أو جمال بن عمر وليست هناك بوادر حقيقية للتعامل بحزم مع هذه الميليشيا المتمردة التي أدخلت البلد بشكل عام في حالة حرب لم تتوقف منذ ٦ أعوام ونكلت بالشعب من خلال الاغتيالات والاعتقالات والتعذيب بالسجون وأضرت بالاقتصاد الوطني وتسببت بانهيار العملة مما أدى إلى تشريد آلاف الأسر، ورغم ذلك لم يزد دور الأمم المتحدة عن مجرد تقديم بعض المساعدات الطبية والعذائية من حين لآخر ورعاية مفاوضات سلام فاشلة في ستوكهولم وبروكسل وجنيف في مجملها كانت تسير في مصلحة الحوثيين.
◄ ماذا عن حل الأزمة اليمنية؟
حل الأزمة اليمنية يكمن أولاً في الاعتراف بمظلومية الجنوبيين وحقهم القانوني في تقرير مصيرهم الذي تكفله كل المبادئ والقوانين والأعراف الدولية.
ويجب أن يفهم المجتمع الدولي أن الجنوب العربي كان دولة مستقلة ذات سيادة قبل تاريخ ٢٢ مايو ١٩٩٠ وذهب إلى الوحدة بمحض إرادته وهذه الشراكة انتهت بغزو شمالي عسكري أدى الى ضم الجنوب إلى الشمال بالقوة وتم اعتبار أرض الجنوب غنيمة حرب ومن بعدها عاث النظام الشمالي فسادًا وإفسادًا واستباح الأرض والعرض والمواطن فبات الجنوبيون غرباء في بلدهم، تردت الخدمات وضاعت الحقوق وتم طمس الهوية الجنوبية بطريقة ممنهجة وتم نهب كل ثروات الجنوب التي تمثل أكثر من ٧٠ في المئة من إيرادات الجمهورية اليمنية لصالح المتنفذين الشماليين وبقايا نظام صالح، لذلك يجب العودة إلى مفاوضات الحل النهائي بين أطراف النزاع الثلاث وهي الحوثيين والإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي وذلك على آلية حق تقرير المصير لأبناء الجنوب لإن القضية الجنوبية هي لب النزاع الحاصل في اليمن بشكل عام والجنوبيون ليسوا على استعداد للبقاء في إطار وحدة مزعومة مفروضة عليهم بالقوة. والحرب مهما طال أمدها فإنها لن تنتهي طالما لم يحصل الجنوبيون على حقهم الشرعي في استعادة ثرواتهم وحقوقهم المسلوبة وأرضهم المستباحة.