تمسكت بحلمي وتحديت الصعاب.. أصغر كابتن طيار في مصر تروي رحلة كفاحها
لم يعد هناك شك فى أن الفتاة المصرية، قادرة على تحمل المسؤولية، تشارك فى شتى المجالات، وتحقق نجاحات تغير نظرة المجتمع بأسره إليها، بعدما كان يُنظر إليها على أنها عاجزة عن تحقيقها، غير أنها أبت إلا أن تثبت للجميع أنها جديرة بخوض غمار المنافسة، جنبا إلى جنب مع الرجال، من منطلق حرصها على أن تكون فى مقدمة الصفوف، وأن تكسر الجمود الذى طالما اكتنف المرأة، وأعاق عملها بزعم أن العمل للرجال، ووأد أحلامها فى أن تصبح ذات مكانة فى مجتمعها.
فالفتاة والمرأة المصرية، التى لا تزال على عهدها فى أن تتبوأ مقاعد الرجال، سعيا وراء خدمة بلدها، حظيت فى الآونة الأخيرة باهتمام رئاسى، وتأييد من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى كان وما زال يقف داعما للمرأة، وخصوصا الفتيات من جيل الشباب، ممن تبوأن مقاعد برلمانية وقضائية ووزارية، حتى تلك الفتيات اللاتى عملن عمل الرجال، كان لهن نصيب فى تأييد الرئيس ودعمه لهن، حتى تستطيع كل واحدة منهن استكمال مسيرة النجاح التى كانت قد بدأته.
وربما كان الأمر غريبا، إذا أخبرك أحدهم بأن هناك فتاة تقود طائرة، لكن الأمر لم يعد كذلك، إذ إن الفتاة المصرية نورين وائل، استطاعت أن تغير تلك الفكرة، حين أصبحت أصغر كابتن طائرة فى مصر.
لم تكن نورين وائل، تكتفِ بأن تعيش فى حلم فقط، لكنها قررت أن تحول الحلم إلى واقع وحقيقة، فى أن تصبح كابتن طيار، وبذلت فى سبيل ذلك الكثير والكثير من الجهد.
وتروى نورين وائل قصتها، فتقول: "لم أكن أعرف أننى أصغر قائدة طائرة فى مصر، حتى أخبرنى بذلك معلمى ومدربى الطيران فى الأكاديمية بعد تخرجى"، مضيفة: "لقد بدأت قصتى وأنا فى الصف الأول الإعدادى، عندما قررت أن أصبح كابتن طيار، فقد كنت أستقل طائرة برفقة عائلتى، فى طريقنا إلى السعودية لأداء مناسك العمرة، وقتها لم أكن أحب الطيران، ولا السفر به، لكننى عندما رأيت مشهد صعود الطائرة، وجمال وإبداع الخالق فى كونه الذى تكشف أمامى، عندها فاجأت والدى برغبتى فى أن أصبح طيارا".
وأضافت نورين وائل: "رحب والدى بالفكرة، فقد كان يحلم بأن يكون طيارا، لكن زملائى فى المدرسة عندما علموا برغبتى فى دخول مجال الطيران، ما كان منهم إلا أن سخروا من الفكرة، بحجة أنه مجال عمل الرجال فقط وبالتالى فإنها لن تستطيع تحقيق ذلك، كما لن تستطيع العمل فى مجال الطيران"، معقبة: "على الرغم من المشكلة التى أوقعونى فيها، التى تمثلت فى عدم الثقة بالنفس، والخوف من كل شىء، إلا أننى لم أهتم بما رددوه، وتمسكت بحلمى أكثر وأكثر، قررت مع والدى أن نواجه هذه المشاكل، وأن نعمل على بعض التضحيات لتحقيق هذا الحلم، رغم ما واجهته من عدم تقبل بعض ممن حولى أن تعمل فتاه ككابتن طيار، وكذلك كانت هناك أيضا بعض العقبات المادية نظرا لتذبذب الأسعار بعد عمليه التعويم".
وتابعت نورين وائل: "تخرجت من المدرسه عام 2018، وقتها كنت أبلغ من العمر 17 عاما، وتقدمت بأوراقى للالتحاق بالأكاديمية المصرية لعلوم الطيران، وكانت من بين أكبر المشكلات التى واجهتنى، عدم قبولى بعد إجراء رسم المخ، الذى كان من بين الاختبارات الطبية التى خضعت لها أثناء التقدم للالتحاق بالأكاديمية، لكننى بعد أسبوعين، وُفقت فى الاختبار، وبدأت الدراسة فى سبتمبر 2018، وفى أول يوم دراسى، فوجئت بأننى البنت الوحيدة برفقة 29 ولدا، كنت متخوفة مما أنا فيه، لكننى مع بداية الدراسة بدأت أتقبل الوضع شيئا فشىء".
وأكدت نورين وائل: "كان من المفترض أن تنهى دراستى بعد 12 شهرا، إلا أننى أنهيتها فى 9 أشهر فقط، وكنت الطالبة الوحيدة فى الدفعة المكونة من 30 طالب، فتخرجت يوم 27 يونيو عام 2019، وكنت أبلغ من العمر 18 عاما، هذا اليوم الذى وافق ذكرى وفاة جدى اللواء طيار محمد وجيه، الذى كان قائدا بالقوات الجوية، فقلت فى نفسى مثلما كان يوم وفاة طيار سيكون ميلاد طيار آخر".
وقالت: "بعد تخرجى من الأكاديمية، كنت متحمسة جدا للعمل، فتقدمت لعدد من الشركات، إلا أن فيروس كورونا أوقف كل شىء، فكان على مواجهة تحدٍ جديد، والاختيار من بين التسليم بالوضع والبقاء فى المنزل، أو البحث عن عمل يتوافق مع دراستى، وبالفعل وجدت عملا فى مركز لمحاكاة الطيران للمدنيين للترفيه، وقبلت العمل فيه واعتبرته نوعا من التدريب اليومى حتى أحقق حلمى الأكبر، فى العمل بشركة مصر للطيران، وأن أصبح مصدر إلهام للفتيات، وأن أرفع اسم بلدى عاليا".