عائشة نصار تكتب: «شارلى إبدو»..عملية إرهابية بـ7 أرواح
تحالف فيها داعش والقاعدة.. وحرض عليها الإخوان.. و«تتابعت» لأكثر من ٥ سنوات ونصف
مع تصاعد وتيرة الأحداث، وذبح المدرس الفرنسى صمويل باتى، وما أعقبه من انتقام دام بطعن فتاتين من أصل جزائرى قرب برج إيفل، ثم ضجة واسعة فى العالمين العربى والإسلامى، يتأكد الآن تصنيف هجوم «شارلى إبدو»، كعملية إرهابية شديدة التفرد والخصوصية بين مثيلاتها فى الغرب.
وذلك من عدة أوجه، أبرزها تجاوز حدود الأحداث الإرهابية النمطية، إلى نطاق شعبوى ودينى يجرى استغلاله سياسيًا من عدة أطراف دولية، وتتشابك فيها مصالح التنظيمات الإرهابية مع دول تحترف الترويج لنفسها برفع راية الإسلام فى العالم، وبوصفها مقر الخلافة الجديدة.
المذبحة الدموية التى جرت وقائعها الإرهابية بين أروقة الصحيفة الفرنسية الساخرة وانتهت بقتل صحفييها قبل خمس سنوات ونصف السنة بالكامل، تتحول الآن إلى حادث «رمزى»، يروج له بأنه تجسيد للصدام بين الإسلام وحرية التعبير المطلقة.
وهى لحظة شديدة الخطورة تستثمر فيها التنظيمات الإرهابية، مشاعر الغضب لدى قطاعات كبيرة فى العالم الإسلامى الآن، ومن ثم تصوير ما يحدث بأنه أزمة مشتركة، تبرر العمليات الإرهابية ضد الغرب بوصفه «المتربص بالإسلام، المسىء لنبيه الكريم».
بين الهجمات والحوادث الإرهابية فى العالم أيضًا تبرز «شارلى إبدو» كعملية إرهابية متسلسلة، بدأت بهجوم دامٍ كبير أعقبه عدة هجمات أخرى متفرقة، ومرتبطة جميعًا ببعضها البعض.
كانت الشرارة الأولى، بالرسوم الكاريكاتورية التى نشرتها مجلة دنماركية عام2005، وقررت صحيفة شارلى إبدو الفرنسية الساخرة، إعادة نشرها عام 2015.
وترتب عليها هجومً نفذه الأخوان شريف وسعيد كواشى على مقر الصحيفة، وفى تمام الساعة الـ11 صباحًا، 7يناير 2015، اقتحما كواشى ملثمين، أثناء إجتماع مجلس تحرير الصحيفة وبدآ بإطلاق النار من أسلحة كلاشينكوف، وأسفر الهجوم المروع عن مقتل 12 شخصاً بالكامل وإصابة 11 آخرين، تواجدوا فى مقر «شارلى إبدو» فى ذلك التوقيت، ثم فرا هاربين.
غير أن العملية لم تنته عند هذا الحد من جانبه نفذ الشريك الثالث فى العملية، أميدى كوليبالى (32 عاما) دوره، بقتل شرطية فى حى مونروج بباريس، ثم بالهجوم على متجر يهودى بحى فانسان فى الدائرة العشرين الباريسية، وقتل 4 من الرهائن، واحتجز آخرين نظير إطلاق سراح الأخوين كواشى المحاصرين آنذاك من قبل الشرطة فى مطبعة بالقرب من باريس.
لتكتشف المفاجأة الكبرى.. العملية الإرهابية المتسلسلة، هى عملية مشتركة بين تنظيمى داعش والقاعدة، فى سابقة تمنحها تفردًا خاصًا.
وقبل أن يلقى حتفه على يد القوات الأمنية الفرنسية ببضع ساعات، أكد شريف كواشى (32 عاما) انتماءه إلى جناح تنظيم القاعدة فى اليمن خلال اتصال هاتفى معه انفردت به القناة التليفزيونية الفرنسية «بى أف أم» الخاصة.
أما أميدى كوليبالى فقد أعلن انتماءه لتنظيم «الدولة الإسلامية /داعش» وأكد أن العملية التى قام بها بالتنسيق مع كواشى لتنفيذ الاعتداء الدموى على صحيفة شارلى إبدو.
لكن بالإعلان عن بدء محاكمة «شارلى إبدو» التى شهدتها باريس 2 سبتمبر الماضى، والمقرر استمرارها حتى العاشر من نوفمبر المقبل، فقد تم توجيه الاتهامات لـ14 شخصًا بالتورط فى الهجمات «بنسب متفاوتة»، وبتقديم المساعدات اللوجيستية وتوفير الأسلحة والسيارات للإرهابيين الثلاثة.
ومع الإعلان عن موعد المحاكمة اتخذت صحيفة «شارلى إبدو» قرارها بإعادة نشر نفس الرسوم، سبب الأزمة، مرة أخرى، ماترتب عليه غضب فى عدة أوساط، وتحريض علنى على تنفيذ هجمات ردًا على الإساءة للرسول الكريم.
كما وجه الداعية الإخوانى الموريتانى محمد حسن ولد الددو، المدعوم من الإخوان وتركيا، المسلمين لكى يتحركوا ضد جريدة شارلى إبدو الفرنسية التى أعادت نشر الصور المسيئة للرسول.
فى تلك الأثناء، كشفت ماريكا بريت،مديرة الموارد البشرية فى صحيفة شارلى إيبدو الفرنسية الساخرة من منزلها عن تلقيها تهديدات بالقتل، وأن التهديدات كانت جدية بشكل كاف للتعامل معها بحذر.
ليتصاعد الأمر بقيام شاب باكستانى 18 عامًا بتنفيذ هجومه الإرهابى على المقر السابق للصحيفة الفرنسية، التى انتقلت إلى مقر جديد سرى، وضرب شخصين بساطور، وهو يهتف «الله أكبر».
ثم وصولًا إلى الفاجعة الأكبر بتوجه اللاجئ، الشيشانى الأصل روسى الجنسية، عبد الله أبوزيدفيتش أنذوروف 18 عامًا، إلى صمويل باتى مدرس مواد التاريخ والجغرافيا فى إحدى المدارس التكميلية، فى مدينة كونفلان سانت هونورين، وذبحه وقطع رأسه فى الشارع، بدعوى أنه أظهر رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبى، أثارت حفيظة عدة تلامذة وأهلهم، ثم نشر صورة رأس باتى المقطوعة على إنستجرام، بإهداء «إلى الخلافة الإسلامية» ومرفقة برسالة صوتية باللغة الروسية، يتبنى فيه عمليته الإرهابية ويقول فيها إنه «يتحضر ليموت شهيدًا» وأنه قتل المدرس الفرنسى «انتقاما للنبى محمد»لأن صمويل باتى «أظهره بشكل مشين»، طالبًا من «إخوته» أن «يصلوا له لعل الله يقبل شهادته».
ليظهر بعد ذلك أن أنذوروف كان على تواصل مع روسى متواجد فى سوريا، وينتمى لتنظيم داعش، وأن الأخت غير الشقيقة لأحد المتورطين معه فى العملية الإرهابية، سبق أن نجحت فى الهروب إلى سوريا والتحقت بتنظيم داعش.
وذلك فى عملية إرهابية متسلسلة وممتدة عبر عدة سنوات تحالف فيها داعش مع القاعدة، فى سابقة من نوعها، كما حرض عليها الإخوان.