كلمة بطريرك الموارنة في افتتاح الرياضة السنوية للمطارنة
ألقى صاحب الغبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك الموارنة، كلمة في افتتاح الرياضة السنوية للسادة المطارنة، والتي تقام في الفترة من الحادي والعشرين من شهر أكتوبر الجاري، وحتى الرابع والعشرين من الشهر ذاته، وجاء في كلمته:
"إخواني السادة المطارنة الأجلّاء
الآباء الأجلّاء،
١- إذ أرحّب بكم جميعًا، نشكر الله على أنّه يجمعنا بعنايته على الرغم من وباء كورونا المتفشّي في الكرةِ الأرضيّة، الّذي يحصد الضحايا البشريّة، ويشلّ الحياة العامّة الاقتصاديّة والتجاريّة والتربويّة والتعليميّة؛ ويتسبّب في ازدياد أعداد الفقراء والجياع والمحرومين من العيش الكريم والعاطلين عن العمل. فنحن وشعبنا، بل كلّ شعوب الأرض، نرفع الصلوات كي ينجّينا الله من هذا الوباء، ويرحمنا، ولا يتركنا في وسط أمواج بحر عالمنا الهائج برياحه السياسيّة والاقتصاديّة والماليّة والصحيّة.
٢- ونتألّم لغياب أخوين عزيزين سبقانا إلى بيت الآب، بعد دورة السينودس المقدّس في يونيو ٢٠١٩، وهما المثلّث الرحمة المطران كميل زيدان، رئيس أساقفة إنطلياس المنتقل بتاريخ ٢١ أكتوبر ٢٠١٩، والمثلّث الرحمة المطران يوسف بشارة، رئيس أساقفة إنطلياس السابق في ٩ يونيو ٢٠٢٠. فلنصلّ الأبانا والسلام والمجد لراحة نفسيهما، ولكي يعوّض على إبراشياتنا والكنيسة برعاةٍ صالحين.
٣- نرحّب معًا بقدس الأب مالك بو طانوس، الرئيس العام السابق لجمعيّة المرسلين اللبنانيّين الموارنة، الّذي يقود تأمّلات هذه الرياضة مشكورًا، وقد اختار موضوع "ثورة التطويبات". نأمل أن تؤتي الرياضة ثمارها الّتي تبدأ بثورة على الذات، بحسب مفهوم لفظة توبة في الكتاب المقدّس:meta-noia.
٣- ونوجّه تحيّة أخويّة مع أطيب الدعاء إلى إخواننا السادة المطارنة الّذين لا يتمكنّون من المشاركة لأسباب صحيّة أو لتقدّم في السن وهم المطارنة الأجلّاء: يوسف حتّي، وبطرس الجميّل، وعاد أبي كرم، ويوسف مسعود؛ والذّين اعتذروا عن عدم المشاركة في الرياضة فقط: المطران بولس إميل سعادة؛ وعن عدم المشاركة في الرياضة وأعمال السينودس المقدّس المطارنة جورج أبي يونس، وبولس منجد الهاشم، وفرنسوا عيد ومارون ناصر الجميّل لأسباب صحيّة طارئة.
٥- الرياضة الروحيّة حاجة لنا جميعًا، كأفراد وجماعة، لسببين أساسيين: الأوّل، لأنّها وقفة وجدانيّة أمام الله، تحت نظر المسيح الرب، الكاهن الأسمى، وراعي الرعاة، والراعي الصالح، لكي يقرأ كلّ واحدٍ منّا حياته وتصرّفاته وممارسته لسلطان الرعاية، على ضوء المثال والقدوة اللذين يقدّمهما لنا بشخصه يسوع المسيح.
الثاني، لأنّها تشكّل مناسبة فريدة لعيش فرح الأخوّة، واختبار التفكير معًا، على هدي أنوار الروح القدس، وتداول الشؤون المطروحة بروح المسؤوليّة والصراحة والتجرد وسريّة الأمور المتداولة لجهة المواضيع والأشخاص.
من أجل هذين السببين، تتمحور الرياضة حول الصلاة والتأمّل والصمت، حاملين معنا حاجات أبناء إيبارشياتنا، وهمومهم وقلقهم، وبخاصة أبنائنا في لبنان الذين يعانون من الضائقة الاقتصادية والمالية والمعيشية الخانقة، المتأتية من الأزمة السياسية المزمنة، ومنذ سنة من الأزمة الحكومية، وفوق ذلك جائحة كورونا التي تشلّ كل حركة. وكانت الذروة في انفجار مرفأ بيروت في الرابع من شهر أغسطس الماضي، فدمّر نصف العاصمة الذي يسكنه المسيحيون. ومما زاد من آلام المنكوبين، من أهالي المائتي قتيل والسبعة المفقودين، والخمسة ألاف جريح، ومن تدمير البيوت والمؤسسات العامة والخاصة وكنائس ومدارس ومطرانيات وسواها، غيابُ المسؤولين في الدولة، وكأن شيئًا لم يكن. فلا بدّ هنا من شكر الدول التي سارعت وأرسلت مساعدات متنوّعة، والمؤسسات الإنسانية، وإيبارشياتنا في الداخل وفي بلدان الانتشار. هؤلاء جميعًا نحملهم في صلاتنا. وخلال الأسبوع المقبل سنتدارس كيفية تفعيل خدمة المحبة الاجتماعية.
٦- نختتم الرياضة صباح السبت باحتفالين لهما ميزتهما الروحيّة والكنسيّة: الاحتفال بالمصالحة الجماعيّة، لأنّنا بخطايانا الشخصيّة نسيء، ليس فقط إلى الله، بل وإلى الكنيسة والجماعة أيضًا. فإذ نتوب عن خطايانا نتصالح مع الله والجماعة؛ والاحتفال بتبريك الميرون، وهو علامة الشركة والوحدة في كنيستنا. ولهذا السبب نقلناها من خميس الأسرار إلى انعقاد دورة السينودس.
نسأل الله، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، وأبينا القدّيس مارون، أن يبارك رياضتنا ويجعلها مثمرة، لمجده تعالى وتقديس نفوسنا وخير الكنيسة".