5 عوامل وراء نجاح الاستراتيجية الإماراتية في مواجهة "كورونا"
أكد مدير إدارة الأزمات والكوارث بالقيادة العامة لشرطة أبوظبي العقيد أحمد ناصر الكندي، أن تعامل دولة الإمارات مع أزمة "كورونا" بشفافية مطلقة وموثقة بالأرقام، كان له أفضل الأثر في حماية المجتمع وضمان سلامته إلى حد كبير ، لافتاً إلى أن نجاح الدولة في إدارة هذه الكارثة، وضعها على رأس الدول الأكثر أماناً في إدارة الأزمات والكوارث والطوارئ.
وأوضح الكندي، خلال محاضرة نظمها مساء
أمس، مكتب شؤون المجالس في ديوان ولي عهد أبوظبي، أن الاستراتيجية الإماراتية في
إدارة أزمة كورونا، اعتمدت على خمسة عوامل، أبرزها تأهيل العنصر البشري على كافة
المستويات، ثم التركيز على مفهوم إدارة البنى التحتية الحيوية وسن التشريعات ذات
الصلة، بالإضافة إلى توظيف أحدث النظم والتطبيقات واستقطاب الخبرات ذات الكفاءة.
وتفصيلاً، أفادت القيادة العامة لشرطة
أبوظبي، بأن دولة الإمارات تعمل بتوجيهات
من قيادتها الرشيدة وفق رؤية استراتيجية تدرك أهمية التفاعل المرن والفعال مع
معطيات البيئة السائدة، حيث تقود أول مبادرة في المنطقة العربية بالتعاون مع الأمم
المتحدة، تهدف إلى تقليل عدد الخسائر في الأرواح بسبب الكوارث والأزمات وتحديد
الأعمال والاستثمارات من خلال الوعي بالمخاطر وتطوير بنية تحتية قادرة على الصمود
أمام الكوارث، والحث على التنمية الواعية بالمخاطر من خلال تشجيع ودعم القطاعين
العام والخاص لوضع سياسات وممارسات للحد من المخاطر .
جاء ذلك خلال محاضرة عن بُعد بعنوان
"جهود الدولة في الحد من الكوارث" نظمها مكتب شؤون المجالس في ديوان ولي
عهد أبوظبي، مساء أمس، ألقاها مدير إدارة الأزمات والكوارث بالقيادة العامة لشرطة
أبوظبي العقيد أحمد ناصر الكندي، استعرض خلالها آليات تعامل الدولة مع الأزمات
الناجمة عن الكوارث والطوارئ، ولاسيما المتعلقة بجائحة "كورونا".
وتطرقت المحاضرة إلى أربعة محاور
رئيسة، هي "البعد التاريخي لليوم العالمي للحد من مخاطر الكوارث، أهمية
التخطيط المسبق والاستعداد للتعامل مع الكوارث، الجهود الوطنية والمحلية للحد من
تأثير المخاطر، دور القيادة العامة لشرطة أبوظبي في دعم المسؤولية المجتمعية في
مواجهة الكوارث والقدرة على الاستجابة".
وأكد الكندي خلال المحاضرة أن الجمعية
العامة للأمم المتحدة حددت يوم 13 أكتوبر ليكون اليوم العالمي للحد من مخاطر
الكوارث لتعزيز الثقافة العالمية في هذا المجال، لافتاً إلى أن هذا اليوم يعد فرصة
للاعتراف بالتقدم الذي أحرزته الدولة نحو الحد من مخاطر الكوارث والخسائر في
الأرواح وتقليل أثارها وسبل العيش والصحة بما يتماشى مع إطار "سينداي"
للحد من مخاطر الكوارث (2015 – 2030)، والذي تم اعتماده في المؤتمر العالمي الثالث
للأمم المتحدة بشأن الحد من مخاطر الكوارث الذي عقد في اليابان في مارس 2015.
وقال الكندي: "لابد من الإشارة
إلى أن العالم يتعرض اليوم إلى مخاطر كبيرة وبشكل مستمر تهدد البشرية وتهدد أسباب
الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ويلاحظ منذ بداية القرن الحادي والعشرين، أن
استمرار الكوارث لم يتوقف أو يهدأ، وكان آخرها اجتياح وباء كورونا للعالم في الوقت
الراهن، والكل بمختلف إمكاناته يكافح هذا الفيروس الشرس في معركة بقاء، كونه أثر
على مسيرة الحياة وعطّل عجلة الإنتاج، وقد لا تنتهي الكوارث عند هذا الشكل المقلق،
لكن ما يهم هو ضرورة إعلاء حالة التكاتف والتعاون والتجاوب الإنسانية للتخفيف من
أثار الكوارث ووضع الخطط والتنبؤات اللازمة لمواجهتها".
مراحل الأزمة
وأضاف: "يمكن تجنب العديد من
الكوارث، أو على الأقل التقليل من أثارها إذا كانت هناك استراتيجيات مسبقة للحد من
المخاطر وتجنب خلق مستويات جديدة منها"، موضحاً أن "الطوارئ
والأزمات" تمر بثلاث مراحل، الأولى ما قبل الأزمة، والتي تعنى بالاستعداد
والجاهزية، والثانية، حدوث الأزمة، وهي مرحلة الاستجابة والتعامل مع الأزمة، بينما
المرحلة الأخيرة، هي ما بعد الأزمة، والتي تعرف بــ"التعافي".
ولفت إلى أن "الكارثة" تتميز بثلاثة
عناصر، أولها المفاجأة، والثاني ضيق الوقت، والثالث الارتباك أو العشوائية في
إدارتها، منوهاً إلى أنه من خلال وضع استراتيجية مسبقة يتم مراعاة هذه العناصر،
عبر تركيز كافة الجهود على مواجهة المخاطر الناجمة عن الكارثة واستيعابها
واحتوائها للحد من تداعياتها وتنسيق الجهود وخاصة جهود التعافي المرافقة ضمن الوقت
المناسب وبأقل الخسائر.
ونوّه إلى أن ما يتعرض له العالم بأسره
حالياً يؤكد أنه لا يوجد أحد يستطيع أن يكون بمنأى عن الكوارث أو الأزمات الناجمة
عنها، مشيراً إلى أن هذا الأمر يتطلب المراجعة الدقيقة للاستعدادات والخطط
القادمة، وتحديد نقاط الضعف والقوة، وبلورة استراتيجية واضحة لإدارة الأزمات
والكوارث ضمن رؤية ترتكز على جهود منسقة ومتكاملة تشمل كافة القطاعات، سواءً
الحكومية أو الخاصة للحد من تأثير المخاطر، بالإضافة إلى استخدام كافة الوسائل
والإمكانات المتاحة وفق خطة استراتيجية ترتكز على تحديد وفهم سيناريوهات المخاطر
الحالية والمستقبلية، ووجود بيئة آمنة ومرنة ومستقرة قادرة على تحقيق التكيف
الاستراتيجي لكافة القطاعات الحيوية.
وقال الكندي: "إن التغيرات
المتسارعة في البيئة تفرض ضرورة فهم وتعزيز كافة القدرات المجتمعية للتعامل مع
الطوارئ والكوارث وتداعياتها من خلال زيادة قدرة البنى التحتية الحيوية وضمان
الاستجابة الفعالة، مع التركيز على بناء منظومة إنذار مبكر لكافة أنواع المخاطر
والأزمات، وبناء استراتيجية للتعافي تحقق الأهداف الموضوعة لعودة الحياة الطبيعية
كما كانت قبل الكارثة".
وأضاف: "إن دولة الإمارات بصفة
عامة والقيادة العامة لشرطة أبوظبي بصفة خاصة تشارك دول العالم اليوم في الاحتفال
باليوم العالمي للحد من مخاطر الكوارث، بعد أن نجحت في بناء منظومة متكاملة
واستراتيجيات واضحة للحد من المخاطر والكوارث لترسخ مكانتها على المستويين
الإقليمي والدولي في هذا المجال، بفضل الرؤية الثاقبة والاهتمام الاستثنائي الذي
توليه القيادة الرشيدة لحماية المواطنين والمقيمين، وبما يدعم دورها الإقليمي
والدولي".
وتابع: "اعتمدت الاستراتيجية
الإماراتية في إدارة أزمة كورونا، على خمسة عوامل لاستخدام كافة الوسائل المتاحة
في مجال الحد من مخاطر الكوارث، أولها تأهيل العنصر البشري على كافة المستويات، ثم
التركيز على مفهوم إدارة البنى التحتية الحيوية وسن التشريعات ذات الصلة، وتبنّي
مفهوم إدارة المخاطر في كل الاستراتيجيات والسياسات التي تنتهجها كافة الأجهزة
والإدارات، بالإضافة إلى توظيف أحدث النظم والتطبيقات واستقطاب الخبرات ذات
الكفاءة، وأخيراً التأكيد على استشراف المستقبل لمواجهة مختلف أنواع الأزمات
والكوارث".
وأكد أن دولة الإمارات منذ ظهور فيروس
"كورونا" اتخذت العديد من الإجراءات الاستباقية الصارمة لتحصين وتوجيه
المواطنين والمقيمين للتعامل الأفضل مع الأزمة، قائلاً: "لقد تعلمنا من أسوأ
كارثة منفردة في القرن الواحد والعشرين، وهي جائحة كورونا أنه إذا لم نعزز إدارة
المخاطر لمواجهة التحديات والتهديدات الوجودية فإننا محكوم علينا بتكرار الأشهر
الثمانية الماضية التي كلفت العديد من الأرواح وألحقت الضرر بقطاعي الصحة والرفاه
الاقتصادي والاجتماعي للملايين".
وقال: "إن دولة الإمارات تعاملت
مع أزمة "كورونا" بشفافية مطلقة وموثقة بالأرقام، ما كان له أفضل الأثر
في حماية المجتمع وضمان سلامته إلى حد كبير ، وتمثل النجاح الأكبر للدولة في إدارة
هذه الكارثة، في الوعي المجتمعي والتعاون بين القيادة والشعب لمحاصرة هذا الوباء
وأثاره، من خلال الالتزام بالإجراءات والتدابير الاحترازية لمواجهة الجائحة، ما
وضع دولة الإمارات على رأس الدول الأكثر أماناً في إدارة الأزمات والكوارث
والطوارئ".