التفاوض وتحقيق السلام.. كيف يبدو الموقف المصري من أزمة أذربيجان وأرمينيا؟
لطالما اتخذت مصر مواقف جديرة بالاحترام، تجته أى أزمات يشهدها العالم، من خلال الدعوة إلى السلام، وحث أطراف النزاعات والأزمات على تبنى سياسات سلمية، بعيدة كل البعد عن الاقتتال وتأجيج الصراعات، واللجوء دائما وأبدا إلى طاولة المفاوضات، بعيدا عن أى عمليات عسكرية أو القيام بتحركات استفزازية، من الممكن أن تجعل الأزمة أكثر تعقيدا.
ومن بين المواقف التى تبنتها مصر لإنهاء الصراعات والنزاعات، موقفها الأخير من الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا، والقتال الذى اندلع بينهما، حول منطقة ناجورنو كاراباخ الانفصالية، وهى منطقة عرقية أرمينية داخل أذربيجان، خرجت عن سيطرة أذربيجان منذ نهاية الحرب فى عام 1994، وللجانبين وجود عسكرى مكثف على طول منطقة منزوعة السلاح تفصل المنطقة عن بقية أذربيجان.
الموقف المصرى فى بداية الأزمة
ففور وقوع الاشتباكات بين الجانبين، أعربت جمهورية مصر العربية، فى بيان صادر عن وزارة الخارجية، عن متابعتها ببالغ الاهتمام تطورات الأوضاع المتسارعة بين أرمينيا وأذربيجان فى إقليم ناجورنو كاراباخ، وناشدت الطرفين بضبط النفس ووقف التصعيد.
وأكد البيان على موقف مصر الثابت والقائم على حث جميع الأطراف على الحوار من أجل الوصول إلى تسوية بالطرق السلمية، وفقا لمقررات الشرعية الدولية، وذلك فى إطار مجموعة "مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبى.
وساطة روسية لحل الأزمة
ومع دعوة الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، أطراف النزاع فى إقليم ناجورنو كاراباخ، إلى وقف القتال لأسباب إنسانية، وبعد إجرائه سلسلة من المحادثات الهاتفية مع الرئيس الأذربيجانى إلهام علييف، ورئيس الوزراء الأرمينى نيكول باشينيان، مؤكدا على ضرورة وقف الاشتباكات فى المنطقة من أجل تبادل الأسرى وجثث القتلى، تم توجيه الدعوة لوزيرى خارجية البلدين، بالحضور إلى موسكو، لإجراء مشاورات حول النزاع بوساطة وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف.
وبالفعل، لعب وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، دورا مهما فى المفاوضات، التى انتهت بتوصل الجانبين إلى اتفاق وقف إطلاق النار، من أجل تبادل الأسرى وجثث القتلى.
ترحيب مصرى بوقف إطلاق النار
ومن جديد، رحبت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، أمس الأحد، بالتوصل إلى وقف إطلاق نار لأسباب إنسانية، بين كل من أرمينيا وأذربيجان، برعاية روسيا الاتحادية.
ودعت مصر، فى بيان خارجيتها، الطرفين إلى الالتزام بما تم الاتفاق عليه، والامتناع عن خرقه تحقيقا للسلام وللأهداف الإنسانية المأمولة.
وأكدت مصر أهمية قيام الجانبين بالعودة إلى طاولة المُفاوضات، وصولا إلى تسوية مستدامة للنزاع، وفقا لمقررات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفى إطار الجهود التى تبذلها مجموعة "مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا.
تركيا تشعل الصراع
جاء ذلك فى وقت كانت تتخذ فيه أطراف أخرى سياسات تقوم على إشعال الفتن، وتأجيج الصراع بين أذربيجان وأرمينا، إذ حرصت تركيا على دعم أذربيجان، حليفها القوى بمنطقة القوقاز، ضد أرمينيا، عدوها التاريخى، عبر تزويدها بالسلاح، وإقحام قواتها الجوية فى المعارك التى تدور بين البلدين، وربما كان ذلك الدعم، حاضرا على طاولة المباحثات التى جمعت الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، بأمير قطر، خلال زيارته للدوحة، يوم الأربعاء الماضى، التى يرى محللون، أن هدفها الأبرز هو طلب التمويل اللازم لدعم أجندة الشر التى يحملها إلى منطقة القوقاز، فأردوغان لم يكن ليزور قطر مرتين اثنتين خلال 3 أشهر، من دون أن يكون هناك دافعا قويا، وليس هناك أقوى من تدخلاته الأخيرة فى الحرب بين أرمينيا وأذربيجان، حول منطقة ناجورنو كاراباخ الانفصالية.
وتواجه تركيا اتهامات بإرسال مرتزقة من الفصائل السورية الموالية لها، إلى أذربيجان، إذ إن المرصد السورى لحقوق الإنسان، أعلن، فى بيان له، أن دفعة من مقاتلى الفصائل السورية الموالية لأنقرة، وصلت إلى أذربيجان، حيث قامت الحكومة التركية بنقلها من أراضيها إلى هناك، وكانت الدفعة هذه قد وصلت الأراضى التركية، قادمة من منطقة عفرين شمال غربى حلب.
وأضاف المرصد أن مصادر خاصة به أكدت أن دفعة أخرى تتحضر للخروج إلى أذريبجان، في إطار الإصرار التركى بتحويل المقاتلين السوريين الموالين لها إلى مرتزقة وسط رضوخ كامل من قبل الأخير.
وردا على ذلك، بادرت أذربيجان، حليف تركيا، بنفى تلك الاتهامات، مؤكدة أنه لا وجود للمرتزقة على أراضيها، فيما لا يزال المرصد السورى يؤكد إلا أن المرتزقة متواجدين فى العملية العسكرية فى ناجورنو كاراباخ.
وقال رامى عبد الرحمن، مدير المرصد، اليوم الجمعة، إن ما لا يقل عن 26 قتيلا، وقعوا خلال الـ24 ساعة الماضية، وإن هناك نحو 400 مقاتل من فصيلى السلطان والحمزات، متواجدين فى تركيا، يستعدون للذهاب إلى أذربيجان.
وأشار مدير المرصد السورى إلى أن هناك فى كاراباخ وأذربيجان 1450 مقاتلا سوريا، قُتل منهم 107 حتى اللحظة، وهناك جثث 26 من المرتزقة لم تنقل حتى الآن إلى الأراضي السورية.
وأوضح مدير المرصد أن الغالبية الساحقة من الذين ذهبوا للقتال إلى جانب الحكومة الأذربيجانية، هم من المكون التركمانى، والآخرين يعتبرون أن الحكومة التركية هى الأب والأم لهم، وأن أردوغان رمزهم، بالإضافة إلى الدافع المادى الذى يصل إلى 2000 دولار شهريا.