من 1900 حتى 2020.. كيف تأثرت مصر بالزيادة السكانية؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


استعرض الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أرقاما مهمة لتوضيح الرؤية الحالية والمستقبلية، لا سيما مع الزيادة السكانية التى تشهدها مصر بمضى السنوات.

جاء ذلك، خلال كلمته، اليوم الأحد، في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي استهلها بتوجيه التهنئة إلى الشعب المصري بمناسبة حلول الذكرى الـ47 لنصر أكتوبر المجيد، مشيرا إلى أنه يمثل نقطة تحول جذرية في تاريخ مصر نحو التقدم والنماء لمصر.
9 ملايين نسمة فى عام 1900

وقال رئيس الوزراء إنه في عام 1900، كان عدد سكان مصر يبلغ 9 ملايين نسمة، وعلى مدار 50 عاما زاد العدد إلى 19 مليونا، ففي 50 سنة زدنا 10 ملايين نسمة فقط، ولم يكن متوسط معدلات النمو في هذه الفترة يتجاوز 2 إلى 3 % كنسبة نمو للاقتصاد، ولكن مع عدد السكان الذي كان موجودا، كانت هذه النسبة أكثر من كافية لتضمن استقرارا للدولة وحدوث نمو، وكان لدينا فائض في الميزان التجاري وليس عجزا، وهو ما انعكس على قوة العملة المصرية في هذه الفترة، حيث كان الجنيه المصري يعادل قيمة الجنيه الذهب تقريبا، وكان الدولار حينها يساوي 20 قرشا، فى حين يقترب الآن من 16 جنيها، مضيفا: "كانت هذه هي الظروف التي عاشتها مصر خلال 50 عاما مضت"، كما استعرض مدبولي تقريرا يرجع لهذه الفترة يشير إلى أن مصر كان لديها أكبر غطاء نقدي في العالم في الفترة من 1926 حتى 1953، وكانت أوقية الذهب تساوي 4 جنيهات مصرية.

مصر الزراعية

وأكد مدبولي أن الاقتصاد المصري في هذه الفترة كان قائما في الأساس على الزراعة، وكانت مصر تعرف نفسها على أنها دولة زراعية، ولكن كان لديها بدايات صناعة وطنية، مع رجل الاقتصاد الوطني طلعت حرب، ولكن الأهم هو في محصول القطن الاستراتيجي، حيث كانت مصر تزرع منه 1.6 مليون فدان، وكان إنتاجها 6.5 مليون قنطار، مضيفا أن مصر كانت تمتلك أهم بورصة قطن على مستوى العالم، إلى جانب بورصتي القاهرة والإسكندرية، اللتين كانتا في المركز الرابع على مستوى العالم، كما كانت مدن القاهرة والإسكندرية تعد من أجمل مدن العالم، مشيرا إلى أن القاهرة فازت بجائزة أفضل مدينة بالعالم في عام 1925، ووصول القاهرة إلى هذا المستوى الذى كانت فيه الأجمل حينها، جاء نتاج البذرة التي وضعها الخديوي اسماعيل ليبني القاهرة الجديدة والعصرية، في وقت لم يكن موجودا حينها إلا القاهرة التاريخية بكل مشاكلها وتحدياتها، فكانت الرؤية في إنشاء حاضرة جديدة في هذا الوقت لتصبح بعنوان "مصر الحديثة" استغرقت نحو 50 سنة حتى أصبحت تصنف كأجمل مدينة على مستوى العالم.

النمو المخطط

وأوضح رئيس الوزراء أن هذه المشاهد التي تحكي تاريخ مصر تشير إلى أن النمو الاقتصادي كان حينها ببساطة شديدة مرتبطا بعدد السكان، فقدرات الدولة كانت تستوعب هذا العدد، فكان النمو الذي يحدث في الدولة نموا مخططا ومنظما، وبالتالي كان شكل المدن المصرية مميزا، ولم يكن هناك تحدٍ كبير، فمصر كانت تمتلك ثاني أكبر شبكة سكة حديد على مستوى العالم، وكانت هناك وسيلة الترام ووسائل النقل الجماعي الداخلي، كما امتلكت مصر أول محطة طاقة شمسية على مستوى العالم، كما دخلت مصر في إنشاء محطات توليد الكهرباء منذ عام 1924، واستطاعت مصر مع قوة اقتصادها أن تساند دولا كثيرة منها دول أوروبية بعد الحرب العالمية؛ لكي تساعدهم اقتصاديا فى الخروج من الأزمات التي كانت تعاني منها تلك الدول، مستعرضا لقطة شهيرة لطلب الولايات المتحدة من مصر تقديم معونة لدول أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

وأشار مدبولي إلى أنه رغم قوة الاقتصاد في هذه الفترة، إلا أنه كان هناك تركيز على عدد قليل من السكان فقط في تقديم بعض الخدمات، وكان ذلك يعتبر إحدى المشكلات الكبيرة المرتبطة بهذا العصر، بمعنى أن كل عدد الطلبة المقيدين بالجامعة المصرية يبلغ 3596 طالبا في عام 1930 من إجمالي عدد سكان في هذه المرحلة وصل إلى 15 مليون نسمة، وهو عدد قليل كطلبة جامعيين، كما كان هناك 1036 مدرسة فقط في عام 1900 وكان في هذا التاريخ 9 ملايين نسمة، ولذا فقد كان هناك احتياج لعدد مدارس أكثر، وكانت الرؤية حينها التركيز على فئة معينة تقدم لها جميع الخدمات ولا تصل لكل عموم الشعب المصري، وعرض الدكتور مدبولي صورا للمدارس المصرية في هذا الوقت، في ظل عدد الكثافات البسيطة والخدمات المميزة وقتها.

وأضاف رئيس الوزراء أن عدد الأطباء في عام 1925 كان 136 طبيبا وجراحا و30 صيدليا، لافتا إلى أنه يمكن القول أن عدد الأطباء بالمقارنة بعدد السكان لم يكن كافيا، ولكن كان لدينا نوعية متميزة جدا من التعليم والأطباء المميزين والمشهورين، ونجح نظام التعليم خلال تلك المرحلة في أن ينجب عباقرة في جميع المجالات والعلوم المختلفة في مصر، ورغم ذلك لم تكن الصورة مثالية، فقد كانت هناك تحديات رغم أن الاقتصاد كان يسير بصورة جيدة مع عدد سكان قليل، فقد كانت معدلات الأمية تتجاوز 85%، وكان لدينا تركيز شديد للثروة لدى طائفة محدودة من الشعب، ومشاكل كثيرة لدى البقية، كما كانت أعمار المصريين 50 عاما، وهذا يعكس وضع المنظومة الصحية، بينما كان في الدول النامية متوسط الأعمار في الـ30، مشيرا إلى أن مصر كانت حينها أقرب لأن تكون دولة متقدمة من أن تكون دولة نامية.

وأكد مدبولى أنه مع مشاكل وتحديات هذه المرحلة كانت نسبة الفقر في الريف تتجاوز 75%، وكان 0.5 % من سكان الريف يمتلكون 40% من الأراضي الزراعية، فكانت الفجوات في المجتمع المصري تسبب مشكلات كبرى، وتحديا كبيرا في موضوع تقاسم الثروات وتوزيع الثروة وعوائد التنمية في الدولة.

بداية التغير داخليا وخارجيا

ولفت رئيس الوزراء، إلى أنه عند تقييم الفترة ما بين عام 1950 حتى وقتنا الحالي، سنجد أن الظروف بدأت تختلف وبدأت المعايير الخارجية والداخلية أيضا تختلف، وبدأ التغير الديموغرافي ليبدأ تسارع معدلات النمو السكاني، وهنا تغير دور الدولة الاجتماعي في كل منظومات الخدمات القائمة في الدولة وهو أمر أدى إلى إلقاء أعباء هائلة على الدولة، مما جعلها على مدار الـ 50 عاما الأخيرة لم تعد قادرة على مواكبة التسارع الكبير جدا في معدلات النمو السكاني، حيث دخلت مصر اعتبارا من عام 1956 بصورة مباشرة في سلسلة من الحروب التي استنزفت مواردها بصورة كبيرة ملحوظة.

حروب مستمرة وأحداث حرجة

وواصل الدكتور مصطفى مدبولي شرح الأوضاع التي تلت ذلك، منوها بأن الدولة خلال الفترة من عام 1956 إلى عام 1973، كانت إلى حد ما في حالة حرب مستمرة، وأصبح تركيز وتوجه الدولة فيما بعد حرب 1967 على العمل على إعادة بناء القوات المسلحة وتوجيه كل موارد الدولة الاقتصادية إلى إعادة بناء الجيش المصري، حتى تمكن في عام 1973 من تحقيق النصر، وهو ما دعا الدولة إلى سحب أية استثمارات كانت موجهة لتنفيذ أية مشروعات تنموية وخدمية كان من المقرر إقامتها، مشيرا إلى أن هذه العوامل مجتمعة أسهمت في الوضع الحالي الذي نشهده حاليا، وعلينا أن نستخلص العبر والدروس المستفادة من هذه الظروف التي وقعت أحداثها خلال الفترات الماضية، سعيا إلى التعامل مع مجمل هذه الأوضاع لوضع رؤى مستقبلية تستطيع مواجهة ما يُستجد من تغيرات.

وركز رئيس الوزراء على المعاناة التي شهدتها مصر بسبب الدمار الكبير الذي خلفته الحروب التي خاضتها وصولا لتحقيق النصر في حرب أكتوبر 1973، مشيرا إلى بعض الأحداث والحوادث الحاكمة والفاصلة، منها ثورة 2011 وما بعدها حتى ثورة 2013، وما شهدتها هذه الفترة من عدم استقرار، مستعرضا ارتباط هذه الأحداث والحوادث الحرجة التي مرت بها مصر بمعدلات نمو الاقتصاد المصري ومدى تأثير ذلك عليه، لافتا في الصدد لما شهده النمو الاقتصادي من تراجع، ثم صعود خلال الفترات المتعاقبة من حرب اليمن وعام 1967، مرورا بحرب أكتوبر 73، وحادث اغتيال الرئيس السادات، وحوادث الإرهاب التي عانت منها مصر لفترات كبيرة ولا نزال نواجه هذا التحدي في بعض المناطق، ومنها ما حدث في عام 1990 في مدينة الأقصر، إلى جانب ما شهدته مصر من تداعيات لأحداث 11 سبتمبر وصولًا إلى ثورة 25 يناير، مضيفا أن مصر حاليا بدأت في استعادة عافيتها الاقتصادية والسير في المسار الصحيح اقتصاديا، حيث تم تحقيق معدلات نمو وصلت إلى 5.6%، حتى جاءت أزمة كورونا، التي أثرت على العالم بأسره، قائلا: "مع ذلك مصر من الدول القليلة جدا التي تعد على أصابع اليد الواحدة على مستوى العالم، التي نجحت في تحقيق نسبة نمو إيجابي خلال هذه الفترة، في الوقت الذي حققت أغلب اقتصاديات العالم نموا سالبا".

تضاعف عدد السكان

وأوضح رئيس الوزراء أنه حينما نسعى لتقييم الفترة من 1950 إلى 2014، فسنجد أنها شهدت حدوث زيادة حادة في معدلات النمو السكاني بمصر، لافتا إلى أن الفترة من 1900 إلى 1950 ارتفع نمو السكان من 9 ملايين نسمة إلى 19 مليون نسمة، أي أن عدد السكان تضاعف خلال الـ 50 عاما.


الحاجة إلى برنامج الإصلاح الاقتصادى

وأضاف رئيس الوزراء خلال استعراضه لتطور حجم السكان في مصر بداية من القرن العشرين أن ما شهدته الفترة السابقة من تزايد في معدلات النمو السكاني، صاحبه عدم قدرة الدولة على متابعة هذا التحدي، وتنمية القطاعات الخدمية المختلفة بنفس المعدل، ونتج عن ذلك وجود تراكمات اقتصادية واجتماعية، وعدم القدرة على التخطيط المستقبلي، وقيام الدولة بالعمل على حل المشكلات القائمة بنظام رد الفعل، وعدم وجود مبادرة ولا رؤية لمستقبل بعيد أو متوسط، مجددا الاشارة إلى أن الحروب والإرهاب كان لهما تأثير شديد على شكل هذه الدولة، وهو ما دعا مصر نتيجة لهذه الظروف إلى الاتجاه إلى الاقتراض، وذلك بعد فترة السبعينيات من القرن الماضي، سعيا لسد عجز الموازنة، مشيرا كذلك إلى الفترة ما بين عام 2011 وعام 2014 التي شهدت عدم استقرار سياسي، وخروج رؤوس أموال أجنبية كثيرة، وتراجع الاحتياطي النقدي إلى 13 مليار دولار في عام 2016، الأمر الذي دعا الدولة المصرية إلى تبني برنامج فارق للإصلاح الاقتصادي، مؤكدا أنه سيُحسب لهذه الدولة أنها تبنت هذا البرنامج في مثل هذا التوقيت الحرج، والذي مكن مصر من استعادة وضعها الاقتصادي بصورة جزئية، ومواجهة التحديات الاقتصادية التي شهدتها هذه المرحلة.

من 9 ملايين نسمة في 1900 إلى 100 مليون نسمة في 2020

كما تناول رئيس الوزراء رصدا لمعدلات الزيادة السكانية بداية من عام 1900، وحتى 2020، مشيرا إلى أن عدد السكان في عام 1900 كان 9 ملايين نسمة، ووصل في 2020 إلى 100 مليون نسمة، مؤكدا أنه لا بد من التوقف عند هذه الأرقام بصورة كبيرة، وأن نعي حجم التحدي الكبير الذي يواجه الدولة، مشيرا إلى أن ما يثار من ادعاءات حول أن مصر تنظر إلى الزيادة السكانية على أنها مشكلة كبيرة جدا، وهناك دول تعتبر هذه الزيادة رصيدا إيجابيا لها، مؤكدا أن الدولة المصرية تنظر لجميع مواطنيها كإضافة إيجابية لها، لافتا إلى سعي الدولة لإتاحة مختلف الخدمات بما يلبي احتياجات ومتطلبات وتوفير مستوى يضمن جودة حياة هؤلاء المواطنين، حتى يكون المواطن سليما ومتعافي صحيا وبدنيا ونفسيا، ويكون قادرا على خدمة هذا البلد.

وأشار رئيس الوزراء إلى أننا ننمو على مساحة محدودة للغاية من أرض مصر، وذلك نظرا لارتباطنا بالعديد من الموارد الطبيعية المتاحة، ومنها المياه التي تُعد موردا ثابتا على مدار مئات السنين، وهو ما يُحتم علينا جميعًا السؤال إلى أين سنتوجه خلال العشرين عاما المقبلة، في ظل تضاعف معدلات الزيادة السكانية وثبات الموارد الطبيعية؟

وقال رئيس الوزراء: "شهدت الفترة من عام 1950 إلى عام 2000 بصفة عامة نموا سكانيا في كل دول العالم، وخصوصا في دول العالم النامي، لكن مصر كانت الأعلى معدلا في النمو السكاني بالمقارنة بدول أخرى مجاورة، فمثلا في عام 1970 كان عدد سكان مصر يبلغ 33 مليون نسمة، أما الآن فقد وصل عدد السكان إلى أكثر من 100 مليون نسمة، وبالمقارنة بدول مثل كوريا الجنوبية كان عدد سكانها يقترب من عدد سكان مصر في 1970، بينما وصل عدد سكانها حاليا إلى 51 مليون نسمة فقط، كما أن دولة أخرى مثل تايلاند كان عدد سكانها في عام 1970 يبلغ 37 مليون نسمة، وهو يزيد على عدد سكان مصر حينذاك، في حين وصل هذا العدد حاليا إلى 70 مليون نسمة فقط، ناهيك عن دول العالم المتقدم التي شهدت زيادة طفيفة في معدلات النمو السكاني، خلال هذه الفترة".

وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أنه يسرد هذه الأرقام للدلالة على مسار معدلات النمو السكاني في مصر مقارنة بمعدلات النمو في مختلف دول العالم، فعدد المواليد السنوي في 1950 كان يضاهي هذا العدد في إيطاليا، بينما في عام 1977 أصبح معدل النمو السكاني في مصر يعادل عدد سكان كل من إيطاليا وفرنسا معا، حتى وصلنا إلى عام 2019، الذي أصبح فيه عدد سكان مصر يعادل عدد سكان 6 دول أوروبية مجتمعة، وفي نفس الوقت نعي وندرك حجم اقتصاديات هذه الدول المتقدمة وقدراتها، وبمقارنة الأوضاع بين مصر وهذه الدول، كان لا بد أن تكون قدرة الاقتصاد المصري، لن نقول تماثل قدرة اقتصاد أي دولة من هذه الدول، بل على الأقل أن نمتلك موارد تكفي حاجة السكان في دولتنا لمواجهة تزايد معدل النمو السكاني المضطرد.

مولود كل 13 ثانية

ووفقا للأمم المتحدة، فإن معدل المواليد في مصر مقارنة بعدد من الدول المجاورة سواء المتقدمة أو المثيلة في العالم النامي تضاعف، كما تضاعف عدد السكان وعقود الزواج بمعدل مرتين ونصف خلال الـ40 سنة الماضية، وهو ما أشار إليه أيضا الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ففي حين كان معدل الزيادة السكانية يقاس بمولود كل 20 ثانية، أصبح المعدل يقاس بمولود كل 13 ثانية.

وفيما يتعلق بمقارنة عدد السكان إلى الرُقعة المعمورة من أرض مصر، أشار رئيس مجلس الوزراء في عرضه إلى أن عدد السكان في مصر في عام 1950 بلغ 19 مليون نسمة وكانت الرقعة المعمورة تتراوح ما بين 3.5% إلى 4% من مساحة مصر، وفي عام 2020 تضاعف عدد السكان 5 مرات، وكان لا بد أن يقابل ذلك تضاعف الرُقعة المعمورة لمواجهة هذه الزيادة السكانية، وأن تصل إلى 18% من مساحة مصر، حتى نستطيع أن نعيش على نفس المستوى الذي كان متاحا للمصريين في عام 1950، من حيث التزاحم، قائلا: "رغم حجم المشروعات التنموية الضخم التي تنفذها الدولة، إلا أننا استطعنا فقط أن نضاعف مساحة الرقعة المعمورة إلى 7% من مساحة مصر، وهناك جهود كبيرة غير مسبوقة تقوم بها الدولة في هذا الإطار، إلا أننا ننطلق من محددات طبيعية تحكمنا في عملية التوسع الأفقي، من بينها الموارد المائية، وبعض الموارد الطبيعية الأخرى التي تساهم في هذا التوسع الأفقي".

وقال الدكتور مصطفى مدبولي: بتقييم ما سبق من خلال البيانات الاقتصادية، ففي عام 1900 بلغت الإيرادات في الموازنة المصرية 10 ملايين جنيه، وكانت المصروفات تصل إلى 10 ملايين جنيه، بينما في عام 1950 وصلت إيرادات الدولة إلى 180 مليون جنيه، في حين كانت المصروفات تبلغ 200 مليون جنيه، وسرعان ما شهدت هذه الأرقام قفزات هائلة خلال السنوات التالية، ففي عام 2000 وصلت الإيرادات إلى 97 مليار جنيه، بينما بلغ الإنفاق 112 مليارا، وشهد العام الحالي 2020 ثمار الجهود الهائلة التي قامت بها الدولة لمضاعفة مواردنا خلال السنوات الأربع الماضية وإعادة حوكمة العديد من الموارد لتنمية القطاعات المختلفة بالدولة، حتى وصلت إلى تريليون و300 مليار جنيه، ولكن احتياجاتنا أصبحت تقترب من تريليون و750 مليار جنيه، بخلاف المنح وسداد الفوائد والقروض التي تتجاوز 550 مليار جنيه، مشيرا إلى أنه من خلال هذه الأرقام نستطيع أن ندرك حجم التحديات التي تواجه الدولة في هذه المرحلة، والعجز في موازنتها.

زيادة 35 مليون نسمة من 2000 إلى 2020

وكشف رئيس مجلس الوزراء عن أن الزيادة السكانية المضطردة التي شهدتها مصر ما بين عامي 2000 و2020 والتي بلغت 35 مليون نسمة، جعلت الدولة تضطر إلى رفع حجم الدعم الموجه للمواطنين من 15 مليار جنيه عام 2000 إلى 326 مليارا في العام الحالي لتغطية الاحتياجات الأساسية للمواطنين رغم أنه لا يغطي المستوى الذي ننشده لأهالينا من الاحتياجات، كما أصبح نصيب الفرد من الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بصفة عامة يبلغ 3230 جنيها حاليا، بعد أن كان 227 جنيها فقط في عام 2000، كما ارتفع متوسط نصيب الفرد من الإنفاق العام من 1700 جنيه في عام 2000، ليصبح 22 ألفا و700 جنيه، كل ذلك ونحن نحاول بذل جهد غير عادي طوال الـ 4 أو 5 سنوات الماضية، وتبدأ مضاعفة موازنتها، ونبرز حجم النمو الهائل الذي يحدث اليوم، لنشير إلى نصيب الفرد من الإنفاق العام حاليا، ولكننا ندرك أن الطريق مازال طويلا، فلدينا تحديات كبيرة، نحتاج لتحسينها خلال المرحلة المقبلة.