عبدالعزيز خلف يكتب : عاد النبض عاد .. التهامي غرد من جديد

ركن القراء

ياسين التهامي
ياسين التهامي


بعد أكثر من قرابة سبعة أشهر، يعود إلينا الشيخ ياسين التهامي ليغرد من جديد في ساحات الإنشاد، التي طالما افتقرت إلى صوته بسبب تفشي مرض كورونا، عاد التهامي وعادت البهجة لشفاه محبيه، كانوا يستائلون يوما تلو الآخر " متى أول ليلة لمولانا " اشتقنا إليه، ولما لا؟ وهو ساقي روحهم، ومعالجهم، وهاديهم، ومرشدهم، وآخذ بهم حيث السمو والصفاء الروحي.

بدأ التهامي أول لياليه بأبياتٍ من قصيدة مشهورة لسلطان العاشقين مولانا عمر بن الفارض قائلاً: " ولقد أقولُ لِمن تَحَرّشَ بالهَوَى : عرَّضتَ نفسكَ للبلا فاستهدفِ
أنتَ القتيلُ بأيِّ منْ أحببتهُ فاخترْ لنفسكَ في الهوى منْ تصطفي
قلْ للعذولِ أطلتَ لومي طامعاً أنَّ الملامَ عنِ الهوى مستوقفي
دعْ عنكَ تعنيفي وذقْ طعمَ الهوى فإذا عشقتَ فبعدَ ذلكَ عنِّفِ
وإن اكتفى غَيْري بِطيفِ خَيالِهِ، فأنا الَّذي بوصالهِ لا أكتفي"

تماهى المحبين وهاموا وتاهوا بتلك الكلمات التي نثرها عميد المنشدين على مسامعهم، غرقوا في روحانيات صوته، وفي رحاب نغماته، لم يكن ما قاله فقط هو الذى غيب العقل، ولكنها كانت الروح التى تحمل كلماته ونغماته، حيث اجتازت بها كل الحدود لتستقر فى الوجدان.

الإمكانيات الفنية لياسين التهامي والمساحة الصوتية الهائلة جعلت الباحث الأمريكي " مايكل فروشكوف " يخصص دراسة كاملة عن أدائه الصوتي، وكذلك المستشرق الألماني " كولن " الذي أفرد قسما مستقلا في كتابه عن الموسيقى الشرقية، وهناك دراسة بحثية آخرى لباحث مصري بعنوان " الشعر الصوفي بين الإنشاء والإنشاد: دراسة صوتية دلالية".

كولن في كتابه يقول : موسيقى التهامي رغم جمالها إلا أنها تبدوا وكأنها تسير على غير قاعدة، وأحيانا متشابهة في أغلب ما ينشده، فإن هذا يصدق فقط على الاستهلال، أما فيما بعد الاستهلال تكون أكثر انتظامًا، ولكل قصيدة موسيقاها الخاصة بها، حتى إن بدت للوهلة الأولى متشابهة.

إنشاد الشيخ ياسين التهامي فريد من نوعه وله خصوصيته حيث يعتمد على التواصل المستمر بينه وبين فريق اللحن والجمهور وطبيعة أجواء الزمان والمكان، لذلك فهو لا يقوم بالإنشاد -مثلا- داخل أستوديو، وإنما في الموالد واللقاءات المفتوحة مع الجمهور؛ لأن التسجيل في الأستوديو -برأيه- أقرب إلى الغناء "الاستهلاكي" الذي يُعد مسبقًا للجمهور!

وأخيرا، صدق الشيخ ياسين التهامي عندما قال:  " أنا لا أنشد، أنا أسبح في عالم رباني".