وزير السياحة والآثار يتفقد تمثال الملك تحتمس الثالث "نابليون الشرق"
حرص الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار على تفقد تمثال الملك تحتمس الثالث، وذلك بمناسبة انتصارات أكتوبر المجيدة حيث أن هذا الملك هو أعظم محارب في العالم القديم، والذي حكم مصر لمدة ٥٤ عامًا أصبحت مصر خلالها قوة عظمى حيث امتد نفوذها من بلاد الرافدين شمالا وحتي الشلال الرابع جنوبًا.
جاء ذلك خلال جولة تفقدية لوزير السياحة والآثار في المتحف المصري بالتحرير رافقه فيها صباح عبد الرازق مدير عام المتحف واللجنة العلمية في المتحف، وذلك استعدادًا للعيد السنوي للمتحف نوفمبر القادم.
ومن خبر رع أو تحتمس الثالث (1425 ق.م) سادس ملوك الأسرة الثامنة عشر، ويعتبر أعظم حكام مصر وأحد أقوى الأباطرة في التاريخ، حيث أسس أول إمبراطورية مصرية في ذلك الوقت، ظلت تلك الأمبراطورية حتى نحو عام 1070 قبل الميلاد حتى عهد رمسيس الحادي عشر.
حياته العسكرية
كان تحتمس الثالث يتمتع بسمات شخصية خارقة وعبقرية عسكرية ليس لها مثيل تدرب تحتمس في ساحات المعارك في الأقصر وقد اكسبته هذه التدريبات صلابة في شخصيته وخبرات عسكرية عظيمة في الوقت الذي كانت تحكم فيه حتشبسوت.
واهتم بالجيش وجعله نظاميا وزوده بالفرسان والعربات الحربية، كما في عهده أتقن المصريون القدماء بفضله صناعة النبال والأسهم التي أصبحت ذات نفاذية خارقة يعترف بها مؤرخو العصر الحديث وتظهر لنا تماثيل تحتمس الثالث هذا الشاب المفتول العضلات وقد امتلك مقومات المناضل والقائد.
وقد كان أمير مدينة قادش في سوريا يتزعم حلفا من أمراء البلاد الأسيوية في الشام ضد مصر وصل عددهم إلى ثلاثة وعشرين جيشا وكان من المتوقع أن يدعم تحتمس الثالث دفاعاته وقواته على الحدود المصرية قرب سيناء إلا أن تحتمس قرر الذهاب بجيوشه الضخمة لمواجهة هذه الجيوش في أراضيهم ضمن خطة توسيع الامبراطورية المصرية إلى أقصى حدود ممكنة وتأمين الحدود ضد جيوش المتحرشين.
بنى تحتمس الثالث القلاع والحصون، وقام بتدريب الجنود على أفضل التدريبات وأمدادهم بأسلحة مبتكرة قوية مثل النبال المستحدثة والتوسع في استخدام العربات في القتال وفي حملة معركة مجدو قسم جيشه إلى قلب وجناحين واستخدم تكتيكات عسكرية ومناورات لم تكن معروفة من قبل ثم قام على رأس جيشه من القنطرة وقطع مسافة 150 ميلا في عشرة أيام وصل بعدها إلى غزة ثم قطع ثمانين ميلا أخرى في أحد عشر يوما بين غزة وأحد المدن عند سفح جبل الكرمل.
وهناك عقد تحتمس الثالث مجلس حرب مع ضباطه بعد أن علم أن أمير قادش قد جاء إلى مدينة مجدو وجمع حوله 230 أميرا بجيوشهم وعسكروا في مجدو المحصنة ليوقفوا تقدم تحتمس الثالث وجيشه، كان هناك ثلاثة طرق للوصول إلي مجدو اثنان منهما يدوران حول سفح جبل الكرمل والثالث ممر ضيق ولكنه يوصل مباشرة إلى مجدو وقد أستقر رأى تحتمس على أن يمر الجيش من الممر الثالث في مغامرة قلبت موازيين المعركة فيما بعد وتعتبر من أخطر مغامرات الجيوش في العالم القديم.
استدعى اتخاذ ذلك الممر في التقدم لمفاجأة الأعداء أن يحمل الجنود المصريون عتادهم الحربي بالإضافة إلى عرباتهم الحربية وأحصنتهم فكانوا يفكون العربات الحربية ليسهل حملها وتسللوا عبر الممر الضيق في مجموعات صغيرة وكان ذلك مجازفة كبيرة على الجيش لأن يتخذ تحتمس الثالث هذا الطريق كي يفاجئ الأعداء المعسكرين على الساحة التالية على الممر.
كانت قوات العدو قد تمركزت عند نهاية طريقين فسيحين معتقدة أن الجيش المصري سيأتي من أحدهما أو من كليهما في فجر اليوم التالي أمر الملك تحتمس الثالث الجيش بإعادة تركيب العربات الحربية والاستعداد للهجوم المفاجئ وهجمت قواته وكان على رأسهم في المقدمة على شكل نصف دائرة على مجدو فكانت المفاجأة أن يبادرهم المصريين بهذا الهجوم الكاسح فاضطربوا وفقدوا توازنهم حتى أصبحت جيوشهم في حالة من الفوضى وعدم النظام وبدأ قادة الجيوش والسرايا في الهروب تاركين وراءهم عرباتهم الكبيرة ومعسكرهم الملئ بالغنائم ليدخلوا المدينة المحصنة. وبسبب انشغال أفراد الجيش المصري بجمع الغنائم تمكن الآسيويون من الهروب إلى المدينة وتحصنوا فيها. كانت تبعة انصراف الجيش في جمع المغانم في الوقت الذي كانوا بإمكانهم القضاء على جيوش الاعداء وتحقيق النصر الكامل أن اضطر تحتمس الثالث لحصار مجدو سبعة شهور طويلة حتى أستسلم الأمراء وأرسلوا أبنائهم حاملين الأسلحة لتسليمها إلى الملك تحتمس الثالث.
ويقول أحد المؤرخين القدامى في مصر القديمة ويؤكد في نصوصه عن قوة مصر في عصر تحتمس الثالث ويقول (لا توجد قوة في الأرض تستطيع ان تواجه الجيش المصري الذي نال تدريبا عسكريا فائقا وفاز بقيادة ملك عبقرى هو فرعون مصر العظيم تحتمس الثالث).
وعاد الجيش المصري وملكه الملك تحتمس الثالث إلى مصر ومعهم من أبناء الأمراء عددا ليعيشوا في مصر تحت مراقبة المصريين لكي لا يجرؤ الأمراء على التمرد مرة ثانية.
اهتم تحتمس الثالث بأنشاء أسطول بحرى قوى استطاع ان يبسط سيطرته على الكثير من جزر البحر المتوسط مثل قبرص وأيضا بسط نفوذ على ساحل فينيقيا (سواحل لبنان وفلسطين حاليا) بذلك هو أول من أقام أقدم امبراطورية عرفها التاريخ، امتدت من أعالي الفرات شمالا حتى الشلال الرابع على نهر النيل جنوبا. وأصبحت مصر أقوى وأغنى امبراطورية في العالم عاش فيها المصريون قمة مجدهم وقوتهم.
يلقب تحتمس الثالث بـ أبو الامبراطوريات وكذلك يُلقب باسم نابوليون الشرق وكذلك أول إمبراطور في التاريخ، إذ يُعد من العبقريات الفذة في تاريخ العسكرية على مر العصور، وتُدرس خططه العسكرية في العديد من الكليات والمعاهد العسكرية في جميع أنحاء العالم: وهو أول من قام بتقسيم الجيش إلى قلب وجناحين، وقد استعانت الإمبراطورية البريطانية بالعديد من خططه في معاركها، خاصة ما قام به اللورد اللنبي في معاركه ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وكان لهذه السياسة الحكيمة اثرها في تماسك الإمبراطورية المصرية لمدة قرن من الزمان ونشر الثقافة المصرية هناك.