صائد الدبابات.. من هو الرقيب أول محمد عبد العاطي؟

تقارير وحوارات

الرقيب أول محمد عبد
الرقيب أول محمد عبد العاطي


"عبد العاطى صادها طابور.. عبد العاطى رش النور.. عبد العاطى اتبسم لما شاف جيش الأعداء مكسور.. هلل من الفرحة يا بلادى يا بلادى يا بلادى".. تلك بعض من الكلمات التى لا توفى البطل الرقيب أول مجند محمد عبد العاطى عطية شرف، حقه، بعدما أبدى شجاعة منقطعة النظير، أثناء اشتراكه فى حرب العزة والكرامة، التى قامت فى السادس من أكتوبر عام 1973، والتى لقن فيها الجيش المصرى، عدوه الإسرائيلى درسا، سيبقى على الدوام شاهدا على شرف العسكرية المصرية، وشجاعة خير أجناد الأرض.

من هو الرقيب أول محمد عبد العاطى؟

هو الرقيب أول مجند محمد عبد العاطى عطية شرف، الملقب بـ"صائد الدبابات"، بعدما تمكن وحده من اصطياد وتدمير 23 دبابة، و3 مجنزرات إسرائيلية، أثناء اشتراكه فى حرب أكتوبر 1973.

ولد البطل محمد عبد العاطى، فى يوم 15 ديسمبر من عام 1950، بقرية شيبة قش، التى تبعد بنحو 7 كيلومترات عن مركز منيا القمح التابعة له، فى محافظة الشرقية، لوالد كان فلاحا بسيطا، توفى وهو فى الصف الثالث الابتدائى، ليتولى شقيقه الأكبر عبد الحميد تربيته.

أتم عبد العاطى دراسته الابتدائية فى قريته، ثم انتقل إلى منيا القمح، والتحق بمدرسة الزراعة، وحصل على دبلوم المدارس الثانوية الزراعية، عام 1969.

للبطل 4 من الأبناء، 3 أولاد، وبنت واحدة، وقد سمى ابنه الأكبر وسام، اعتزازا بوسام نجمة سيناء الذى حصل عليه قبل مولد ابنه الأول بعامين اثنين.

عاش عبد العاطى حياته بين أهل بلدته، الذين كانوا ينظرون إليه على الدوام بأنه مصدر فخر لقريتهم، بل ولمحافظتهم العريقة، التى ينتمى إليها جنود وقادة عسكريون، لا مثيل لهم فى الانضباط وفى العسكرية، وليس ذلك بغريب عن أحفاد الزعيم أحمد عرابى.

ومثلما حارب من أجل وطنه فى شهر رمضان، توفى البطل محمد عبد العاطى فى يوم 24 رمضان 1422 هـ، الموافق 9 ديسمبر 2001 م.

التحاقه بصفوف القوات المسلحة

التحق البطل الرقيب أول محمد عبد العاطى، بصفوف القوات المسلحة، فى يوم 15 نوفمبر من عام 1969، بعدما أنهى دراسته، وفة تلك الآونة كانت مصر تقوم بالتعبئة الشاملة، استعدادا لمعركة أكتوبر التى تخوضها لمحو عار الهزيمة التى وقعت فى عام 1967، ولاسترداد الأراضى المصرية المغتصبة، التى وقعت فى براثن الاحتلال الإسرائيلى.

فى بادئ الأمر، انضم البطل عبد العاطى إلى سلاح الصاعقة، ثم انتقل إلى سلاح المدفعية، الذى كان بداية لمرحلة جديدة فى حياته، حين تخصص فى الصواريخ المضادة للدبابات، وخصوصا الصاروخ "فهد"، الذى كان من أحدث الصواريخ المضادة للدبابات التى يمتلكها الجيش المصرى آنذاك.

كان الصاروخ "فهد"، الذى تخصص البطل عبد العاطى فى إطلاقه، يصل مداه إلى 3 كيلومترات، كما كان له قوة هائلة على التدمير، وكان الصاروخ يحتاج إلى نوعية خاصة من الجنود، بحيث يتمتع هذا الجندى بحساسية شديدة، وقدرة على التحمل، وقوة الأعصاب، حتى يستطيع توجيه الصاروخ، والتحكم فيه بحساسية شديدة منذ لحظة إطلاقه، وحتى اصطياد الهدف، فى زمن محدد.

ونظرا للمؤهلات التى كان يحتاج إليها الصاروخ، كانت الاختبارات والتدريبات تتم بصورة شاقة ومكثفة، وقبل الانتهاء من مرحلة التدريب النهائية، انتقل البطل عبد العاطى إلى الكيلومتر 26 بطريق السويس، لتنفيذ أول تجربة رماية لهذا النوع من الصواريخ فى الميدان، ضمن مجموعة من خمس كتائب، وكان ترتيبه الأول على جميع الرماة، إذ استطاع تدمير أول هدف حقيقى بهذا النوع من الصواريخ على الأرض.

ونظرا لما أظهره عبد العاطى من مهارات فى استخدام الصاروخ "فهد"، تم اختياره لأول بيان عملى على هذا الصاروخ أمام قائد سلاح المدفعية، اللواء محمد سعيد الماحى، فتفوق، ثم التحق بعدها بمدفعية الفرقة 16 مشاة بأحد مناطق مركز بلبيس، التى كانت تدعم الفرقة بأكملها أثناء العمليات، وبعد عملية ناجحة لإطلاق الصاروخ تم تكليفه بالإشراف على أول طاقم صواريخ ضمن الأسلحة المضادة للدبابات فى مشروع الرماية الذى حضره قيادات الجيش المصرى، بعدها تمت ترقيته إلى رتبة رقيب مجند.

صائد الدبابات

ومع اندلاع حرب السادس من أكتوبر، كان البطل محمد عبد العاطى على موعد مع تحقيق لقب لن يتكرر بسهولة، فقد كان ضمن الجنود الذين عبروا القناة إلى الضفة الشرقية، وكان أول من تسلق خط بارليف المنيع من مجموعته، وتصدى الجنود لغارات الطيران المنخفضة، التى كانت تظن أنها تستطيع إرهابهم، لكنهم ردوا على تلك الغارات بشجاعة فريدة، فأسقطوا 4 طائرات بالأسلحة الخفيفة، وقتها استطاع اللواء 112 مشاة، الذى كان عبد العاطى ضمن قواته، أن يحتل أكبر مساحة من الأرض داخل سيناء، كما استطاع الوصول إلى الطريق الأسفلتى العرضى من القنطرة إلى عيون موسى، بمحاذاة القناة، بعمق 70 كيلومترًا، خلال اليوم الأول من المعركة.

وفى اليوم الثانى، السابع من أكتوبر، صمد اللواء أمام هجمات العدو الإسرائيلى الوحشية، التى بدأت فى الساعة الخامسة صباحا، واستطاع فتح ثغرة، تقدم من خلالها إلى عمق سيناء.

وفى اليوم الثالث، الثامن من أكتوبر، الذى يعتبره البطل عبد العاطى يومًا مجيدًا للواء 112 مشاة، وللكتيبة 35 مقذوفات، وله هو على المستوى الشخصى، إذ تمكن عبد العاطى من إطلاق أول صاروخ، وتحكم فيه بدقة شديدة حتى لا يصطدم بالجبل، ونجح فى إصابة الدبابة الأولى، ثم أطلق زميله بيومى، قائد الطاقم المجاور، صاروخا فأصاب الدبابة المجاورة لها، وتابع هو وزميله بيومى الإصابة، حتى وصل رصيده إلى 13 دبابة، بينما وصل رصيد بيومى إلى 7 دبابات فى نصف ساعة.

وأمام تلك الهجمات الشرسة من عبد العاطى وزميله، ومع تلك الخسائر الضخمة، قررت قوات العدو الإسرائيلى الانسحاب، وتقدمت القوات المصرية، واحتلت قمة الجبل، وأعلى التبة.

وبعدما أبلى عبد العاطى فى ميدان المعركة بلاء حسنا، اختاره العميد عادل يسرى، ضمن أفراد مركز قيادته فى الميدان، التى تكشف أكثر من 30 كيلومترًا أمامها.

وفى اليوم الرابع، التاسع من أكتوبر، فوجئ عبد العاطى بقوة إسرائيلية مدرعة، تتقدم لمهاجمة القوات المصرية، على الطريق الأسفلتى الأوسط، مكونة من مجنزرة، وعربة جيب، وأربع دبابات، وعندها، أطلق عبد العاطى الصاروخ على المجنزرة فدمرها بمن فيها، ثم بدأ فى اصطياد الدبابات الأربعة، والعربة الجيب، ليرتفع رصيده إلى 17 دبابة اصطادها منذ بداية الحرب.

وفى اليوم الخامس، العاشر من أكتوبر، هاجمت 3 دبابات إسرائيلية الكتيبة 34، وتمكنت من اختراقها، فقام عبد العاطى الذى اعتاد تجهيز الصواريخ المعدة للضرب، ووضعها إلى جواره، بتوجيه 3 منها إلى دبابات العدو، فدمرها.

وفى يوم 15 أكتوبر، استطاع عبد العاطى تدمير دبابة حاولت التسلل إليهم، ثم فى يوم 18 أكتوبر، دمر دبابتين، وعربة مجنزرة، مسجلا رصيد هائل، إذ دمر وحده 23 دبابة، و3 مجنزرات.

تكريمه

حصل الرقيب أول مجند محمد عبد العاطى، على نجمة سيناء من الطبقة الثانية، وتم تسجيل اسمه فى الموسوعات العسكرية، كأشهر صائد دبابات.