أكاديمي بجامعة عدن لــ"الفجر": التدخل الإيراني والتركي عقّد الأزمة اليمنية وجعل المشهد ضبابي (حوار)
قال الدكتور عبد الحكيم محمد العراشي أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية المشارك بجامعة عدن يجب الإعتراف أن تنفيذ اتفاق الرياض لا يعني حل الأزمة اليمنية بقدر ما هو محاولة لملمة الشتات بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ودمجهما في قالب عسكري واحد، ومن ثم توجيهه التوجيه الأمثل نحو محاربة الحوثي.
وأضاف في حوار خاص لــ"الفجر"، أن إتفاق الرياض جاء فرصة أخيرة لتوحيد الصف والموقف لمواجهة الخطر الحوثي.
وإليكم نص الحوار:_
◄ماذا عن اتفاق الرياض؟
في البداية يجب الإعتراف أن تنفيذ اتفاق الرياض لا يعني حل الأزمة اليمنية بقدر ما هو محاولة لملمة الشتات الدائر بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ودمجهما في قالب عسكري واحد، ومن ثم توجيهه التوجيه الأمثل نحو محاربة الحوثي، كما أننا نرى أن اتفاق الرياض جاء فرصة أخيرة لتوحيد الصف والموقف لمواجهة الخطر الحوثي.
◄ماذا عن التدخلات الإيرانية والتركية في اليمن؟
إن التدخلات الإيرانية والتركية في الشأن العربي بصفة عامة ليس بالشيء الجديد، لكنها في الآونة الأخيرة إزدادت وتيرتها، كما أنه من المعروف أن أي تدخل يحدث عند حدوث صراع داخل أي بلد، فالصراع الداخلي يُعد بمثابة الطريق المُمهد للتدخل الخارجي.
أما بالنسبة للتدخلات الإيرانية والتركية في اليمن فهو أمر لا غبار عليه، فالوضعية الاجتماعية والخلفية التاريخية في اليمن مهيئة ومتاحة للتدخلات الإيرانية والتركية، هذا بالإضافة إلى أن التقارب الشيعي بين شيعة اليمن وإيران، وكذلك التقارب التنظيمي بين الإصلاح والحزب الحاكم في تركيا سمح لهذا التدخل أن يحدث بسهولة، وبغض النظر عن ممهدات هذا التواجد لكننا نؤكد أنه ساعد على التدخل بشكل فعال.
فالتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لليمن، ليس سرًا يخفى أو همسًا على استحياء يتداول في أروغه الدوائر الاستخباراتية والأمنية والسياسية، بل هو في العلن والمجاهرة في الإعلام، كما أنه ليس وليد اليوم، بل له امتداد في الماضي، وما الحروب السته الذي خاضها صالح ضد الحوثي خير دليل على ذلك، لذلك فإيران تسعى من خلال تدخلها في اليمن إلى تحقيق عدة أهداف، منها: زيادة قوتها الإقليمية، وتضييق الخناق على الخليج العربي من الجهة الجنوبية، وكذلك إيجاد موطئ قدم لها في البوابة الجنوبية العربية والتحكم بمنافذها، هذا بالإضافة إلى إضعاف الموقف السعودي في القضايا الإقليمية.
أما التدخل التركي في اليمن لم يكن مفاجئًا، حيث جاء هذا التدخل استمرارًا للتدخل في الأحداث التي حدثت في اليمن في 2011، التي تمخضت بإسقاط نظام علي عبد الله صالح، لذلك فإن التدخل الإيراني والتركي عقّد الأزمة اليمنية، وجعل المشهد مشهد ضبابي، وفيه ورود كل الاحتمالات والمفاجآت، كما صارت الأوراق مختلطة فيه، لتعكس مشهد درامي بسيناريوهات إيرانية وتركية وغيرها من القوى التي اتخذت من اليمن مسرحًا لها، وفي مسرح الساحة اليمنية تحدث تحولات دراماتيكية وانهيارات سريعة بسبب هذا التدخل، فمنذ قرابة من عشر سنوات توصف في مجملها بأنها سنوات عجاف مرت على اليمن؛ بسبب أحداثها المأساوية، واغتيالها للأحلام المجتمعية، وازدياد عبثية الأيادي الخارجية.
◄ماذا عن إعداد النخب والأحزمة الأمنية وألوية المقاومة الجنوبية؟
بالنسبة للإعداد القتالي للنخب والأحزمة الأمنية وألوية المقاومة الجنوبية فهناك إعداد جيد لها، سواءً كان ذلك الإعداد القتالي الفردي أو الإعداد القتالي الجماعي، كما نلاحظ تفننها في العمل التكتيكي واجادتها له.
◄ماذا عن ناقلة صافر المحتجزة لدى الحوثي؟
تمثل مشكلة خزان صافر إحدى المشكلات التي تفضح حماقات الساسة، وتجرد تُجار الحروب وصُنّاع الأزمات من لباس الأخلاق، فعلى الرغم من وصول هذا الخزان في تهالكه إلى درجة الانهيار، منذر بكارثة كبيرة يطال ضررها الإنسان والبيئة، إلا أن المليشيات الحوثية لم تعر لذلك أي اهتمام، فسدت الأبواب في وجه أي محاولة لإصلاح هذا الخزان، أو التخلص من حمولته، ولكن على ما يبدو أن الحوثي يستخدم هذا المشكلة كورقة مساومة وضغط، وهذه سياسة تدل على غباء سياسي وموت للضمير الإنساني.
ولكن الذي يثير الاستغراب هو الموقف الدولي من هذه المشكلة، فعلى الرغم من الكارثية التي ستنتج في حال حدوثها، حيث ستكون كارثة إقليمية، ومع هذا فإن كل ما فعله المجتمع الدولي إلى الآن مجرد توسلات وترضيات للمليشيات الحوثية للسماح بالصيانة، على الرغم من أن منع مليشيات الحوثي لصيانة هذا لخزان يُعد بمثابة استخدامهم البيئة سلاحًا للتهديد والمواجهة، وهذا يعني رميهم لمبادئ القانون الدولي في سلة المهملات، وهذا أن دل على شيء فإنما يدل على أن هناك يد خفية لها اليد الطولى في المجتمع الدولي تتلاعب بهذا الملف لغرض في نفس يعقوب.
◄ماذا عن حل الأزمة اليمنية؟
في البداية يجب الإعتراف أن الأزمة اليمنية تعاني من الاغتراب، فأصبحت تُسيّر وتوجّه من أطراف خارجية، وإن الفواعل في الداخل ليس إلا أدوات لتنفيذ سياسات القوى الخارجية، لذلك فالأزمة اليمنية صارت ملف في أيدي القوى الخارجية، تستخدمه كل قوة من تلك القوى كملف ضغط أو مساومة مع القوى الأخرى، لذلك فأن مما يُقرب حل الأزمة اليمنية هو التوافق بين تلك القوى، ولا يحدث هذا التوافق إلا عندما تشعر بعض تلك القوى بمسؤوليتها تجاه اليمن ومراعاة مصالحه؛ وليس مصالحها، كما أن حل الأزمة لا يأتي إلا بعد أن تتقارب أطراف الصراع المحلية في اليمن، وتجلس على طاولة الحوار، وتتحمل المسؤولية بكل مصداقية، وتسعى لتقارب الأفكار، وتعمل على نزع الضغائن والأحقاد وإطفاء روح الانتقام، وكذلك ضرورة الفهم العميق للأزمة، من خلال الولوج إلى قعر مسبباتها، والعمل على تشخيصها، ومن ثم إيجاد المعالجات بما يتناسب مع تلك المسببات التي أثارت الأزمة، أما أي معالجة آنية أو جزئية فأن ذلك سيؤدي إلى تدويل الأزمة وتأجيلها، وكفى على ذلك شاهدًا ما حدث في فترة النظام السابق من مماطلة وعزوف عن مشكلة الحوثي في صعدة والقضية الجنوبية.