رئيس متحف الحضارة: التحول لهيئة اقتصادية ساعدنا على الخروج من عباءة المكان الأثرى.. وأزمة كورونا سبب تأجيل الافتتاح الرسمى
فاترينات مخصصة لحماية القطع ومخازن تمنع تسرب البكتيريا والأتربة
نعتمد على التكنولوجيا الحديثة فى تأمين المتحف والحفاظ على مقتنياته
صرح حضارى جمع بين التراث والثقافة والترفيه فى مكان واحد، ليصبح منطقة جذب سياحية ووجهة عائلية ملائمة يقبل عليها الجميع من كل حدب وصوب، فبالرغم من أن المتاحف دائمًا ما تكون ذات طبيعة أثرية بحتة، إلا أن متحف الحضارة خرج من عباءة هذا المفهوم ليمزج بين التكنولوجيا والطبيعة الخلابة والحضارة فى آن واحد.
ومع اقتراب افتتاح المراحل التالية للمتحف الحضارى الذى يقع بمصر القديمة وتحديدًا فى مدينة الفسطاط بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى، كان لنا هذا الحوار مع الدكتور أحمد غنيم، رئيس المتحف، والذى كشف لنا عن أسلوب العرض الجديد الذى يتبعه المكان وكل ما يتعلق بمحتوى المتحف والهدف منه، لاسيما بعد تحوله إلى مشروع قومى اقتصادى ضخم، بجانب جميع الأزمات التى واجهت المكان وتعطل العمل به مؤخرًا بسبب جائحة «كورونا» التى أجلت موعد الافتتاح والذى كان مقررًا فى أكتوبر المقبل، وإلى نص الحوار.
■ لماذا تم اختيار مدينة الفسطاط تحديدًا كموقع للمتحف رغم صعوبة وصول السياح له؟
- فى البداية حددنا المقر الأولى للمتحف بالأوبرا، ولكن بعدما وجدنا أن التصميم أصبح ضخمًا ويحتاج لمساحات واسعة، تم اختيار مدينة الفسطاط باعتبارها موقعًا يحيط به مجمع الأديان ويقترب من القلعة ليصبح المتحف القطعة المكملة للحضارة المصرية الأصيلة بهذه المنطقة.
■ هل هناك اختلاف بين متحف الحضارة والمتاحف المحلية الأخرى لدينا؟
- بالطبع يختلف المتحف عن بقية المتاحف الأخرى فى إنه يتناول الحضارة المصرية كقصة متكاملة أكثر من كونها مقتنيات بداية من العصور البدائية والحجرية ومرورًا بالعصور الفرعونية والقبطية والإسلامية وصولًا إلى العصر الحديث، كما أنه يختلف عن المتحف المصرى الكبير والذى اهتم بعرض المقتنيات الفرعونية وتناول هذا العصر فقط بالتحديد، بعكس متحف الحضارة وهو ما دفعنا للتفكير فى أن يكون الشعار الرئيسى له هو «عيش الحضارة المصرية».
■ هل تقارب توقيت الافتتاح مع المتحف المصرى الكبير قد يظلم الإقبال على متحف الحضارة؟
- لا تعد هذه النقطة مهمة بالنسبة لنا، خاصة أن متحف الحضارة له نوعية محددة من الزوار ذات اهتمامات مختلفة عن زوار المتحف الكبير، فنحن لا نقتصر على كوننا متحفاً محملاً بالقطع الأثرية فحسب، لكن نأخذ الزائر فى جولة زمنية تدريجية حول الحضارة بأسلوب عرض شيق وجديد.
كما أن المتحف يعد منارة ثقافية متكاملة غير مرتبطة بالتاريخ فقط، لاسيما بعدما تحولت إلى هيئة اقتصادية فى عام 2020م من ناحية البنية المؤسسية والبشرية، فبدأنا فى إدخال أنشطة تعليمية ومعملية وثقافية وأثرية ليحتوى بذلك على إمكانيات عظيمة غير موجودة بأى متحف محلى آخر.
فيتميز المتحف بأنه يضم منطقة ترفيهية تجارية مكونة من 3 طوابق، الأول مخصص للعروض المسرحية من دورين بسعة 480 كرسياً، بينما يحتوى الطابق الأرضى على مساحة لمعروضات بيت الهدايا بجانب قاعتى اجتماعات إحداهما تضم 187 كرسياً، والثانية مصغرة تحتوى على 24 مقعداً.
ويحتوى المتحف كذلك على مول تجارى، بالإضافة إلى سينما ثرى دى ومنطقة مخصصة للمطاعم والتى تطل على بحيرة عين الصيرة، فضلًا عن مواقف للسيارات والحافلات.
ويضم متحف الحضارة المسرح اليونانى الرومانى المصغر لمسرح الإسكندرية، بجانب مصبغة أثرية من العصر الفاطمى اكتشفت قبل بناء المتحف ولا يوجد منها سوى قطعتين فى العالم وهما بمصر والمغرب.
■ كيف يساعد المتحف كهيئة اقتصادية على زيادة الدخل القومى للدولة؟
- من الناحية التجارية؛ يحتوى المتحف على مول متكامل يضم 42 محلًا تجاريًا، سيتم التعاقد مع مستثمرين لتأجيرها لهم.
أما من الناحية العلمية؛ فهناك معامل أبحاث مركزية ضخمة تضم 50 علمياً متخصصاً فى مجالات مختلفة كالفيزياء والكيمياء والبيولوجى، يقومون بإجراء أبحاث علمية بصفة دورية على القطع الأثرية المكتشفة الخاصة بمتحف الحضارة وبالمتاحف الأخرى، فيتم التعاقد مع المتاحف الداخلية والعالمية من أجل إجراء الأبحاث على المقتنيات الأثرية الخاصة بهم، ومساعدتهم على الوصول إلى تفاصيل أكثر عنها، وبالفعل هناك مجموعة من بروتوكولات التعاون بصدد التوقيع عليها ولكن سيتم الإعلان عنها بعد الافتتاح.
■ هل يساهم مركز الترميم البحثى داخل المتحف فى منع ظاهرة تشويه القطع الأثرية المصرية؟
- بالتأكيد؛ فدور المعمل ليس محليًا فقط بل إقليمى ودولى، لذا فهو يعمل على تطوير عملية الترميم ويقدم كل ما هو مرتبط بالمجال الأثرى بشكل عام.
■ بدأ العمل على تأسيس المتحف منذ عام 2002م فلماذا استغرق 17 عامًا لإنهائه؟
- بدأ وضع حجر الأساس للمتحف فى ديسمبر 2002م، أما عن مرحلة الإنشاء الفعلية فبدأت عام 2004م، ولكن كأى مشروع قومى كان هناك العديد من الصعوبات التى واجهتنا مثل الظروف السياسية التى بدأت منذ عام 2011م بجانب نقص الموارد المالية نظرًا لضخامة المساحة التى تقدر بـ 11 فدانًا ما تسبب فى تأخر الانتهاء من المتحف حتى تم افتتاحه جزئيًا بأول قاعة عرض فى فبراير2017م واستمر عملها حتى توقفنا بسبب ظروف فيروس كورونا التى عطلت العمل لفترة من الوقت أجلت الافتتاح.
■ ما أبرز التقنيات الحديثة المستخدمة فى المتحف؟
- استخدمنا أحدث تكنولوجيا فى أساليب العرض المتحفى من جهة نوعية الفاترينات المستخدمة، بجانب طريقة استخدام الوسائط المتعددة فى العرض، فضلًا عن التقنيات المستخدمة بالمعامل والمخازن التى تعمل بتقنية تحافظ على القطع الأثرية بها وتمنع تسرب البكتيريا إليها، كما اعتمدنا على التكنولوجيا الحديثة فى أساليب تأمين المتحف، بجانب المطبعة المخصصة لمطبوعات المتحف، والاستوديو المخصص لتصوير القطع الأثرية على أحدث مستوى.
■ حدثنا عن الاستعدادات النهائية لافتتاح المتحف خلال الأيام المقبلة؟
- مبدئيًا لن يتم افتتاح المتحف فى أكتوبر المقبل كما أعلنت بعض وسائل الإعلام، ولكن سيتم عمل افتتاح جزئى قبل نهاية العام فى موعد لم يحدد حتى الآن لبعض قاعات المتحف التى تم الانتهاء منها، وهى القاعة المركزية وقاعة الممياوات الملكية بحضور رئيس الجمهورية، وسيتم استكمال العمل بعد ذلك على بقية المراحل الأخرى وإعلان افتتاحها فيما بعد.
أما عن استعدادات الافتتاح فهناك جزء لوجيستى مرتبط بتجهيز المكان وتجميل معالمه، بالإضافة إلى إتمام عملية نقل الممياوات من المتحف المصرى لمتحف الحضارة لتبدأ فى أخذ وضعها بالقاعات فور تحديد موعد الافتتاح الرسمى، بجانب العمل على الانتهاء من تجهيز بقية الأنشطة الثقافية والترفيهية الأخرى ليصبح المكان مؤهلاً للتنزه العائلى.
■ ما أبرز المقتنيات الأثرية التى يضمها متحف الحضارة؟
- يحتوى المتحف على 20 مومياء ملكية و17 تابوتًا سيتم عرضها فى قاعة الممياوات الملكية، كما أن كل حقبة زمنية يستعرض المتحف تراثها تضم قطعة «ماستر بيس» تجذب الزوار، فعلى سبيل المثال فى العصر الفرعونى تعد القطعة الأكثر تميزًا فيها هى أول قدم صناعية لدينا.
■ حدثنا عن تفاصيل أقسام المتحف الداخلية؟
- يوجد لدينا 5 صالات عرض وهى؛ قاعة العرض المركزى والتى تضم حقب ما قبل التاريخ ، بالإضافة إلى قاعة الممياوات الملكية التى تم تصميمها كنموذج مصغر لمقابر وادى الملوك، بالإضافة إلى قاعة متحف العاصمة والتى تتواجد على شكل هرم فى قمة المتحف يوفر لزواره رؤية بانورامية لمعالم القاهرة من الأعلى، بالإضافة إلى استمتاعهم بمشاهدة مجموعة من العروض التى تحكى تاريخ مدن وعواصم مصر على مر السنوات.
وتقسم قاعات العرض إلى أقسام داخلية تحمل أسماء تعبر عن كل حقبة زمنية تسلط الضوء عليها، مثل قاعة الكتابة وقاعة النيل وقاعة فجر الحضارة، بالإضافة إلى الثقافة المادية والمعتقدات الدينية والدولة والمجتمع.
■ هل يضم المتحف برامج مخصصة لتثقيف الأطفال تاريخيًا؟
- بالطبع؛ فيحتوى المتحف على 5 فصول للتربية المتحفية، يتم استقبال الأطفال وطلاب المدارس فيها لتثقيفهم ومساعدتهم على محاكاة كل ما يرونه، حيث يتجولون داخل قاعات العرض المركزية وقاعة الممياوات الملكية ومن ثم يقومون بتقليد ما رأوه من خلال النسيج أو الفخار حيث تقام ورش مخصصة لتعليمها، بجانب مجموعة من ورش صناعة الحلى.
■ لماذا لا توجد حملات تسويقية كافية لتعريف المواطنين بالمتحف الجديد؟
- لأن الترويج للمتحف قبل الانتهاء منه سيفقده قيمته الحقيقية بمجرد السماع عن افتتاحه فيما بعد، لذا ففى رأيى التسويق المناسب له بعد الافتتاح الرسمى سيجذب الاهتمام بشكل أكبر نحوه من قبل المواطنين والسياح لأن السماع عنه لأول مرة سيثير فضولهم نحو زيارته.