رامى رشدى يكتب: روشتة «الفجر» للحكومة.. كيف يتم تنفيذ قرارات الرئيس فى مخالفات البناء؟
حل تعارض الولاية بين وزارتى الزراعة والإسكان ولجنة استرداد الأراضى قبل انتهاء المهلة أو مدها
وقف التخبط فى نسب التخفيضات بين رئيس الحكومة والمحافظين
منذ أسبوعين قال الرئيس عبد الفتاح السيسى إنه لن يبيع الوهم للمواطنين ولن يترك أى ملف يمس مستقبل مصر دون معالجة، ضاربا عرض الحائط باعتبارات السياسة والحفاظ على الشعبية، لأنه يعمل لصالح الوطن وليس شيئًا آخر، خصوصا أن هذا الأسلوب جعل مصر تتخطى أزمة اقتصادية عانى منها العالم بسبب أزمة انتشار فيروس كورونا «عملنا ده فى الاقتصاد وربنا وفقنا وده كان الرصيد اللى عدينا بيه الأزمة، كل عمل صالح بنعمله لأجل خاطر بلدنا وربنا حتى لو الناس مش راضية، هتتألموا مني؟ طيب أعمل إيه؟ مش عايزين تساعدونا ليه؟ ليه مصرين على مواقفكم؟».
وشرح الرئيس الهدف من قانون التصالح فى مخالفات البناء: «بتحلموا ببلد كويسة ومترتبة ولا كل واحد عايز يعمل اللى عايزه؟ الموضوع مش مجرد بيت بيتهد.. إحنا محتاجين نوضح مدى التأثير الخطير على مصر نتيجة هذا التجاوز، نخاطب عقل الناس إن ده خطر كبير جداً على مستقبل البلد».
كان حديث الرئيس إشارة إلى عدم رضاه عن بطء عمليات التصالح فى مخالفات البناء لأن ما تحقق على أرض الواقع، لم يكن مرضيا، ثم صدرت تعليمات مشددة وصارمة للحكومة والمحافظين بضرورة تطبيق القانون، وعدم تمديد مهلة التصالح لما بعد سبتمبر الجارى.
الحكومة والبرلمان لم يحسما الملف فتدخل الرئيس
قبل تدخل الرئيس بشكل واضح ومباشر كان هناك مفاوضات بين الحكومة ومجلس النواب لمد فترة التصالح ٦ أشهر أخرى وهو وجهة نظر بعض النواب فى لجنتى المقترحات والشكاوى والإدارة المحلية.
وبعد حديث الرئيس أعلن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، فى مؤتمر صحفى، أنه لا تمديد لمهلة التصالح كما أعلن عن حزمة من الإجراءات والتسهيلات على المواطنين، وأعطى المحافظين مطلق الحرية فى اتخاذ الإجراءات التى يرونها مناسبة كل فى محافظته.
1- المحافظون يطبقون القرار حسب الأهواء
وتضاربت تصريحات المحافظين ونسب تخفيض قيمة التصالح بين كل محافظ وزميله، كما اختلفت درجة التطبيق فى كل محافظة، هناك من سارع بتطبيق القرار وأعلن عن نسب التخفيض دون أن يوضح أو يشرح لأهالى المحافظة أسباب خفض قيمة التصالح أو كيفية تطبيق التسهيلات التى أقرتها الحكومة لصالح المواطنين، فمثلا أعلن محافظ الفيوم أنه وصل لنسبة ١٠٠ % تصالح فى المخالفات دون توضيح حجم الأموال المحصلة أو سعر المتر فى القرى والمدن.
وهناك محافظون على رأسهم محافظا الجيزة والاسكندرية تأخرا فى الإعلان عن حجم التصالح، وسط أنباء عن مخاوف من إثارة الإخوان للمواطنين من خلال الخلايا النائمة التابعة للجماعة التى تحرض المواطنين على عدم السداد خصوصا فى المحافظتين اللتين يضمان أكبر نسبة مخالفات بناء على مستوى الجمهورية.
وأربك بعض المحافظين المشهد بالإعلان عن أن أسعار المتر منخفضة عندهم مقارنة بالقاهرة والجيزة والإسكندرية، لأنها محافظات مركزية ويقطن بها أغلب رجال الأعمال والمال والصناعة، وهو أمر غير صحيح على أرض الواقع لأن هناك محافظات يصل فيها السعر أضعاف الموجود فى القاهرة مثل أسيوط.
سوء تصرفات المحافظين، بالإضافة إلى عدم اقتناع شرائح من المواطنين بفائدة التصالح، دفع البعض خصوصا فى قرى بحرى والصعيد على حد سواء إلى مقاومة قوات تنفيذ القانون، ما دفع الحكومة مرة أخرى لإصدار حزمة من التيسيرات بعد تعليمات من الرئيس السيسى، بأن يكون متر التصالح فى القرى بالوجه البحرى والصعيد مقابل ٥٠ جنيها، وللمرة الثانية لم يوضح المحافظون للأهالى الآلية أو كيفية التطبيق، وهو ما وضع المواطنين فى تخبط شديد.
2- الحكومة لم تضع آلية لتقديم الطلبات إلكترونيا
ومع تخبط الحكومة فى تنفيذ القانون عانى المواطنون بسبب تعنت الموظفين والزحام الشديد وتعدد إجراءات وأماكن التصالح، بخلاف تداخل الوسائط وسماسرة الأزمات، وسط غياب منظومة الحكومة الرقمية التى كان الجميع فى حاجة شديدة لها لاختصار الوقت وتسهيل الإجراءات ومنع الزحام حتى لا يصاب المواطنون بعدوى فيروس كورونا وللقضاء على ظواهر وسلبيات وفساد التعامل مع الموظفين.
ولكن الحكومة رسبت فى اختبار الرقمنة لأنها لم تضع آلية لتقديم التصالح إلكترونيا، مع حزمة التسهيلات التى قدمتها، كما لم تقدم إجابة حول كيفية التعامل مع ملايين المواطنين الراغبين فى التصالح خلال ١٥ يوماً قبل انتهاء مهلة تقديم الطلبات فى ظل الإجراءات الروتينية المعقدة وتعدد جهات التصالح بالإضافة للخلاف على الولاية.
خلافات فى غير أوانها على الولاية بين الوزارات
لأن التصالح على مخالفات البناء متداخل بين الجهات الحكومية ما بين تعدٍ على أراضٍ تتبع وزارة الزراعة وأخرى تتبع الأوقاف والرى وتداخل وزارتى الإسكان والتنمية المحلية فى الأزمة، مع لجنة استرداد أملاك الدولة، لم تحدد الحكومة جهة واحدة تختص بتنفيذ القانون وتركت كل وزارة تحدد آلياتها فى تطبيق القانون، ما زاد الأمر تعقيدا.
4- الحكومة فتحت باب التصالح لما قبل ٢٠٠٨
وما زاد الأمر إرباكا تصريحات رئيس مجلس الوزراء الأخيرة والتى لم تحسم فئة المواطنين المستهدفين من قانون التصالح هل كل من خالف قانون البناء بعد سنة 2008، وهل سيتم تطبيق قانون البناء الموحد هذا العام أم على الفترة التى سبقت هذا التاريخ.
مدبولى قال إنه بناء على تعديل القانون تم تبسيط إجراءات التصالح الخاصة بتقرير الاستشارى الهندسي، كما تم فتح المجال لكل المخالفات، ولم تعد مرتبطة بما بعد عام 2008.
هذا التصريح فتح باب اللغط على مصراعيه ووضع المواطنين فى حيرة من أمرهم خصوصاً المخالفين قبل عام 2008 وبعد عام ٢٠٠٠، أم أن الأمر سينطبق على مخالفات تسعينيات وثمانينيات القرن الماضى، ما يجعل جميع المواطنين تقريبا تحت طائلة القانون، رغم أن القاعدة الدستورية المعروفة بأن القانون لا يطبق بأثر رجعى كما أن هناك وقائع تسقط بالتقادم، وعدم سداد مقابل أى تصالح بأثر رجعي.
5- الحل فى روشتة من 3 سطور
يجب على الحكومة إعلان الاستنفار والتعامل مع كل دقيقة باعتبارها أمرًا يخص أمن الوطن بمعناه الشامل لتطبيق إجراءات لتقديم الطلبات إلكترونيا خصوصا أنه المهلة متعلقة بتقديم الطلبات وليس إتمام التصالح، بجانب إعلان الحكومة تفاصيل التصالح بوضوح تام وكذلك المحافظين حتى لا نترك المواطنين ضحايا للقنوات المحترفة دق أسافين بين الشعب والدولة.