مناورات عسكرية جديدة.. تركيا تواصل تأجيج الصراع في شرق المتوسط
العدوان واستعراض القوة.. هكذا يبدو السلوك التركى فى منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، التى لم تزل تشهد توترات عدة، بين تركيا من ناحية، واليونان وقبرص من ناحية أخرى، على خلفية قيام أنقرة بالتنقيب عن الغاز فى المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، وإرسال طائرات بشكل مستمر لاختراق أجواء اليونان، ضاربة بكل الاتفاقيات الدولية عرض الحائط.
ومع تفاقم الأزمة المستعرة فى منطقة شرق المتوسط، لم تزل تركيا تخذ خطوات أحادية وتحركات ومواقف استفزازية، جعلت المنطقة بأسرها وشيكة على الانفجار، نتيجة للمنهج العدوانى الذى يتبناه الرئيس التركى فى التعامل مع الأزمة، ويتخذ منه قاعدة للانطلاق طمعا فى ثروات الدول، وأملا فى السيطرة على منطقة شرق المتوسط بالكامل.
مناورات تركية جديدة فى شرق المتوسط
واستمرارا فى استعراض القوة، أعلنت تركيا عن إجراء مناورات بحرية جديدة، في منطقة شرق المتوسط.
وتأتى المناورات التركية التى تبدأ غدًا السبت، وتستمر حتى يوم الإثنين المقبل، بعد يومين فقط من انتهاء مناورة "عاصفة المتوسط"، وهى مناورة عسكرية تركية انطلقت يوم الأحد الماضى، واستمرت حتى أمس الخميس، فى منطقة شرق المتوسط، شاركت فيها قوات جوية وبرية وبحرية تركية، إلى جانب قوات تابعة لجمهورية شمال قبرص، التى لا تعترف بها دول العالم كافة، باستثناء تركيا.
ويرى فيه سياسيون أن "عاصفة المتوسط" جاءت فى إطار استعراض القوة، تلك السياسة التى تنتهجها تركيا، لممارسة الضغوط على اليونان، والدفع إلى التفاوض معها، دون شروط، فى حين ترفض اليونان تلك الممارسات، مطالبة أنقرة بالكف عن تهديداتها.
تركيا تزعم استعدادها للحوار ثم تواصل عمليات التنقيب
وعادة ما تزعم تركيا أنها مستعدة للحوار مع جيرانها، لبحث أزمة شرق المتوسط، والتوصل إلى حلول، لكنها تعلن بعد ذلك استمرار عمليات البحث والتنقيب، وقد تجلى ذلك فيما نشرته وزارة الدفاع التركية، الأحد الماضى، من لقطات فيديو مصورة لسفينة "عروج رئيس" التركية، وهى تواصل أعمال البحث والتنقيب عن موارد الطاقة، والغاز الطبيعى، فى منطقة شرق المتوسط، وبرفقتها فرقاطة بهدف تأمين أعمال التنقيب.
وكتبت وزارة الدفاع على مقطع الفيديو الذى نشرته عبر حسابها الرسمى على موقع "تويتر": "تواصل الفرقاطات التابعة لقواتنا البحرية بحزم، واجبها فى مرافقة وحماية سفينة الأبحاث عروج رئيس، التى تواصل العمل فى مناطق اختصاصنا فى شرق البحر الأبيض المتوسط" وأضافت وزارة الدفاع فى تغريدتها: "لن يُسمح بالفوضى فى المنطقة".
وتضمن محتوى الفيديوالذى نشرته وزارة الدفاع التركية، جانبا من المكالمات اللاسلكية بين طاقم السفينة والفرقاطة التى ترافقها بهدف حمايتها وتأمينها فى أثناء قيامها بأعمال الاستكشاف والتنقيب عن موارد الطاقة.
وبحسب وكالة "الأناضول" الرسمية التركية، فإن المكالمات اللاسلكية التى ظهرت فى الفيديو، تناول خلالها قائد الفرقاطة المكلفة بالتأمين الحديث عن أنهم فى مهمة ذات أهمية كبيرة لتركيا، موجها حديثه لطاقم سفينة الأبحاث: "نحن على ثقة بأنكم ستزفون البشرى التى ينتظرها شعبنا".
كما أكد قائد الفرقاطة على تصميم القوات البحرية التركية على حماية حقوق ومصالح بلاده فى بحارها.
وفى مقطع الفيديو، رد أحد أفراد طاقم سفينة الأبحاث "عروج رئيس" على قائد الفرقاطة بقوله: "معرفتنا بوجود أسطولنا البطل هنا، تتيح لنا العمل بكل أمان".
تركيا لم تعد شريكا فى شرق المتوسط
وفى يوم الخميس الماضى، وفى ختام قمة جمعت رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبى المتوسطية، فى جزيرة كورسيكا، حذر الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، تركيا من فرض عقوبات أوروبية عليها إذا لم توقف عملياتها وتحركاتها الأحادية فى منطقة شرق المتوسط.
وقال ماكرون إن تركيا لم تعد شريكا فى منطقة شرق المتوسط، إذا ما استمر أوردغان على هذا النهج، مؤكدا أن أنقرة تنخرط في سلوك غير مقبول، حين تواصل أعمال التنقيب عن موارد الطاقة، والغاز الطبيعى، في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص.
وأضاف ماكرون: "نريد تجنب أي تصعيد"، مشددا أن تجنب التصعيد لا يعنى السلبية أو الخنوع.
وأصدرت القمة بيانا ختاميا، بشأن الأزمة، أكدت فيه الدول المشاركة أنها لا تستبعد احتمالية فرض عقوبات على تركيا إذا لم تتراجع عن موقفها الأحادى.
وقف الاستفزازات
أما الاتحاد الأوروبى، فكان قد اشترط وقف الاستفزازات التركية، والتصرفات الأحادية التى تقوم بها فى منطقة شرق المتوسط، للبدء فى حوار من شأنه تهدئة واحتواء التوتر الذى تشهده المنطقة.
وأعلنت الدول الأوروبية، تمسكها بموقفها الداعم لقبرص واليونان، فى مواجهة تركيا، بحسب وكالة "آكى" الإيطالية، التى ذكرت أن الدول الأوروبية طالبت تركيا مجددا، بالاستجابة لنداءات المجتمع الدولى، والتراجع عن تصرفاتها الأحادية، لخلق أرضية مناسبة للحوار، بحثا عن حلول مناسبة للأزمة التوترات المتصاعدة فى المنطقة، بالطرق الدبلوماسية.
وتعقيبا على ما يتردد عن طلب تركيا لوساطة من سويسرا، فى حل أزمتها مع اليونان، قال بيتر ستانو، المتحدث باسم الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، والذى بدا متحفظا، إن الأمر يبقى برسم الطرفين المنخرطين فى النزاع، يقصد بذلك اليونان وتركيا، لافتا إلى أن هناك مبادرات عدة واقتراحات، تسعى جميعها إلى خفض التوتر القائم فى شرق المتوسط، وإنهاء النزاع بين تركيا واليونان.