"كوكتيل ذِكريات وحنين للماضي".. "عم خالد" رجل من زمن شرائط الكاسيت بدمنهور (فيديو)
من الوهلة الأولى لدخول هذا المكان تشعر وكأنك عبرت من إحدى بوابات الزمن لتستعيد ذكريات زمن التسعينيات بعيدا عن عصر التكنولوجيا والموبايل، فملامح المكان اكتسبت رونقًا خاصًا يجعلك تشعر بالهدوء على أنغام الموسيقى الكلاسيكية القديمة.
ورغم ما أصاب مهنة صناعة الكاسيت من عطب، لكن تجده يجلس دائمًا داخل محله على "حِس" الذكريات، في محاولة منه أن يكون الصديق المخلص لذكريات شرائط الكاسيت.. هكذا نتحدث عن "خالد حسين يونس" هذا الرجل العاشق للمزيكا والأغاني والذي حصل علي ليسانس آداب قسم فلسفة، وأطلق عليه لقب صاحب أقدم محل لبيع شرائط الكاسيت بمدينة دمنهور في محافظة البحيرة.
لم يتأثر "عم خالد" من اختفاء الزبائن وانقراض شرائط الكاسيت تدريجيًا حتى أصبحت سلعة "أنتيكة" تزين محله وأرففه الزجاجية ليلجأ إلي نسخ وبيع اسطوانات وفلاشات الأفلام والأغاني كنوع من أنواع مواكبة التطور التكنولوجي.
وبحلول عام 1986، تحول "عم خالد" إلى صاحب محل توزّيع وبيع شرائط الكاسيت في منطقة شارع السجن بدمنهور وظل بهذا المكان حتى عام 1993، ثم انتقل إلي منطقة الأبراج وظل بها 3 سنوات، قبل أن ينتقل إلي آخر محطة له بمدينة دمنهور في شارع "صوت الحب" بمنطقة مشتل كرم والذي سمي الشارع نسبة له كأقدم محل به.
يسترجع "عم خالد" ذكرياته مع "شريط الكاسيت" في الثمانينيات والتسعينيات، منذ أن كان صبيا، قائلا: فترة الثمانينات والتسعينات، كانت خصبة مليئة بالمطربين العمالقة الذين حفروا أسمهم من ذهب في عالم الفن، وبعد ذلك جاءت فترة العولمة وانقرض وانهار الكاسيت وبدأ ينحدر وسط هذا التطور، ما دفع الشركات للإغلاق، رغم خروج تقارير كثيرة تتحدث عن بدء خطة لهيكلة كل شركات إنتاج الكاسيت المتبقية منذ 2018 وإعادة هيكلتها ودمج إداراتها.
ويكمل "عم خالد" حديثه عن ذكريات شريط الكاسيت، تلمع عيناه عند نقطه تبلغ فيها الذكريات ذروتها، قائلا: شرائط الكوكتيل زمان كانت نمرة واحد، فكان قبل نزول الألبوم الرسمي كان يأتي لي الأحباء والمخطوبين لعمل الشرائط الكوكتيل وإهدائها لأحبائهم، وهذه الفترة كانت من عام 1991 وحتى 2001 والتي شهدت أكثر مبيعات وتوزيعات للكاسيت، وبدأت مع شريط كواحل للمطرب حميد الشاعري وليلة للمطرب هشام عباس ومكتوب للمطرب علاء عبدالخالق، ولكن الشباب في الوقت الحالي لا يعرفون شئ عن شريط الكاسيت، ولكن مازال لي زبائن يشترون الشرائط علي الرغم من انقراضها، لكن أصحاب الذوق العالي يحبوا دائما أن يحافظوا على تراثهم.
"زمان قبل نزول الشريط الرسمي للمطرب، كان الحبيبة والمخطوبين يهدون بعضهم البعض شرائط الكوكتيل"، يقولها "عم خالد" بينما يسند ظهرِه إلى حائط الذكريات، ويضيف قائلا: هذه الفترة كانت من عام 1991 وحتى 2001 في عز بيع وتوزيع الكاسيت والتي كانت فترة رواج الكاسيت والتي بدأت مع شريط كواحل للمطرب حميد الشاعري وليلة للمطرب هشام عباس ومكتوب للمطرب علاء عبدالخالق، ولكن الشباب في الوقت الحالي لا يعرفون شيء عن شريط الكاسيت.
ويوضح "عم خالد" سر ارتباطه بالأغاني الأجنبية القديمة، قائلا: أنا من عشاق الأغاني الأجنبية، كما أن لها دور في تنمية اللغة لدي الطفل وبممارستها يتم إتقانها، وذلك لأن المناهج التعليمية في المدارس هي للمذاكرة والامتحان فقط، وكان الألبوم الأجنبي في السابق يكون مع كل شريط ورقة بها اسم الأغنية وكلماتها كاملة باللغة الانجليزية، وهذا كان يساعدني أكثر علي القراءة وترجمة الأغنية لمعرفة معناها.
"ذوق الناس اتغير 360 درجة وبطلوا يسمعوا التراث المصري زي زمان".. بهذه الكلمات يكمل "عم خالد" حديثه، ويضيف قائلا: التراث المصري كان يتمثل في أم كلثوم، نجاة، عبدالحليم، وردة، محمد عبدالواهب، وغيرهم، وبعد ذلك ظهر جيل آخر مثل "ميادة، أصالة، لطيفة"، ثم "عمرو دياب، علي الحجار، إيمان البحر درويش، محمد منير، محمد الحلو، حميد الشاعري، محمد فؤاد، علاء عبدالخالق، فؤاد عبدالمجيد" وهذا كان نوع من أنواع تطور المزيكا.
ويكمل "عم خالد" حديثه قائلا: بعد ذلك بدأ الانحدار في مستوي الأغنية المصرية حتى وصلت للمهرجانات والأغاني المبتذلة وللأسف أصبحت مطلوبة، رغم محاولات الأستاذ هاني شاكر لضبط الأغنية في مصر، ولكن بسبب التكنولوجيا والانترنت أصبحت أغاني المهرجانات متداولة وأكثر انتشارا وانعدمت السيطرة والرقابة، بعكس ما كان يتم في السابق بوجود رقابة من وزارة الثقافة علي المغنيين، ويخرج بها تصريح رقابي للتسجيل والتوزيع.
ويؤكد "عم خالد" أنه مع خروج الكاسيت من السوق وظهور سعد الصغير بأغنية "بحبك يا حمار" فكانت هذه الفترة بداية حرق ونهاية شريط الكاسيت في مصر، مشيرا أن أغاني المهرجانات هي التي يطلبها غالبية السوق في الوقت الحالي، قائلا: أغاني المهرجانات مثل موضة الملابس المقطعة، فهو المطلوب للشباب في الوقت الحالي.