مى سمير تكتب: كامالا هاريس.. كلمة سر بايدن من أجل هزيمة ترامب

مقالات الرأي




وقع اختيار جو بايدن على سيناتور كاليفورنيا كامالا هاريس نائبة له فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بهذا الترشيح دخلت هاريس التاريخ كأول امرأة سوداء تتنافس على التذكرة الرئاسية لحزب كبير، كما يعكس هذا الاختيار الاعتراف بالدور الحيوى الذى يلعبه الناخبون السود فى محاولة بايدن لهزيمة الرئيس دونالد ترامب.

غرد المرشح الديمقراطى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية جو بايدن: «يشرفنى أن أعلن أننى اخترت كامالا هاريس- المقاتلة الشجاعة وأحد أفضل الموظفين العموميين فى البلاد - شريكتى فى الترشح»، فى رسالة نصية لمؤيديه، قال بايدن، «معا، معكم، سنهزم ترامب».

ترشحت هاريس فى الانتخابات الرئاسية التمهيدية للحزب الديمقراطى لعام 2020 واجتذبت الاهتمام الوطنى قبل إنهاء حملتها فى 3 ديسمبر 2019، وهى أول أمريكية من أصل أفريقى وأول أمريكية من أصل آسيوى وثالث امرأة ترشح لمنصب نائب الرئيس على بطاقة حزب كبير بعد جيرالدين فيرارو عام 1984 وسارة بالين عام 2008.

1- اختيار استراتيجى

مع اختياره هاريس، يحتضن بايدن منافسة سابقة من الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى على دراية بالصرامة الفريدة للحملة الوطنية، هاريس، عضو مجلس الشيوخ البالغة من العمر 55 عاما، هى أيضا واحدة من أبرز الشخصيات فى الحزب الديمقراطى. 

تنضم هاريس إلى بايدن بسباق 2020 فى وقت أزمة وطنية غير مسبوقة، أودت جائحة فيروس كورونا بحياة أكثر من 150 ألف شخص فى الولايات المتحدة، وهو عدد أكبر بكثير من إجمالى عدد الوفيات فى الدول الأخرى، أدى إغلاق الأعمال والاضطرابات الناتجة عن الوباء إلى انهيار اقتصادى، فى أثناء ذلك، اشتعلت الاضطرابات فى جميع أنحاء البلاد حيث احتج الأمريكيون على العنصرية ووحشية الشرطة الممنهجة ضد أصحاب البشرة السمراء.

أعطى تعامل ترامب غير المتكافئ مع الأزمات فرصة لبايدن كى يدخل المرحلة الأخيرة من الحملة الانتخابية فى موقف قوى ضد الرئيس الأمريكى الحالى من خلال إضافة هاريس إلى حملته الانتخابية، يمكنه الإشارة إلى سجلها الوسطى نسبيا فى قضايا مثل الرعاية الصحية وخلفيتها فى تطبيق القانون فى أكبر ولاية بالبلاد.

أمضى بايدن- الذى قضى ثمانى سنوات كنائب للرئيس باراك أوباما- شهورا فى تقييم من سيلعب دور نائب الرئيس فى البيت الأبيض، وتعهد فى مارس باختيار امرأة لمنصب نائب الرئيس مما خفف من إحباط الديمقراطيين من أن السباق الرئاسى سيتركز على رجال من أصحاب البشرة البيضاء فى السبعينيات من العمر.

كان بحث بايدن موسع، بما فى ذلك السيناتور إليزابيث وارين من ولاية ماساتشوستس، النائبة التقدمية البارزة، فال ديمينجز، التى نالت مقاضاتها ضد ترامب استحساناً، وكارين باس، التى تقود التجمع الأسود فى الكونجرس، ومستشارة أوباما للأمن القومى السابقة سوزان رايس، وعمدة أتلانتا كيشا لانس بوتومز، التى حظيت استجابتها القوية للاضطرابات فى مدينتها باهتمام وطنى.

يحمل اختيار نائب الرئيس أهمية متزايدة هذا العام، إذا تم انتخاب بايدن، فسيكون فى الثامنة والسبعين من عمره عندما يتم تنصيبه فى يناير، وهو أكبر رجل يتولى الرئاسة الأمريكية على الإطلاق، لقد تحدث عن نفسه كشخصية انتقالية ولم يلتزم تماما بالسعى للحصول على فترة ولاية ثانية فى عام 2024، إذا رفض القيام بذلك، فمن المحتمل أن تصبح زميلته فى الترشح هى الأوفر حظا للترشيح فى ذلك العام.

أطلقت هاريس حملتها الرئاسية فى أوائل عام 2019 تحت شعار «كامالا هاريس من أجل الشعب»، فى إشارة إلى عملها فى قاعة المحكمة، كانت واحدة من أبرز المتنافسين فى الانتخابات التمهيدية الديمقراطية المزدحمة وجذبت 20 ألف شخص إلى أول تجمع انتخابى لها فى أوكلاند، لكن الوعد المبكر لحملتها تلاشى فى النهاية، أثارت خلفيتها فى مجال إنفاذ القانون شكوكاً من بعض التقدميين، وقد كافحت من أجل نقل رسالة متسقة لها صدى لدى الناخبين، فى مواجهة مشاكل جمع التبرعات، انسحب هاريس فجأة من السباق فى ديسمبر 2019، قبل شهرين من الإدلاء بأول الأصوات فى الانتخابات التمهيدية. 

خلال المناظرة الرئاسية الديمقراطية الأولى فى يونيو 2019، وبخت هاريس نائب الرئيس السابق جو بايدن بسبب تصريحاته التى تحدث فيها باعتزاز عن أعضاء مجلس الشيوخ الذين اشتهروا بدعم الفصل العنصرى، اعتقد البعض أن بايدن سوف يستبعدها لأنها هاجمته بشدة خلال المناظرات الرئاسية، لكنها فى الحقيقة أثارت إعجاب بايدن حيث تعد كامالا مناظرة رائعة ومقاتلة. 

2- هوية معقدة 

ولدت هاريس فى 20 أكتوبر 1964 فى أوكلاند بكاليفورنيا، وكانت والدتها شيامالا جوبالان عالمة فى مجال سرطان الثدى هاجرت من تاميل نادو بالهند فى عام 1960 للحصول على الدكتوراه فى طب الغدد الصماء بجامعة كاليفورنيا فى بيركلى، والدها هو جى هاريس، أستاذ فخرى فى الاقتصاد بجامعة ستانفورد، هاجر من جامايكا البريطانية فى عام 1961 من أجل متابعة الدراسات العليا فى الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا ببيركلى.

فى أسرة عاشقة للعلم، تخرجت فى جامعة هوارد حيث درست القانون، بدأت حياتها المهنية فى مكتب المدعى العام لمقاطعة ألاميدا، قبل أن يتم تعيينها فى مكتب المدعى العام لمقاطعة سان فرانسيسكو، فى عام 2003 تم انتخابها كمدعية عامة لمنطقة سان فرانسيسكو، ثم انتخابها لمنصب المدعى العام لولاية كاليفورنيا فى عام 2010، وأعيد انتخابها فى عام 2014.

هزمت لوريتا سانشيز فى انتخابات مجلس الشيوخ لعام 2016 لتصبح ثانى أمريكية من أصل أفريقى وأول أمريكية من جنوب آسيا تنضم إلى مجلس الشيوخ الأمريكى، بصفتها عضو فى مجلس الشيوخ، فقد دعمت مشاريع مثل إصلاح الرعاية الصحية، وحظر الأسلحة الهجومية، والإصلاح الضريبى التدريجى، اكتسبت شهرة وطنية لاستجوابها الحاد لمسئولى إدارة ترامب خلال جلسات مجلس الشيوخ. 

فى سيرتها الذاتية الصادرة عام 2019 بعنوان (الحقيقة التى نحملها)، كتبت هاريس كيف قامت والدتها الهندية بتربيتها وشقيقتها الوحيدة مايا بتقدير للثقافة الهندية، لكن هاريس كتبت أن والدتها كانت تدرك جيدا أيضا أن العالم سوف ينظر إليها وأختها على أنهما نساء سوداوات أولا وقبل كل شيء، كتبت هاريس: «لقد فهمت أمى جيدا أنها تربى ابنتين تنتميان إلى مجتمع السود فى الولايات المتحدة، كانت تعلم أن وطنها سيرى مايا وأنا فتيات سوداوات، وكانت مصممة على التأكد من أننا سنصبح نساء سوداوات واثقات وفخورات».

 بمرور الوقت، اتخذت هاريس أيضا خيارات أشارت إلى أنها كانت تميل أكثر إلى هويتها السوداء: «لقد التحقت بجامعة هوارد، وهى واحدة من أعرق كليات السود تاريخيا فى البلاد، وانضمت إلى نادى للسيدات من الأصول الأفريقية، ألفا كابا ألفا»، تتحدث هاريس باعتزاز عن الوقت الذى قضته فى هوارد وغالبا ما تشير إلى وقتها هناك من أجل الرد على النقاد الذين يشككون فى هويتها السوداء، لكن هذا لا يعنى أن تراثها الهندى ليس جزءاً من هويتها أيضا، لطالما كانت والدة هاريس الراحلة، شيامالا جوبالان، جزءاً بارزاً من قصتها. 

أخبرت هاريس صحيفة واشنطن بوست فى عام 2019 أنها عندما دخلت السياسة، شعرت بالضغط لتعريف نفسها: «عندما ترشحت لمنصب عام لأول مرة، كان أحد الأشياء التى كافحت معها هى ضرورة العثور على تحديد دقيق لهويتى على نحو يتناسب مع تصورات الآخرين، كانت وجهة نظرى: أنا من أنا.

تقول هاريس إن الأشخاص متعددى الأعراق يمكن أن يواجهوا ما يعرف بالتمييز المزدوج، حيث يتعرضون للتمييز من كلا المجتمعين الذين ينتمون إليه، فى حالة هاريس، يؤدى ذلك إلى قول مواطنى جنوب آسيا إنها ليست من جنوب آسيا بدرجة كافية وأن السود يقولون إنها قد لا تكون سوداء بما يكفى. 

هاريس متزوجة من المحامى دوجلاس إمهوف ولكنها لم تنجب منه واكتفت بمشاركته فى تربية أبنائه من زوجته الأولى المنتجة السينمائية كيرستين إمهوف، اعتبارا من أغسطس 2019، بلغت قيمة ثروة هاريس وزوجها 5.8 مليون دولار، وهى عضو فى الكنيسة المعمدانية الثالثة بسان فرانسيسكو. 

فى وقت تتزايد فيه مطالب العدالة العرقية والادماج، تستطيع هاريس التحدث بخبرة وسلطة حول الموازنة بين الحاجة إلى التغيير والمتطلبات الأساسية المتمثلة فى الحفاظ على السلامة العامة.