د. رشا سمير تكتب: المحليات والتعديات والكافيهات.. وأنا وأنت !

مقالات الرأي




فى فترة الإغلاق التى أعقبت تفشى مرض كورونا فى العالم، تصدرت المشهد وبكثافة ظاهرة كانت موجودة من قبل وهى ظاهرة السيارات القديمة المفتوحة من الخلف التى يتم استخدامها لعمل القهوة فى شوارع القاهرة، فكانت تلك السيارات هى المتنفس الوحيد لتجمعات الشباب بعد إغلاق النوادى والكافيهات، هذه السيارات من المفترض أنها فرصة لتشجيع الشباب على عمل مشروعات صغيرة وهو شىء حميد، ولكن مع الوقت تحول هذا المشروع من حميد إلى خبيث حين أصبحت تلك السيارات أماكن لتجمع المتسكعين طوال الليل مسببين إزعاجًا لسكان المنطقة وتصرفات غير مقبولة.

حكت لى صديقة تسكن فى منطقة مساكن شيراتون بمصر الجديدة أن سجائر الحشيش والمخدرات أصبحت على مرأى ومسمع من الجميع فى تلك التجمعات وخصوصا أمام الأكاديمية البحرية فى السيارات التى تقدم القهوة، والكافيهات العشوائية بالمنطقة، وهو ما أثار هلعها، إذن هى ظاهرة غير حميدة تستحق التدخل الفورى قبل فوات الأوان!. لم تخل منطقة مصر الجديدة ومدينة نصر بالمثل من تلك الظاهرة، والأدهى أنه فى بعض الشوارع الرئيسية، أصبح كل من يمتلك سلطة أو لا يخشى القانون، قرر أن يستقطع جزءًا من الرصيف أو الشارع لوضع مجموعة كراسى وتقديم شيشة وقهوة بكل تبجح..

لم يخلو كوبرى 6 أكتوبر بالمثل من تلك المظاهر الغوغائية، من ترابيزات وكراسى بلاستيك وعربيات حمص وبليلة وكأن هذا المظهر هو جزء من الفولكلور الشعبى، الحقيقة أنه بالفعل مذاق مصر الذى يعشقه كل من يأتى إليها ولكن أين؟.. فوق الكوبرى!..

المأساة الأكبر، أن رئيس الجمهورية بنفسه يمر فى شوارع القاهرة ليل نهار فى محاولة جادة لاصطياد المخالفات وإعادة الجمال إلى شوارع القاهرة..هو يبنى والمحليات تهدم من ورائه!.

قالها فخامة الرئيس فى إحدى خُطبه: (أنا ضد الفوضى والإهمال واللا دولة ومش هنسيب حد ياخد حاجة مش بتاعته).

وعلى الرغم من كل ذلك مازالت الفوضى تتسلل من بين أصابع المسئولين فى المحليات..

هناك صفحات خاصة لرئاسة الأحياء على الفيسبوك، ولكل مواطن مُطلق الحرية بأن يدخل عليها ويكتب شكوته دون رقابة ولا حذف، والمبهر حقا..أنهم لا يردون ولا يعقبون ولا يتحركون ولا يبالون ولا..... ولا شىء على الإطلاق!..وكأنك تتحدث إلى شخص غير موجود أو شخص أصم!..

والمدهش حقا، أن تلك الصفحات والقائمين عليها مهتمون وبشدة بنشر صور كل يوم لموظفى الحى وهم يزيلون التعديات على الأرصفة والشوارع..وهم يعلمون جيدا أن ما يزيلونه من تعديات يعود بعد أيام بل وأحيانا بعد ساعات إلى ما كان عليه!. وكأن عملهم يتلخص فى تلك اللقطات الزائفة التى تنتهى إما بالتراضى أو باستخدام نفوذ المتعدى أو بالمحبة !.

فخامة الرئيس يعى تماما أهمية المحليات وما تتسبب فيه من فساد وتقبيح لوجه الدولة، وأعلم جيدا أنه لا يرحم من يقع تحت يده، لكن هذا فى الحقيقة ليس دوره، يكفيه التحديات الخارجية..

أين إذن رؤساء الأحياء؟ أين الداخلية؟ أين دولة القانون؟ منذ عام قامت الحكومة بفتح منطقة سُميت (شارع مصر) وهى على غرار ما يحدث فى الدول المتقدمة، مجموعة كافيهات يديرها الشباب وتخدم الشباب فى مكان واحد للمساعدة فى القضاء على البطالة..هل تعرفون إلى أين انتهى هذا المشروع؟.. هجره الشباب وقاموا بالعمل على السيارات التى تصنع القهوة المخالفة فى شوارع القاهرة والتى بسببها تحولت الشوارع إلى سيرك!. من آمن العقاب أساء الأدب..هذا هو باختصار عنوان الشارع المصرى بما فيه من مؤسسات وشركات بل وحتى الأفراد..هذا هو عنوان كل شىء فى مصر، البلطجة طالما غاب القانون!.

مازال الميدان الذى ينتهى عند محطة مترو الألف مسكن صورة فجة للعشوائية، فمازال سائقو الميكروباصات يحتلون الميدان مخالفين كل الأعراف بمظهر قبيح، وكأنهم دولة داخل الدولة، أو وكأن اللى مالوش خير فى حاتم فعلا مالوش خير فى مصر!.. أو ليس من الواجب أن تتم إزالة هذا الموقف حتى يصبح مترو الأنفاق وجهًا مُشرفًا، أو حتى ولو رأفة بسكان المنطقة من تطاول سائقى الميكروباص ومخالفتهم للقانون بكل صوره؟! ومازال السُكان يكتبون على صفحات رئاسة الحى.. ولا حياة لمن تنادى.

مظهر الشارع الحضارى هو وجه مصر الجميلة..ووجه مصر هو مسئولية المحليات.. فمن يحاسب رؤساء الأحياء؟.