أقدم الآثار الإسلامية في خطر.. وباحثون يطالبون بإنقاذها
تُعد الآثار الإسلامية شاهدة على فصل مهم من فصول التاريخ المصري، ولعل التاريخ الإسلامي في مصر الذي يبدأ بدخول عمرو بن العاص بجنوده إليها، اعتنى بالدولة التي أسسها أحمد بن طولون، والتي لم تترك لنا إلا النذر اليسير من الآثار يعد أهمها قناطر المياه الطولونية الشهير بقناطر الإمام.
وتتعرض قناطر ابن طولون لحالة من الإهمال، وطالب عدد من الأثريين بترميم القناطر والحفاظ عليها، حيث نادى عماد عثمان، الخبير الأثري المعروف، من خلال تدوينه له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إنقاذ القناطر الطولونية.
ونشر صورة تظهر فيها قناطر أحمد ابن طولون، وكتب معلقًا: "قناطر ابن طولون، بير أم سلطان، البساتين، من أقدم الآثار الإسلامية المسجلة، هل ينظر أحد لبقايا هذا الأثر الذي في طريق بقاياه نحو الاندثار؟!"
عمر هذه القناطر
وعمر هذه القناطر، والتي سبقت سور مجرى العيون بكثير، يبلغ ما يقرب من 1050 عامًا، فقد أقامها أحمد بن طولون عام 259 هـ 872م، وتروي المصادر قصة سبب البناء، عن أنه خرج ذات يوم سائرًا حتى وصل إلى تلك المنطقة، ووصل حتى مسجد يقال له مسجد الأقدام، وقابل خياطًا فطلب منه ماءً وقد بلغ منه العطش مبلغه، فقدم له إناء به بعض الماء وأوصاه بالاقتصاد في الشرب، وفهم ابن طولون منه أن الماء هنا عزيزًا للغاية.
ولما قفل ابن طولون راجعًا إلى قصره أمر ببناء هذه القناطر، حيث تم حفر بئر في منطقة تسمى العفصة الكبرى وبنوا فوقها القناطر وقالت المصادر أن مهندسها كان نصرانيًا، ونقل لنا البلوي أن تكلفة تلك القناطر بلغت 140 ألف دينارًا، ونقل لنا المقريزي أن تكلفتها بلغت 40 ألف دينارًا.
تكاليف عالية
ويصعب على الباحث المدقق تصديق الرواية السابقة، حيث أن ابن طولون لن يتكبد هذه التكاليف العالية في سبيل إيصال المياه لمنطقة مقفرة من القرافة لا يسكنها سوى النذر اليسير من الناس، وأرجع الكثير من الباحثين السبب الرئيسي لإنشاء هذه القناطر هو حمل الماء إلى قصر ابن طولون المترامي الأطراف، والبساتين الملحقة به، إضافة إلى منطقة المعافر، وهذه القناطر كانت تقع على حدود بركة الحبش جنوب الفسطاط، وامتد إلى شمال بساتين الوزير، واستمدت مياهها مباشرة من النيل.
وتشير المصادر أن هذه القناطر كانت غاية في البناء والإحكام، وكان الجميع يحتاج لتلك القناطر، وأمر ابن طولون أن تظل مفتوحة طيلة النهار لكل من له غلام أو جارية، وفي الليل تخصص للفقراء والمستوردين.
حاليًا تعرف هذه القناطر بمجرى الإمام، وهي عبارة عن بئر للمأخذ مبنى بالآجر، وينقسم البئر إلى قسمين ويسحب الماء منه بواسطة ساقيتين ترفعان الماء إلى المجرى فوق ظهر البرج، ثم يسير منه في مجرى وضع فوق القناطر، التي تخرج من البرج، وتنحرف بزوايا معينة وتميل للأسفل لتسهل اندفاع المياه للأمام، ثم تمتد في خط مستقيم ناحية مئذنة شاهين أغا الخلوتي، وعقود هذه القناطر تهدم أغلبها، وهي تشبه عقود الجامع الطولوني أي أنها عقود مدببة ذات مركزين.