أوحَى داريوس درويش، بالعمل على إنشاء إذاعة خاصة، لمُجابهة العقيدة المرتبطة بأفكار نزيلات مخيم "الهول"، الذي يضم نساء تنظيم الدولة الإسلامية، المعروف بـ"داعش" وعوائلهن، بعد اقْتفاء هدفهن في إعادة نشر منهج أبو بكر البغدادي، وقيامهن ببعض الأعمال الترهيبية، لِمن عَند عن طريقهن، مُراهن على نشر قيم السلم "التطرف الديني لا يهزم بقوة السلاح.. وهدول الداعشيات والأطفال كانوا منقطعين عن العالم.. وكان واجبنا مخاطبة عقولهن ووضعهن أمام إعلام مغاير يحاكي الواقع هلا خاصة بعد انتشار الأوبئة".
تَهمم مدير إذاعة الفراتية المحلية التي تتبع لمؤسسة آرتا للإعلام والتنمية- ولها عدة مكاتب في ثلاث محافظات سورية "الرقة، والدير، والحسكة"-، أزمة أحد أخطر المخيمات في العالم، والواقع في ريف الحسكة شمال سوريا، لاسيما مع تزَمت السيدات فِي شؤون الدين، فطرأت على ذهنه فكرة بث إذاعي عبر fm، أطلق عليها "إذاعة مخيم الهول"، وتحين الفرصة، عقب موافقة جميع أفراد الإدارة، وبارز النزيلات بالكلام في بداية الأمر، من مبني خارج المخيم على بُعد مسافة تصل نحو 500 متر". وأثار صخبًا في المكان "سهل علينا أن الناس اللي بالمخيم يسمعوا للراديو.. وأن بعضهم معهم موبايلات.. بعد ما انزاح عنهم غبار القهر واكتشفوا أنهم خدعوا بفتنة التشدد والفقر".
جدّ جميع العاملين بالإذاعة، في استهداف عقول النساء، لتمثيلهنّ دورًا كبيرًا في التنظيم، وهيمنتهن على المخيم- الذي يقطنه أكثر من 74 ألف نسمة بين نازح ولاجئ وعوائل من داعش، ويمثل نون النسوة بداخله أكثر من 40 ألفًا-، وخصصت أكثر من برنامج لهن كـ"النصف الآخر"، الذي يتحدث عن قصص النساء ونجاحهن، بالإضافة إلى عمل برنامج خاص للأطفال، أطلق عليه "عود أخضر"، وكذلك برامج ثقافية وصحية واجتماعية، تخاطب أهالي المنطقة "وركزنا على الجانب الترفيهي.. والأغاني الشعبية". حادَ "درويش"، عن جوهر الموضوع "انبسطنا كتير بعد تواصلنا مع أحدهم خلال عملنا ورأينا جواله لا يتوقف عن صفير إشعارات إذاعتنا".
بَلغت العلة أوجها بعدما تفاوه المذيعين مع بعض السيدات اللاتي ما زلن يتمسكن بأفكار تنظيم أصحاب العِمامة السوداء إلى الآن، خلال عملهم "طبعا هذه المضايقات تعتبر طبيعية"، لاسيما وأن دور الإذاعة ساهم إلى حد كبير في التصدي لمظاهر الفهم الخاطيء للدين لدى البعض، بل انطمست معلوماتهم الإرهابية "لأن جميع قاطني المخيم كانوا تحت حكم تنظيم داعش الذي بدوره منع عليهم جميع وسائل الإعلام حتى منع عليهم استخدام الموبايلات، بحيث لا يعرفون أي شي سوى إعلامهم الإرهابي، هلا مشاكلهم وأصواتهم تصل إلى المسؤولين، الذين بدورهم يستجيبون لهم لتأمين احتياجاتهم مع الوقت".
وثقت الإذاعة، بعض شهادات أهالي المخيم، بعد تغير فكرهم بشكل أفضل، عندما أوغلوا في عالم آخر مُعاكس لعالمهم التي اِعتل بممارسات الأعمال الإرهابية "هسة المخيم صار يخوف.. والفئة الأكتر تهديدا بالقتل هم النساء اللي يشتغلوا مع المنظمات والجمعيات أو يشتغلوا بشكل عام يزعموا أنهم مرتدين.. والنتيجة التهديد بحرق الخيم.. وبرغم ذلك يصمدن البعض.. ويشتغلن من أجل المعيشة الصعبة داخل المخيم"، التي أَدت إلى وفاة ثمانية أطفال في غضون أسبوع.
تكلم "درويش" دون مُواربة، عن دور الإذاعة في التوعية بمخاطر تفشي فيروس كورونا المستجد (كرفيد-19)، داخل المخيم- التي حذّرت منظمات إنسانية ومسؤولون أكراد من عجز احتواء انتشار المرض بداخله- خاصة بعد كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، عن إصابة ثلاثة عاملين صحيين به "بلشنا من بداية البث في نشر التوعية في كل المجالات.. وكنا نتابع كل ما يحدث ونعلق عليه من خلال برامجنا.. لكن من الصعب السيطرة على تفكير الكل.. فقط يستجيب من كشفت حقيقة المتشددين".