رجب الشرنوبي يكتب: انتباه!!! بعض المتحدثين قنابل موقوتة!!
المتحدث الرسمي وفي بعض المؤسسات يطلق عليه المتحدث الإعلامي"مسمي إداري" أصبح منتشر بشكل ملفت للإنتباه في السنوات الأخيرة..جيش من المتحدثين الإعلاميين ينتشرون بداية من كل وزاراتنا وهيئاتناالحكومية ودواوين المحافظات مروراً بالمديريات بأنواعها ومجالس المدن والمستشفيات العامة والمركزية وصولاً إلي الوحدة الصحية والمدرسة..حتي وإن كان يمكن أن يطلق علية في هذه الحالة مجازاً مسئول العلاقات العامة..أتصور أنه عندما بدأ إستحداث هذه الوظيفة كان المقصود منها أن يكون المكلف بها نائباً عن المؤسسة الحكومية التي ينتمي إليها في التعبير وشرح وجهه نظر هذه المؤسسة للمجتمع والمؤسسات الأخري التي تقع في محيط التفاعل معها..ولكن هل يحقق هذا الموقع الوظيفي ماهو مستهدف منه؟؟!!
أعتقد بداية أنه من البديهي أن تتوافر بعض المواصفات الخاصة فيمن يتم إختيارهم لشغل هذا الموقع "الحساس"وإن كان في مدرسة أو وحدة صحية، من الطبيعي أن يتمتع الشخص المكلف بقدر عالٍ من الذكاء والعمق في التناول والقدرة علي تصوير الحقائق إلي جانب قدر معقول من اللباقة وسرعة البديهه وحسن المظهر، صاحب هذا الموقع مسئول بشكل كبير عن نقل وجهه نظر ورؤية المؤسسة الحكومية وهو مايمثل وجهه نظر الدولة تجاة القضايا المختلفة التي تهم المواطن، أي أنه مساهم في رسم وإستقرار صورة الدولة في عيون وأزهان المواطنين.
ما يحدث علي أرض الواقع في كثير الحالات شيء آخر مختلف..بعضهم يعتقد أنها وجاهه إجتماعية يظهر علي الشاشات لمجرد أن يتلو بيان مكتوب دون إحاطة أو فهم بما يدور في محيط العمل..فاذا ماوجهت إليه بعض الإستفسارات إرتبك وتلعثم ولا يعطي ردود مقنعة عن هذه الإستفسارات.
تابعت بإهتمام ماجاء علي لسان المتحدث الرسمي لوزارة التموين لأكثر من برنامج عن فلسفة الوزارة تجاه تخفيض وزن رغيف العيش لتسعون جراماً بدلاً من مائة وعشرون وكانت الإجابة صادمة.
لقد أفاد بأن هذا الإجراء أنما جاء لزيادة فاعلية الرقابة علي جودة الرغيف وكأنه أفترض أن كل من يتابعه ليس لديه عقل يفكر به ويستطيع أن يميز بين المنطق واللامنطق،كأن المطلوب من المشاهدين أن يقتنعوا بهذه الأسباب الوهمية دون نقاش أو إعمال للعقل فإن كان هذا تفسيره للقرار فهي مصيبة وإن كانت هذه هي خلفيات القرار لدي الوزارة فهي كارثة.
كان الأجدر بمعالي المتحدث أن يخبرنا مثلاً أن الوزارة رصدت علي أرض الواقع أن معظم أصحاب المخابز لا يلتزمون بالوزن القانوني ويقومون فعلياً بإنتاج رغيف يتراوح وزنه عادة بين تسعون وخمس وتسعون جراماً مستفيدين هم بالفرق في جيوبهم الخاصة،ورأت الوزارة أنه وحفاظاً علي أموال الشعب من الأولي والأنفع أن تحول هذه الأموال إلي عمل نظام محترم للتأمينات الإجتماعية لعمال هذا القطاع المهم مادام المواطن في الحالتين لن يستفيد من الفرق،مع وعد بالعمل علي زيادة فاعلية الرقابة علي المخابز خصوصاً أن الوزارة لديها أكثر من ثلاثون ألف مخبز لإنتاج الخبز.
بذلك تكون رؤية الدولة قد أتضحت لإتخاذ مثل هذا القرار وأيضاً نكون قد أحترمنا عقل المواطن و فعّلنا مبدأ الشفافية في صناعة القرار..فتتولد ثقة المواطن في مؤسسات الدولة ويتقبل كل سياستها عن قناعة تامة ويشعر بأنه شريك في القرار ويساعد علي نجاح تطبيقه..خصوصاً أن هذا المواطن نفسة قد مر منذ فترة وجيزة وعلي مدار سنوات بإجرآت قاسية للإصلاح الإقتصادي وتحملها بكل شجاعة وشهد الرئيس السيسي نفسه بذلك في أكثر من مناسبة..فماذا يمنعه من دعم إصلاح منظومة الخبز أيضاً مادمنا نحترم عقله ونعمل علي إعتباره شريكاً مباشراً في تحمل المسئولية.
نرجوا من السادة الوزراء والمحافظين وكبار المسئولين التدقيق في إختيار من يتولي أمر هذه المهمة"الحساسة" التي تحتاج إلي مواصفات خاصة،كما نرجوا من السادة المتحدثين بذل مزيد من الجهد لمحاولة الفهم و الإحاطة بكل مايتعلق بفلسفة وخلفيات هذه القرارات ذات الطبيعة الجماهيرية التي تتعلق بالحياة اليومية للسادة المواطنين..حتي يسهل عليهم شرح الغرض منها وتوصيل الرسائل بمضمونها ..مع تمنياتنا بالتوفيق للجميع في أداء مهام عمله.