عادل حمودة يكتب: أردوغان يصادر القضية الفلسطينية بحقائب دولارات قطر
العلاقات التركية الإسرائيلية فى أعلى مستوياتها الأمنية والتجارية والدبلوماسية فلم الغضب من الإمارات؟!
أبو مازن رفض خطة مصرية لمنع نتانياهو من ضم الضفة الغربية واكتفى بالشجب ثم راح فى سبات عميق
كل ما قدمته تركيا إلى سكان غزة لحم أضاحى وأجهزة مواجهة الكورونا
يبدو أن الرئيس التركى نسى المثل الشائع فى كل لغات العالم: إذا كان بيتك من زجاج فلا تلقى غيرك بالحجارة.
ما أن صدر البيان الإماراتى الإسرائيلى بالموافقة على خلق علاقات طبيعية بينهما حتى أعلن أردوغان اعتراضه قائلا: نبحث سحب السفير التركى من أبو ظبى وتعليق العلاقات معها ردا على اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل.
بدا التصريح مثل حبات فشار طائرة فى الهواء.
الكلمات مائعة.. نبحث سحب السفير.. لم يقل سنسحب السفير.. سنعلق العلاقات مع أبو ظبى.. لم يقل سنقطعها.
ولكن بعيداً عن لعبة البلاغة السياسية نسى أردوغان أن بلاده كانت ثانى دولة مسلمة تعترف بإسرائيل بعد إيران عام 1948.
وفى عام 2005 زار أردوغان إسرائيل للتباحث مع رئيس حكومتها إرييل شارون ولم ينس وضع إكليل من الزهور على قبر تيودر هيرتزل الأب الروحى للدولة اليهودية.
وفى أنقرة اليوم سفير إسرائيلى وفى تل أبيب سفير تركى.
وبين البلدين خطوط جوية وملاحية وسياحية منتظمة.
ولم تتأثر العلاقات الاقتصادية بينهما رغم ما طرأ من خلافات سياسية حتى أن حجم التبادل التجارى بينهما لا يقل عن 5 مليارات و832 مليوناً و180 ألف دولار.
وكثيرا ما صرح أردوغان بأن تركيا فى حاجة ماسة إلى التوافق مع إسرائيل لمناقشة المسارات التى يمكن من خلالها إحداث تغييرات إيجابية فى المنطقة.
وفى يوم 28 أغسطس 2017 وقعت تركيا وإسرائيل اتفاقا لمزيد من تطبيع العلاقات بينهما بعد حل المشاكل العالقة بسبب حادث سفينة مرمرة.
حسب صحيفة زمان التركية 15 مايو 2018 فإن إسرائيل دفعت 20 مليون دولار إلى أسر الضحايا الذين قتلتهم بأسلحة جنودها فى 31 مايو 2010.
ونص الاتفاق على عودة التنسيق الأمنى بين البلدين واستمرار إسرائيل فى صيانة الطائرات الحربية التركية والعودة لإبرام عقود أسلحة متطورة.
أيضا نص الاتفاق على تطبيع كامل بين البلدين يشمل إعادة السفر إلى أنقرة وتل أبيب وعدم قيام إحداهما على عمل يضر الآخر.
وفى الوقت نفسه لم يتردد أردوغان فى السيطرة على القضية الفلسطينية ومصادرتها لحساب مشروعه العثمانى للسيطرة على دول عربية وإفريقية من سوريا إلى إثيوبيا ومن العراق إلى الصومال ومن ليبيا إلى فلسطين.
استغل أردوغان حالة الانقسام المزمن بين فتح وحماس للتحكم فيهما معا ولتدعيم تواجد تركيا فى الساحة الفلسطينية أكثر وأكثر لتصبح الوسيط الرئيسى بين حماس وإسرائيل وليس مصر.
ومنذ عامين وقطر تدعم ذلك التوجه بالحقائب المتخمة بالدولارات التى تقدمها إلى حماس ليسيطر أردوغان على غزة المتعبة ويستخدمها للضغط على مصر وإسرائيل.
ويخشى مسئولو حماس من التقارب بين أردوغان وأبو مازن حتى لا تتحول المساعدات التركية من غزة إلى رام الله.
ولكن أردوغان لن ينحاز إلى طرف على حساب الآخر فهو يحتاج إلى دعمهما سياسيا معا.
ويصعب على زوار غزة عدم ملاحظة التواجد التركى هناك.. العديد من الشوارع أصبحت تحمل اسمه.. المواليد الجدد يسمون على اسمه.. والمحلات التجارية ترفع أعلام بلاده.. وتبيع بضائعها.
وفى المقابل لم تقدم تركيا أكثر من لحوم الأضاحى للسكان ومعدات طبيبة لمواجهة فيروس كورونا.
وحسب ما ذكر حسن يوسف القيادى البارز فى حركة حماس فإن العلاقة بين أبو مازن وأردوغان علاقة يومية متجددة.
والمعروف أنهما يشتركان فى كراهية محمد دحلان المقرب من مصر والإمارات.. أردوغان يتهمه بالوقوف وراء محاولة الانقلاب التى وقعت ضده.. وأبو مازن يتصور أنه البديل الذى سيصبح مكانه.
والمؤسف أن تلك الاعتبارات الشخصية لها تأثيرات كبيرة فى القضية الفلسطينية حاولت مصر شرح أضرارها على لسان وزير خارجيتها سامح شكرى خلال الساعات الطويلة التى قضاها فى الحديث إلى أبو مازن.
حاولت مصر إقناعه بتجديد الحوار مع الولايات المتحدة وإزالة الخلافات واستئناف المحادثات من جديد ــ بعد ثلاث سنوات من القطيعة وتبادل الإهانات ــ ليسهل المطالبة بحجب خطة ضم الأراضى التى تنوى إسرائيل تنفيذها.
وحسب معاريف يوم 25 يوليو الماضى فإن أصواتا كثيرة فى إسرائيل تبتهل إلى الله أن تكلل المبادرة المصرية بمد الجسور من جديد بين رام الله وواشنطن بالنجاح لوضع نهاية لخطة نتانياهو لضم أراضى الضفة الغربية.
ولكن أبو مازن وضع نفسه شخصيا فوق المصلحة الفلسطينية وراح فى سبات عميق وعندما استيقظ وافق على شجب الجرأة الإماراتية ثم عاد إلى فراشه من جديد.
بمشاركة: الحسين محمد