6 حرائق في عامين تصيب الآثار الإسلامية والسبب الأوقاف.. متى ستخضع هذه المباني لوزارة الآثار؟ (تحقيق )

أخبار مصر

سبيل أم محمد علي
سبيل أم محمد علي الصغير


اشتعل حريق جديد صباح أمس الأربعاء في وكالة أثرية بحي الجمالية، وعلى الرغم من سرعة استجابة عربات الحماية المدنية والتي سيطرت على الحريق قبل أن يستفحل، إلا أن هذا الحادث يمثل جرس إنذار لما يحدث للآثار الإسلامية من حرائق متتالية وعبر التحقيق التالي ترصد بوابة الفجر الإلكترونية 6 حرائق وقعت في أماكن أثرية إسلامية، ونبحث أسبابها.

5 يونيو 2018 حريق سبيل أم محمد علي
في صباح ذلك اليوم شب حريق في مبنى سكني ملاصق لسبيل كتاب أم محمد علي الصغير، الواقع خلف جامع الفتح في ميدان رمسيس، وطالت النيران جزءً صغيرًا من السقف الخشبي للجناح الأيمن لمبني الكتاب الأثري الموجود بالدور العلوي للسبيل، وتدخلت سريعا فرق المطافئ وأخمدت النيران تماما.

وسبيل وكتاب أم محمد علي الصغير، ملكًا لوزارة الأوقاف، والتي قامت بتأجير وحدات السبيل الخلفية للعديد من الجهات مثل جريدة الأهرام وجريدة الأخبار، وعدد من الأهالي، كمخازن تجارية وكمخازن لمستلزمات الأمن صناعي وكمساكن، وتلك المخازن هي مصدر الحريق. 

والسبيل مسجل في عداد الآثار الإسلامية والقبطية بالقرار الوزاري رقم 188 لسنة 1989، ووافقت اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية بجلستها عام 2011م على تحديد حرمًا طبيعيا للسبيل بمقدار 2.50م. 

ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية في ذلك الوقت أكد أنه تم مخاطبة وزارة الأوقاف (هيئة الأوقاف المصرية)، أكثر من مرة بخطورة الشاغلين على المبنى الأثري، وذلك بالعديد من المخاطبات ليتم فسخ العقود طبقًا للقوانين المعمول بها، ولكن لا حياة لمن تنادي.

والسبيل والكتاب الملحق به أنشأته السيدة زيبا قادن زوجة محمد علي باشا الكبير ووالدة الأمير محمد على الصغير عام 1869، وقام بتصميمه المهندس المعماري حسين باشا فهمي، وتتكون المنشأة من طابق أرضى يمثل غرف السبيل وطابق علوى يمثل الكتاب. 

والسؤال الأكثر أهمية الذي يجب أن نطرحه هنا لماذا الأوقاف لازالت مالكة للمبنى، ولماذا لها مطلق الحرية أن تؤجر وحداته لمن تريد يفعل بها ما يريد، هل هناك وقفًا تديره ويدر دخلًا على المبنى، فأوقاف هذا السبيل كانت الأراضي التي هي حاليًا ميدان رمسيس، ولماذا استمرت الأوقاف مالكة لمبنى تم تسجيله أثرًا؟ والآتي من الأمثلة هو تكرار لنفس سيناريو سبيل أم محمد علي الصغير. 

أغسطس 2019 حريق بالمعز
حريق في أحد محلات البقالة في المنطقة المجاورة لسبيل خسرو الأثري في شارع المعز لدين الله الفاطمي، والمحلات مملوكة لوزارة الأوقاف، وتمت السيطرة على الحريق في سرعة، ولكن يبقى السبب المتكرر، وهو أن ما يتم داخل الأماكن الأثرية من قبل المستأجرين من وزارة الأوقاف غير مناسب لطبيعة الأثر بحال من الأحوال.

أكتوبر 2019 حريق خان الزراكشة
حريق في خان الزراكشة الأثري الواقع في شارع الأزهر، وقد اندلعت النيران بإحدى قاعات الطابق الثاني من الخان، وتحديدًا في القاعات التي يشغلها بعض المستأجرين المتعاقدين مع وزارة الأوقاف، حيث التهمت النيران السلع المخزنة. 

واستطاعت الحماية المدنية السيطرة على الحريق في سرعة، ولم يتأثر المبنى، ولكن الشاهد أن حريقًا وقع لنفس الأسباب السابقة، أي في مخازن يستأجرها الأهالي من وزارة الأوقاف لتخزين مهماتهم وأغراضهم، وهو ما أدي لحريق كان من الممكن أن تكون نتيجته تضرر الأثر لولا يقظة رجال المطافئ ورجال الدفاع المدني. 

مارس 2020 حريق سبيل وكتاب بباب الوزير 
حريق أصاب سبيل وكتاب يوسف آغا الحبشي الأثري، والذي يقع مجاورًا لجامع المهمندار في منطقة باب الوزير، بأرض الفحامين شارع التبانة، والسبب في الحريق مجموعة من ورش الأحذية والتي يستأجرها أصحابها من وزارة الأوقاف، فالمبنى قانونًا ملكًا للأوقاف ويخضع فقط للإشراف الأثري، وهنا المستأجرين يشغلون هذه الوحدات بموجب عقد بينهم وبين الوزارة. 

وتمت السيطرة على الحريق بالفعل ولكن بعد أن أتى على سقف السبيل، ولم يتأثر باقي السبيل وكذلك لم يتأثر جامع أحمد المهمندار الأثري الملاصق للسبيل، واتخذ فريق من مفتشي آثار المنطقة ومسئولي أمن الآثار كافة الإجراءات الوقائية ووسائل الحفاظ علي الآثار المتواجدة في محيط المنطقة، لحين استكمال أعمال المعاينة لسرعة درء الخطورة والبدء في أعمال الترميم.

ديسمبر 2018 حريق مسجد الفكهاني
نشب حريق في بعض محلات الأقمشة الموجودة أسفل مسجد الفكهاني في منطقة الغورية نتيجة لماس كهربائي، وطالت ألسنة اللهب الشبابيك الموجودة أعلاها وهي شبابيك غير أثرية، حيث تم تركيبها حديثا خلال أعمال ترميم سابقة للمسجد في التسعينيات، مؤكدًا أن النيران لم تطل أية عناصر أثرية للمسجد، كما توجهت على الفور أربعة سيارات إطفاء واستطاعت إخماد الحريق تمامًا.

وأشار المشرف العام على القاهرة التاريخية، في هذا الوقت، إلى أن هذه المحلات موجوده بالمخالفة القانونية حيث قام تفتيش الآثار المختص بمنطقة الأزهر بتحرير العديد من المحاضر ضدها لإزالة المخالفات والتعديات حرصًا على سلامة المسجد، والمحلات مملوكة للأوقاف وقد استأجرها الأهالي لأغراض تجارية.

18 أغسطس 2020 حريق وكالة الخيش بالجمالية
وصباح أمس الثلاثاء نشب حريق جديد في وكالة الخيش الأثرية بمنطقة الجمالية وتحديدًا خلف الجامع الأقمر، والمكان مشهور بوكالة الخيش وترجع لمؤسسها النقادي من العصر العثماني، وكما هي العادة فالوكالة مملوكة للأوقاف وتخضع لإشراف وزارة السياحة والآثار، وبها مخزن تابع للأوقاف استأجره عدد من الأهالي لتخزين أدوات الشيش من لي وغيره، وقد اشتعل الحريق في هذه البضائع. 

وتمت السيطرة عليه في سرعة من قبل قوات الحماية المدنية ولم يتسبب في ضرر بواجهة الوكالة الأثرية أو جدرانها ولكن الحريق أصاب السقف الخشبي، ودمر محتويات المخزن. 

ست حوادت متتالية في عامين تقريبًا تتكرر بنفس السيناريو فقط مع تغيير الأماكن، محلات أو مخازن مملوكة للأوقاف، يتم تأجيرها للأهالي دون مراعاة لقواعد الحفاظ على المنشأة الأثرية، مع الوقت يتم تحويل المخزن إلى ورشة، كما حدث في سبيل وكتاب يوسف الحبشي، والذي تحولت مخازنه إلى ورش لتصنيع الأحذية، وهو يشابه ما حدث في خان الزراكشة. 

ونجد أن عدد كبير من الآثار الإسلامية يخضع لجهتين، جهة مالكة (الأوقاف)، وجهة مشرفة (الآثار)، إضافة للمستأجر (إن وجد)، فمن سنحاسب، والسؤال الذي يطرح نفسه منذ سنوات، متى سيتم إخراج الأوقاف من المباني الأثرية، ويصبح المبنى الأثري بالكامل خاضع لإشراف جهة واحدة هي وزارة السياحة والآثار، حتى نوحد جهة الإشراف والإنفاق والمحاسبة؟ سؤال ننتظر عنه إجابة.