"الأرزاق على الله".. صانع شباك الصيد: المهنة مازلت تورث ويعمل بها الشباب
صناعة "الشباك" من أهم المهن التي يتوارثها الأجيال كحرف يدوية للصيد، والتي تلقى إقبالًا كبيرًا من الصيادين عليها، وانتشرت هذه الحرفة في المدن الساحلية ولا تزال مستمرة حتى الآن، وهي تزيد من الإنتاج السمكي.
وفي منطقة "بحري" بالإسكندرية، وعلى أحد الأرصفة يجلس الحاج "جمعة غانم" ممسكًا بيده خيط وإبرة خشبية، يغزل بها الشبكة لصنع فتحات صغيرة بها لمنع سقوط السمك من خلالها، ليتخذها مصدرًا لرزقه، لكسب قوت يومه، الذي لا يتعدى جنيهات بسيطة لا تكفي حتى "للخبز".
«الارزاق على الله..أدينا بناكل عيش»، هكذا بدأ الحاج "جمعة غانم" صانع شباك الصيد كلمته البسيطة «للفجر»: تعلمت مهنة "القنار" منذ صغري، فكنت اذهب مع والدي للصيد كل يوم، وكانوا يصنعون الشباك لصيد السمك فأحببت المهنة، وطلبت من والدي أن يعلمني.
وتابع بعد أن تعلمت بفترة قصيرة بدأت اتهرب من الدراسة، ولم أعد اذهب للمدرسة وتركت دراستي من أجلها، ولكن بالرغم من حبي الشديد لها فأنا اندم على أنني لم أكمل دراستي واتعلم، بعد أن كبرت وأصبحت شابا تمنيت لو اكملت دراستي بجانب تصنيع "الشباك"، حتى يتحسن وضعي قليلا.
وقال الحاج "غانم" عندي ثلاثة أبناء، وكانت تربيتهم صعبة جدا، ولكني استطعت أن أجعل منهم شباب مثقف وادخلتهم المدارس، ليكملوا مسيرتهم التعليمية، وفي بداية الأمر كانت المعيشة أسهل ماديًا، وكان المال يكفيني وأسرتي من هذه المهنة، ولكن مع ارتفاع أسعار السلع أصبح الأمر معقد قليلًا ولكني استطعت أن أربي أبنائي بعون الله وفضله.
وتابع كنت دائما في البحر، واصيد السمك في النوات، فكنت أخرج كل صباح للصيد، انزل من منزلي في منطقة " عبد القادر" وآتي إلى بحري كل يوم حتى هذه اللحظة، وبعد أن أصبح عمري ثمانون عامًا، مازلت أحبها وأعمل فيها.
واضاف هناك فرق بين الشبك ذو الفتحات الضيقة، والواسعة، فكل منهم له إستخداماته في الصيد للسمك الصغير والكبير، وحسب كمية المراد إصطيادها يكون حجم الشبكة.
وتابع الخامات أصحبت مرتفعة السعر، فأقل خيط يصل لـ ١٠٠ جنيه، وهو مبلغ كبير وانا اعود لمنزلي كل يوم بـ عشرة جنيهات فقط، وهو مبلغ لا يكفي لأكل الخبز.
وأضاف يصنع الحرفيين "شباك الصيد" من خيوط الغزل عن طريق استعمال الإبرة الخشبية بين الثقوب، لتصبح في نهاية مجموعة من الشبك بحسب الحجم المطلوب لتشكل شبكة صيد، وتحتاج هذه المهنة إلى جهد وصبر كبير.
وقال "الحاج غانم" أن صنع الشباك طوال العام ولكنه يزدهر في فصل الصيف، لأن الصيد يكون قبل في شهر سبتمبر عندما يبدأ موسم الجر.
وأضاف أن المهنة لا تندثر كما يقول البعض، بل أصبح من يعمل فيها أكثر من السابق، فالشباب يرزقون منها، وعلى المراكب، وهي من الحرف اليدوية القديمة والمهمة للصياد،ومازالت تورث ويعمل بها الشباب، وتصليح الشبكة مهم فثقب واحد فيها قد يسقط منه كل السمك الذي يصطاده الصياد، لذلك صيانه الشبكة مهم، وهو يستغرق مني من ثلاثة لأربعة ساعات.