عادل حمودة يكتب: حرب جواسيس قطر على اتجاه قبلة الصلاة: تركيا أم بريطانيا؟
عزمى بشارة يوصف بالعميل الإسرائيلى بعد أن كان المفكر التقدمى الثورى العروبى
معارك أهلية طاحنة بين أجنحة قطر الإعلامية فى إسطنبول ولندن بسبب السخرية من أردوغان بعد الصلاة فى آيا صوفيا
هيكل: بشارة عليه تقديم التقارير التى يطلبها منه الموساد وإلا حرمه من السفر وربما حاكمه بتهمة الخيانة العظمى
كلينتون اشترط على حمد بن خليفة الاعتراف بإسرائيل قبل اعتراف الولايات المتحدة بانقلابه على أبيه والمخابرات الإسرائيلية تساعده فى إفشال الانقلاب عليه
يفخر عزمى أنطون بشارة بأنه عروبى تقدمى ثورى إسرائيلى لكنه لا يضيف أنه يخدم تحالفات قطر متعددة الاتجاهات والجنسيات من مساندة التنظيم الدولى للإخوان إلى دعم حزب الله ومن الرغبة المجنونة من النظام فى مصر إلى تقبيل أيدى شيوخ طالبان.
رجل وصف على شاشة الجزيرة بـ«المفكر يغير وجهه كل يوم» لعله يجد وجها يعجبه ويستقر عليه.
ولد فى الناصرة.. تربى فى المدارس والجامعات الإسرائيلية معترفا بالدولة العبرية.. سمحوا له بالحصول على الدكتوراه فى الفلسفة.. اتجه بفكره الشيوعى إلى ما يسمى التجمع الوطنى الديمقراطى ليفوز بعضوية الكنيست أربع دورات.
التقيت به ذات يوم فى مكتب محمد حسنين هيكل الذى كان يحصل منه على محاضر الكنيست وإن نصحنى بالتحفظ فى الكلام معه قائلا:
لو لم يكن عميلا لوكالة مخابرات الموساد فإنه مجبرا على كتابة التقارير إليها عن تفاصيل رحلاته الخارجية وإلا منعوه من السفر وربما اعتقلوه وحاكموه بتهمة الخيانة.
ويفهم من تلميحات هيكل أن بشارة عميل للموساد سواء شاء أم لم يشأ.
بعد سنوات وسنوات وبالتحديد فى الأيام الأخيرة من شهر يوليو الجارى أعادت قناة مكملين على لسان مذيعها الأول محمد ناصر اتهام عزمى بشارة بأنه تربى فى أحضان الصهاينة.
ودون تردد كرر أنه: جاسوس جاسوس جاسوس.
بل أكثر من ذلك أضاف منفعلا: عزمى بشارة اللى بيصرف عليه أمير قطر الأمير تميم هو اللى بيصرف على عزمى بشارة أنا بأقولها وما بخافش ومش عايز أخش قطر أصلا.
وبتلك العبارات النارية قامت القيامة فى الأجنحة الإعلامية التى تمولها قطر وهدم الجناح التركى المعبد على الجناح البريطانى وطالت الشظايا والحجارة أمير قطر بوصف الخروف فما الذى حول الأشقاء إلى أعداء؟.
لنعد قليلا إلى الوراء حتى نمهد الطريق لفهم ما جرى.
بلا مقدمات غادر عزمى بشارة إسرائيل فى عام 2007 ليصبح مستشار أمير قطر السابق حمد بن خليفة الذى اشترط الرئيس الأمريكى بيل كلينتون عليه الاعتراف بإسرائيل حتى تعترف الولايات المتحدة بانقلابه على أبيه (يونيو 1995) وعلى الفور فتح مكتبا للتمثيل التجارى الإسرائيلى فى الدوحة واستقبل شيمون بيريز.
وساندت المخابرات الإسرائيلية الأمير فى إفشال الانقلاب الذى وقع ضده فى فبراير 1996.
فهل كان الترحيب الحار ببشارة فى البيت الأميرى سببه أنه يحمل توصية من جنرالات الموساد بدعمه لتنفيذ خطة ميديا جديدة بعد أن فضحت الجزيرة؟.
وتنازل حمد لولى عهده تميم عن الحكم وتغيرت شخصيات الديوان إلا بشارة ظل فى موقعه بل ازداد نفوذه.
راح بشارة مثل مقاولى الأنفار وسماسرة الرقيق الأبيض يقدم إلى بلاط الدوحة شخصيات سياسية وإعلامية متعددة الجنسيات والاتجاهات لفرزها واختبارها واختيار المناسب منها لتنفيذ ما يطلب منها.
فى عام 2012 أنشأت الدوحة مؤسسة فضاءات ميديا برخصة شركة تجارية وعهدت وتركت رئاستها إلى سلطان غانم الكوارى وهو رجل أعمال ينتمى لعائلة قطرية بارزة وتركت لبشارة مسئولية التخطيط والتنفيذ والإدارة.
أصدرت الشركة صحيفة العربى الجديد وأطلقت قناتى العربى و سوريا إلى جانب تأسيس المركز العربى للأبحاث والدراسات السياسية واختارت لندن مقرا لها لتعرف بالجناح البريطانى.
وحسب ما ذكر إسلام لطفى المدير السابق لقناة العربى فإن ميزانية القناة السنوية 65 مليون دولار والمبلغ نفسه يدفع لقناة سوريا.
وبحسبة بسيطة قدر ما حصل عليه بشارة لتسيير الشركة ما يقرب خلال الثمانى سنوات من 1200 مليون دولار بخلاف ما مولت به القنوات الثلاث التى تبث من تركيا.
ورغم أن الصحيفة كانت مثل الأشباح لا ترى فى الأسواق فإنها كانت تفبرك الأخبار والتقارير لتستند إليها القنوات التركية فى هجومها على النظام فى مصر حتى لا يسألها أحد عن مصادرها.. حسب مبدأ زيتنا فى دقيقنا.
كتب إسلام لطفى على حسابه فى تويتر: ما يقوم به عزمى بشارة من أعمال فى القناة (لايختلف) عن الأعمال العصابية والإجرامية.
وكتب إسلام شيخة المنتمى إلى تحالف دعم الإخوان فى تركيا: عزمى بشارة يحمل مشروعا تخريبيا ضد المنطقة العربية ويشكك فى الإسلام.
والحقيقة أن عزمى بشارة استخدم المال الوفير فى جمع الأيديولوجيات والتنظيمات المختلفة على طريقة سمك لبن تمر هندى مما حول السياسة إلى سلاطة.
اختار إسلام لطفى مسئول شباب الإخوان خلال ثورة 25 يناير ليرأس قناة العربى رغم أن لا خبرة له فى الميديا ولم يسبق له العمل فيها.
وما أن أطاح بشارة به حتى عين عباس ناصر مكانه.. وعباس ناصر لبنانى سبق أن انشق عن الإخوان لتأييد حزب الله وبعد أن كان بوقا إيرانيا أصبح ناصريا.
واستخدم بشارة ما تحت يده من مكافآت سخية فى مركز الأبحاث لتجنيد وتوجيه وشراء الذمم الأكاديمية وكان على رأسهم الدكتور سيف عبد الفتاح الذى كان مستشارا للدكتور محمد مرسى فى شهور رئاسته ثم تبنى سياسة براجماتية (نفعية) تدعو إلى نسيان فترة حكم الجماعة بدعوى أنه ليس هناك فائدة من العيش فى الماضى.
لكن ما سر انقلاب جناح تركيا على جناح بريطانيا وعلى قيادة الجناحين فى قطر؟.
لم وصف تميم بن حمد بالسفه فى الإنفاق على جريدة مثل العربى الجديد لا تؤثر ولا توزع وعلى قناة سوريا التى فشلت فى زحزحة نظام الأسد شبرا واحدًا عن قصر الشعب الذى يحكم منه وعلى قناة العربى التى لم تحقق سوى 331 مليون مشاهدة فى 8 سنوات أو 41 مليون مشاهدة سنويا أو 112 ألف مشاهدة يوميا والرقم شديد التواضع؟.
هناك سبب مباشر وسبب حقيقى.
السبب المباشر هجوم جناح بشارة على الرئيس التركى رجب أردوغان بعد تحويل متحف آياصوفيا إلى مسجد والهجوم على رئيس الشئون الإسلامية على آرباشى بعد أن أم الصلاة الأولى حاملا السيف.
نشر بلال فضل على صفحته صورتين الأولى لأردوغان بصحبة فلة الجزائرية وهى تغنى له تشكرات أفندم والثانى وكتب تحتها طوال العام وهو يمسك بميكرفون ويضع طاقية على رأسه ويقرأ القرآن وكتب تحتها الامتحانات.
والحقيقة أن بلال فضل أخطأ بوضع صورة فلة فالمطربة التركية التى غازلت أردوغان هى كيبارى وكان ذلك فى عام 2014.
ونشر بلال فضل صورة للشيخ على آرباشى وهو يقف بالسيف وخلفه كتلتين من لحم الشاورما وكتب تحتها خد سيف وكمان سيف.
هنا اشتعل الغضب فى جناح تركيا ومقر القيادة فى قطر ورد شيخ يدعى الدكتور عبد الله بن إبراهيم السادة مشيرا إلى أن بلال فضل موظف فى قناة العربى الممولة من بلاده قطر مضيفا فى غضب: إلى متى السكوت على هذه الأشكال القذرة؟.
ورد أحمد منصور (مذيع الجزيرة): إن المدعو بلال فضل سخر قلمه للتطاول على الأديان ويسخر من سيف الدكتور على آرباشى وسيفه الذى حمله على غرار أجداده.
وخرج مدير القناة ليرد بسذاجة: إن بلال فضل لم يعد موظفا فى القناة.
أما السبب الموضوعى فهو أن جناح تركيا لم يكن أمامه سوى الدفاع عن تركيا وأغلقت القنوات الثلاث وطردت كل من فيها إلى مصير مجهول حيث لن يجدوا دولة أخرى تأويهم وعودتهم إلى مصر تعنى المحاكمة بعشرات التهم الجنائية والسياسية.
اختار جناح تركيا الدفاع عن أردوغان ودولته والهجوم على جناح بريطانيا وأمير قطر لضمان البقاء هناك دون تشريد أما التمويل فيمكن البحث عن مصدر آخر له خاصة أنه على ما يبدو لا يقارن بما تحت يد عزمى بشارة من أموال.
وحسب ما قال محمد ناصر الذى اختار أن تكون منصة الهجوم قناته الشخصية وليست قناة مكملين فإن ما تنفقه القنوات الثلاث لا يزيد عن تكاليف البوفيه والتواليت عند بشارة.
ويبدو أن بشارة لم يكن مستريحا لقنوات الجناح التركى فلم يتردد فى تخفيض ما ينفق عليها وحسب كثير من المنصات الخاصة على اليوتيوب فإن من يرضى عنه بشارة تفتح له كل الأبواب ومن يغضب عليه تغلق فى وجهه كل الأبواب.
ومن جانبه وصف بشارة ما يحدث على صفحته الخاصة بأنه تحويل العنف إلى الداخل واعتبر الهجوم عليه نوعا من الحسد الذى يتجاوز السياسة والخصومة التى تتجاوز الأخلاق.
الأسبوع القادم..
عادل حمودة يواصل نشر سلسلة «ملك وعشر نساء»