منال لاشين تكتب: توابع زلزال ليلة ظهور غالى

مقالات الرأي



طارق عامر غضب من 3 تصريحات 

والمالية: نصائحه تحتاج كام تريليون دولار 

ويوسف رفض الكلام عن مصر لأن الوضع حساس 

ومسئول مالى: هو غالى مش هارب إزاى يطلع فى التليفزيون؟

منذ فترة طويلة لم يحدث حوار سياسى اقتصادى ضجة شعبية وأصداء بين موافق ومعترض. لم نشهد جدلا اقتصاديا حقيقيًا منذ فترة طويلة، وأخيرا فعلها حوار الدكتور يوسف بطرس غالى مع الإعلامى الزميل محمد على خير على قناة «القاهرة والناس»، الحوار امتد لنحو ساعتين دون أن يشعر المشاهد العادى بالملل، وعلى الرغم من أن حوار «خير» هو الحوار الثانى لـ«غالى» منذ ثورة 25 يناير، إلا أن هذا الحوار أكثر شعبية وأهمية لأكثر من سبب، فتخصيص الحوار حول كورونا جاء فى وقت نحتاج جمعينا، غنى أو فقير، أن نعرف ما حدث وما سيحدث اقتصاديا وماليا، كما أن الزميل محمد على خير ترك الساحة لغالى أن يصول ويجول دون أن يلاحقه بالتعليقات والمداخلات. أما السبب الثالث فيتعلق بالحلول التى طرحها غالى وأسعدت ملايين من الطبقة المتوسطة.

ولكن الحوار أثار ردود أفعال غاضبة لدى بعض المسئولين، ووصل الأمر إلى أن مسئولاً ماليًا اقترح تحويل الحلقة من البرنامج إلى المجلس الأعلى للإعلام لأن خير استضاف هاربا، وكأن يوسف بطرس غالى هارب من امتحان اقتصاد، كما أن الإعجاب الشعبى بحوار غالى دفع بعض الوزراء المعنيين للهجوم على حوار غالى، وظهرت تفسيرات وإجابات على سؤال: لماذا ظهر غالى فى هذا الوقت تحديدا؟.. وهل الحوار تمهيد أو بالأحرى جس نبض لعودته لمصر؟.. وما هو الدور الذى لعبه صديقه مالك قناة القاهرة والناس طارق نور فى الإعداد لهذا الظهور؟

وقد عرفت من زميلى الإعلامى محمد على خير أنه فكر فى استضافة غالى بعد أن قرأ خبرًا عن مشاركة الاقتصادى الكبير فى ندوة عبر الإنترنت للغرفة التجارية بالإسكندرية، وأن فريق الإعداد استعان بالأستاذ أحمد الوكيل رئيس الغرفة للتواصل مع الدكتور يوسف فى لندن، وأضاف خير أن يوسف وافق على الفور ولكنه اشترط البعد عن الوضع الاقتصادى فى مصر لأن وضعه حساس. كما اختار يوسف بنفسه الخبراء الذين يوجهون له الاسئلة أو يعلقون على الحوار، ويبدو أن غالى كان متخوفا من أن يتورط فى إبداء آراء فى بعض الإجراءات النقدية والاقتصادية والمالية لمواجهة أزمة كورونا، وأكد خير أن صاحب القناة لم يعرف بالحوار إلا صباح يوم العرض، وأنه طلب منه نصف ساعة زيادة هواء، فوافق نور، واختتم خير كلامه بأن طارق لم يطلب أى طلبات أو أسئلة خاصة لغالى، وأن الأمر مهنى تماما.

وبعيدا عن الكواليس والحواديت رغم إثارتها، إلا أن مناقشة روشتة غالى لأزمة كورونا ستكون أكثر أهمية وخطورة؛ لأنها قد تكون أحد السبل فى الخروج من توابع كورونا بأقل الخسائر.

1- اطبع واصرف

أبرز ما نصح به الدكتور غالى هو عدم الاهتمام بزيادة الدين الداخلى، وأن المهم الآن هو إنقاذ حياة الاقتصاد المصرى الذى أصيب بحادث سير فتكسر كل جزء منه من جراء كورونا، فحياتنا واستمرار اقتصادنا، دولا وشركات وأفرادا، على المحك، ولذلك يطرح غالى أفكارًا غير تقليدية لمواجهة أزمة غير تقليدية ولا مسبوقة. طالب غالى الحكومات بأن تساعد المؤسسات والأفراد والعائلات وأصحاب المهن الصغيرة، زيادة أجور.. خفض ضريبة القيمة المضافة.. إلغاء الأعباء على المواطن.. دعم المقاهى الشعبية والمطاعم حتى لو انتهى الأمر بما حدث فى بريطانيا، فالحكومة تقوم بدفع نصف ثمن الوجبة التى يتناولها المواطن فى المطاعم، وذلك تشجيعًا للمواطنين على الاستهلاك. غالى قال إن الجميع فى حاجة إما لقروض أو هبات ومساعدات، ولذلك دعا غالى الحكومات إلى طبع العملات المحلية بدون أى تخفيضات اقتصادية لأننا أمام مشكلة غير مسبوقة، وعندما سئل غالى عن خطورة طبع البنكنوت على التضخم وزيادة الأسعار. جاء رده مقنعا: الناس خايفة تشترى أو لا تملك أموالاً، ولذلك لا خوف من التضخم. هذه الفكرة يجب دراستها بعناية فائقة لأن حجم المتضريين والخاسرين من كورونا من الطبقة المتوسطة يفوق تصورات ومساعدات الحكومة حتى الآن. نحن فى حاجة إلى دراسة تخفيضات فى فواتير الكهرباء والغاز والمياه وترحيل الضرائب على فئات كثيرة خاصة من الطبقة المتوسطة، بعض من هذه الفئات تحتاج بالفعل لتقديم دعم مالى مباشر وعاجل من النوع الذى اقترحه د. غالى.

2- رد فعل حكومى

على الرغم من أن د. غالى اشترط الابتعاد عن الحالة المصرية معللا ذلك بعدم متابعته الدقيقة للأوضاع الاقتصادية، وعلى الرغم من أنه كرر ثقته فى كفاءة العاملين على الشأن الاقتصادى فى مصر.. رغم هذا وذاك فإن ردود فعل غاضبة كانت فى انتظار الدكتور غالى أو بالأحرى ظهوره وحواره. أحد المسئولين الماليين سأله هو غالى مش هارب من تنفيذ حكم قضائى إزاى يطلع فى التليفزيون؟ وهذا سؤال استنكارى يدل على الغضب أو ربما الغيرة من الأصداء الشعبية لحوار غالى، محافظ البنك المركزى غضب من 3 نقاط فى خطة غالى للإنقاذ لأنها ببساطة تضرب خطته، وهى خفض سعر الفائدة إلى الحد الأدنى، وخفض سعر الجنيه وعدم مساندته والثالثة التوازن بين سلطتى المحافظ ووزير المالية، فطارق عامر رهن إنجازه كمحافظ بخفض سعر الدولار، واقتصاديا أنا ضد خفض الجنيه، ولكن يجب ألا نضغط كثيرا على سعر الدولار حتى لا تنفجر السوق السوداء فى وجهنا مرة أخرى.بالنسبة لسعر الفائدة قدم غالى حلا محرجا لعامر بوصفه المسئول على البنوك، هذا الحل هو تخصيص منتجات مصرفية للمواطنين الذين يعتمدون على فوائد الوديعة فقط فى حياتهم، ربما لا يبدو هذا الحل علميا، إلا أنه يطرح أمثلة للحلول غير التقليدية التى لجأت لها بعض الدول، وإن كان البنك الأهلى قد بدأ مؤخرا تقديم بعض من هذه الخدمات.

أما وزير المالية محمد معيط، وهو من فريق عمل غالى، فقد وصف خطة الإصلاح أو المواجهة التى اقترحها غالى بأنها تحتاج كام تريليون دولار.

ولكننى أظن أن أخطر ما قاله غالى وأوجع المسئولين كان عن خطة الإصلاح مع صندوق النقد، فقد ذكر غالى أن رئيس الصندوق السابقة وهى من أصدقائه قالت تعليقا مهمًا عن الخطة، من بين هذا التعليق جملة.. تقول: «كنا على استعداد أن نقبل بنصف ما قدمته مصر»، فهذه الجملة تثير الجدل والشكوك فى براعة المفاوض المصرى أثناء الاتفاق مع صندوق النقد.