مى سمير تكتب: بالأسماء.. عصابة أردوغان فى ليبيا

مقالات الرأي



المشروعات التركية مع حكومة الوفاق تبلغ 16 مليار دولار منها 500 مليون دولار لمشروعات لم تبدأ بعد

كشفت مجلة ليبيا ريفيو كيف دفعت حكومة الوفاق الوطنى الليبية 12 مليار دولار كمساعدات مالية إلى تركيا لدعمها ضد الجيش الوطنى الليبى، هذا إلى جانب 4 مليارات دولار من الأموال النقدية تم دفعها للبنك المركزى التركى، لكن فى حقيقة الأمر، التواجد التركى فى ليبيا لا تدفعه الطموحات التركية غير الشرعية فى شمال أفريقيا وشرق المتوسط فقط ولكن تحركه أيضا أطماع أردوغان ودائرته المقربة، فحسب أغلب التحليلات الأخيرة الأموال الليبية المتدفقة على تركيا تذهب فى الغالب إلى دائرة مقربة من أردوغان من الممكن وصفها بعصابة أردوغان فى ليبيا. 


1- العصابة 

حسب تحقيق للموقع الاستخباراتى نورديك مونيتور، ومقره ستوكهولم، كشفت الزيارة الرسمية التى قام بها وزير المالية بيرات البيرق، صهر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، إلى ليبيا أن عائلة الرئيس التركى والدائرة المقربة منه أصبحت الفاعل المهيمن فى تشكيل سياسة الحكومة التركية فى ليبيا، قام البيرق، الشخصية البارزة فى قطاع الطاقة فى تركيا الذى تسيطر عليه عائلة أردوغان، ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ورئيس جهاز المخابرات التركية الوطنية، هاكان فيدان بزيارة ليبيا فى 17 يونيو حيث استقبلهم فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطنى فى طرابلس، رافق البيرق المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين وكبير مستشارى أردوغان سفير توران.

أضاف موقع نورديك مونيتور أن اليوم تتم صياغة السياسة الخارجية التركية وصنع القرار داخل الرئاسة وليس داخل مؤسسة الخارجية التركية. يلجأ أردوغان إلى مجموعة صغيرة من المستشارين الرسميين وغير الرسميين من أجل إدارة علاقات تركيا الخارجية وبالتحديد العلاقات التركية الليبية. يتم اختيار هذه المجموعة على أساس الاختيار الشخصى فى المقام الأول ومدى ثقة أردوغان فى هؤلاء الأشخاص. كما تضم هذه الدائرة مجموعة من رجال الأعمال من عدة قطاعات وأزواج بنات الرئيس التركى الذين يقودون صناعات الدفاع والطاقة فى تركيا نيابة عن الرئيس أردوغان. 

بالإضافة إلى مدير المخابرات فيدان ووزير الدفاع خلوصى أكار، عمل أردوغان بشكل وثيق مع توران وكالين فيما يتعلق بسياسة تركيا بشأن ليبيا. كما عين أمر الله إشلر مبعوثاً خاصاً لليبيا. وفى مقابلة صحفية مع إشلر المبعوث التركى الخاص إلى ليبيا، أكد أشلر أن أنقرة وطرابلس ستنخرط فى تعاون مكثف فى إعادة الإعمار والتنقيب عن النفط وأن تركيا قد تنشئ قاعدة طائرات بدون طيار فى الوطية وقاعدة بحرية فى مصراتة. تم تسمية إيشلر، وهو أيضا عضو فى البرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم ونائب سابق لرئيس الوزراء، ممثل خاص للرئيس أردوغان فى ليبيا فى عام 2014. ومنذ ذلك الحين، كان يزور ليبيا بانتظام ونسق كافة الاتصالات الخاصة مع حكومة الوفاق الوطنى وغيرها من الجهات الفاعلة فى البلاد.

كما كشفت زيارة وزير المالية البيرق، الذى شغل فى السابق منصب وزير الطاقة، إلى ليبيا مؤخرا، عن حقيقة أنه سيوجه سياسة ليبيا التركية وينسق أنشطة التنقيب عن النفط وإعادة الإعمار فى البلاد، تزوج البيرق، نجل أحد أصدقاء الرئيس التركى، ابنة أردوغان إسراء فى عام 2004 وأصبح فى السنوات اللاحقة أحد أقرب المقربين من الزعيم التركى. تم تسليم البيرق منصب وزير الطاقة فى نوفمبر 2015 بعد فوزه بمقعد فى البرلمان فى يونيو من ذلك العام. قبل دخوله السياسة، قضى البيرق معظم حياته المهنية فى مجموعة جاليك القابضة، التى لها مصالح فى الطاقة والمنسوجات والبناء. يمتلك صديق آخر لعائلة أردوغان مجموعة جاليك. وفقا لصفحتها على الإنترنت، قامت شركة جاليك انجرى، وهى شركة تابعة لمجموعة جاليك القابضة بمشاريع طاقة عبر منطقة واسعة تشمل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا والبلقان. فى عام 2017، كشفت مجموعة من الوثائق المالية المسربة كجزء من فضيحة ملفات مالطا المالية عن تورط البيراق فى عمليات تهريب أموال وتأسيس شركات أوف شور (شركات وهمية) للتهرب من الضرائب. ووفقا للملفات، ساعد البيرق فى إنشاء شركات أوف شور فى مالطا والسويد للتهرب من دفع ملايين الدولارات من الضرائب لصالحه شركة جاليك القابضة.

فى ذروة الأزمة مع روسيا بعد أن أسقطت تركيا إحدى طائراتها الحربية فى نوفمبر 2015، اتهمت موسكو صراحة البيرق بالمشاركة فى تهريب النفط غير المشروع فى سوريا. فى موازاة ذلك، زعمت المعارضة التركية أن هناك احتمالية كبيرة بأن البيرق كان متورطاً بشكل كبير فى تجارة النفط مع تنظيم داعش وبالتعاون مع بلال الابن الأصغر لأردوغان. كما يبرز فى ليبيا اسم صهر أردوغان الثانى، سلجوق بيرقدار، الذى تزوج فى عام 2016 من سمية الابنة الصغرى للرئيس التركى، وهو كبير المسئولين التنفيذيين فى الشركة التى صنعت أول طائرة بدون طيار محلية الصنع فى تركيا. كشخصية مهمة تمثل صناعة الدفاع فى تركيا يشارك الصهر الثانى فى عملية صنع القرار فى السياسة الخارجية وبالتحديد فى ليبيا.

بيرقدار هو مسئول التكنولوجيا فى شركة بايكار ماكينا، التى تصنع طائرات بدون طيار مسلحة وغير مسلحة للجيش التركى ووكالات إنفاذ القانون. ويحقق الصهر الثانى أرباح هائلة من توريد الطائرات بدون طيار إلى ليبيا.وبحسب الممثل الخاص السابق للأمم المتحدة فى ليبيا غسان سلامة، فإن النزاع الليبى هو «أكبر حرب طائرات بدون طيار فى العالم».

هذه الأعمال العائلية تحتاج إلى قوة سلاح من أجل حمايتها، لهذا حرص الرئيس التركى على نقل مجموعة من ضابط المخابرات التركية الذين يثق أردوغان فى ولائهم من أجل إدارة وتأمين الوجود التركى فى ليبيا. ينقسم عمل الضباط الأتراك ما بين إدارة المرتزقة السوريين من جهة وتأمين الوجود التركى من جهة أخرى. حسب موقع أحوال التركى، أكد الناطق باسم الجيش الوطنى الليبى اللواء أحمد المسمارى أن ضابط مخابرات تركى يدعى عقيد غازى هو من يقود مرتزقة أردوغان فى ليبيا. وإلى جانب غازى هناك ضابط مخابرات تركى آخر يدعى صادق أوستون، وهو مسئول آخر رفيع المستوى فى المخابرات التركية، يلعب أيضا دوراً رئيسياً فى ليبيا. حسب موقع انتليجنس أونلاين أشرف أوستون، الذى يشغل منصب نائب رئيس المخابرات التركية، على عدد من العناصر التركية التى تسعى إلى تأمين الوجود التركى فى ليبيا. 

يعد أوستون من ضباط المخابرات المقربين من أردوغان إلى حد كبير، حسب موقع (سيلند تركيا) الاستقصائى، شارك أوستون فى تدبير ما وصفه الموقع بمسرحية الانقلاب العسكرى المزعوم فى تركيا عام 2016. حسب الموقع فإن أوستون وهو صديق مقرب من مدير المخابرات التركية فيدان، كان أحد العقول المدبرة لمسرحية الانقلاب وساهم فى التخطيط له. وقد جمعت علاقة صداقة بين فيدان وأوستون أثناء خدمتهم فى القوات المسلحة التركية.

يؤكد تقرير موقع (سيلند تركيا) أن أردوغان ورجاله المقربين هم من خططوا لمسرحية الانقلاب من أجل التخلص من المعارضة. مهدت محاولة الانقلاب المزعوم فى 2016 الطريق لنظام أردوغان لكى يعيد رسم المشهد السياسى فى تركيا. تخلص الرئيس التركى من أغلب معارضيه ووطد حكمه الاستبدادى فى تركيا. بعد الانقلاب تحول أوستون إلى أحد رجال الدائرة المقربة من أردوغان ولهذا كان من الطبيعى نقله إلى ليبيا لإدارة أعمال هذه العصابة التركية. 

2- الغنائم

بعد أن ساعدت حكومة الوفاق الوطنى التى تتخذ من طرابلس مقرا لها على التقدم فى ميادين القتال فى ليبيا، تبدو تركيا حريصة على كسب معظم الغنائم الاقتصادية خلال مرحلة ما بعد الحرب، كما أفاد تحليل لموقع آراب نيوز. قال مسئول تركى رفيع لوكالة رويترز للأنباء إن أنقرة تريد البدء سريعا فى «إعادة بناء» ليبيا التى دمرتها الحرب بعد أن زار كبار نواب الرئيس رجب طيب أردوغان طرابلس هذا الأسبوع لمناقشة التعاون بشأن الطاقة والبناء والخدمات المصرفية. كما قال المسئول، الذى طلب عدم الكشف عن اسمه، إنهم ناقشوا أيضا المدفوعات المستحقة للشركات التركية عن أعمال الكهرباء والبناء السابقة فى ليبيا. وقال المسئول البارز إن الأتراك ومسئولى حكومة الوفاق الوطنى ناقشوا كيف يمكن لتركيا أن تساعد فى استكشاف الطاقة، بما فى ذلك التعاون «فى كل مشروع يمكن تخيله» لمساعدة الموارد فى الوصول إلى الأسواق العالمية. حسب تقرير آراب نيوز، قبل أن تبدأ تركيا بشكل رسمى دعمها لحكومة الوفاق الوطنى فى نوفمبر من العام الماضى، كان عمال البناء الأتراك يعملون فى مشاريع فى ليبيا. قال مسئول فى قطاع الأعمال فى يناير، إن تراكم الأعمال التعاقدية التركية فى ليبيا يبلغ 16 مليار دولار، بما فى ذلك 400-500 مليون دولار للمشاريع التى لم تبدأ بعد. وأضاف المسئول أن شركة الكهرباء التركية كارادينيز باور يمكن أن تستخدم سفنها للتخفيف عن بعد من حدة نقص الكهرباء فى ليبيا وسط القتال. وقال مصدر تركى آخر إن أنقرة وحكومة الوفاق ناقشا أيضا إرسال مستشارين أتراك إلى طرابلس للمساعدة فى إعادة بناء نظامهم المصرفى.وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو يوم الخميس لشبكة سى إن إن ترك إن جزءا من المحادثات يدور حول عودة الشركات التركية إلى ليبيا بعد الصراع.