"سلام يا صاحبي".. صديق أيمن غريق شاطئ النخيل يروي "للفجر" لحظات وداعه
لم يكن يعلم "أيمن غريب" بأن اختياره لشاطئ النخيل بالإسكندرية سيكون بوابة عبوره للعالم الآخر، قبل أن تبتلعه الأمواج داخل البحر، لم يكن الجو ملائمًا للسباحة من يوم الجمعة الماضي، وكانت الأمواج عالية، ولكن الشباب الصغير قد غرهم جمال "البحر" وتواجد المصيفين على الشاطئ فجرًا فنزلوا للعب والترفيه عن انفسهم وكان معهم الشاب "أيمن" الذي لم يتجاوز عمره 16 عامًا.
استيقظت مدينة "أبو المطامير" بمحافظة البحيرة على خبر صادم، وهو غرق "أيمن غريب"، و(11) آخرين بشاطئ النخيل، الشاب الخلوق الذي أشاد به الجميع، وكل من خالطه خلال رحلته القصيرة في الدنيا، يؤكد أنه كان يحمل شيم الرجال، ويفوق عمره بسنوات.
شاب محبوب من الجميع
"كان أيمن شابًا محبوب من الجميع، ولم يتأخر شخص عن حضور جنازته".. هكذا كانت كلمات "علي محمد لقناشي"، صديق أيمن ضحية غرق شاطئ النخيل بالإسكندرية "للفجر": كان يصغرني بأعوام كثيرة، ونحن من قرية "أبو المطامير بمحافظة البحيرة، وأيمن شخص واثقًا من نفسه، ويمتاز بالرجولة وشخصية مرحة، وعلى الرغم من صغر سنه إلا أنه جرئ وشجاع ويحب الخير ويساعد الآخرين.
"تحمل المسئولية منذ الصغر"
وتابع عَمِل "أيمن" منذ صغره في عدة أماكن، ليس لأنه يحتاج للمال فهو وعائلته حالتهم المادية جيدة جدًا، ولكن لأنه يحب تحمل المسؤولية وكان يشارك الجميع أفراحهم وأحزانهم، ويساعد الكبار، ويلعب مع الصغار، ويقدر الجميع ولم يتحدث عنه أبدًا أحد في قريتنا إلا بكل خير.
"لم يخبر والديه بحقيقه ذهابه للبحر"
وأضاف "علي" للفجر: أخبر أيمن والديه بذهابه للترويح عن نفسه مع أصدقاؤه، ولم يخبرهم بذهابه للبحر في الإسكندرية، ودع أهله وحمل حقيبته، وانطلق إلى رحلته مساء الخميس ليصل فجر الجمعة إلى شاطئ النخيل ولم يدرك أنه قد وصل لنهاية الطريق.
وتابع "غرهم البحر فنزلوا إليه للعب والاستحمام" خاصة بعد أن وجدوا العديد من الناس على الشاطئ، وداخل البحر، فلم يكترثوا لخطورة الأمر، وكان وقتها الموج عالي جدًا حتى أتت الموجه وأغرقت أيمن، وبعض الأطفال من عائلات أخرى.
"وصول فرق الإنقاذ البحري وخروج جثمان أيمن"
وأضاف "علي" عندما وصل الإنقاذ البحري أخرجوا كل شخصين على حدا، حتى تبقى جثماني "أيمن وشادي"، وظلوا يبحثوا عنه من صباح الجمعة حتى يوم السبت مساءًا.
وتواجد فريق كبير من الغواصين وعلى رأسهم الكابتن "ايهاب المالحي"، والكابتن "محمد القرموطي"، الذي وصل مع فريقه للبحث عن أيمن، وكان موج البحر عالي جدا، وتحدثت للكابتن "هشام الشوبكي" واخبرني أن اي غواص سينزل البحر سيموت وأنا احافظ على حياتهم، ولكن الكابتن "محمد القرموطي" ساعدني كثيرًا، ارسلت له موقع الغرق، وقال لي أ«أوعدك انا مش هخرج غير بأيمن من البحر»، وغطسوا فجرًا للبحث عنه، ووعدني وأوفى بوعده، من الفجر حتى السابعة صباحًا، ووجد الجثمان من بعد موقع الغرق بـ حوالي 2 كيلو تجاه الشمال، عند حاجز رقم 7 طريق الساحل، وبعد إنتشال جثمان أيمن من البحر، ذهبنا به إلى "مستشفى كوم الدكة" لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
"محبة الأصدقاء وتوديعهم لأيمن"
وتابع "علي" كان ايمن صغيرًا بالسن في المرحلة الإعدادية، وانا اعرفه منذ صِغره وكان وقتها في الصف السادس الابتدائي، وكنت أجلس معه وكان شخص فكاهي وطيب جدًا، يُقدره الجميع حتى الأكبر منه سنًا، لأنه لبق في الكلام ولم يفتعل الشجار مع أي شخص.
وعندما علم معارفه من كل مكان بوفاته عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، حضروا الجنازة ولم يتأخر احد عن الحضور وأداء الواجب، وتواجد كل من في البلد لتوديعه، وحضر الكبار والصغار والمسلم والمسيحي، كانت جنازته كبيرة جدًا ومزدحمة، مضيفًا في قريتنا اذا لم يكن الشخص محبوبًا لن يكترث أحد له، حتى أننا ذهبنا جميعًا للشاطئ للبحث عنه برغم بُعد المسافة من البحيرة للإسكندرية ساعتين ونصف، ولكن كنا جميعًا نبحث عن جثمانه.
"حب الطائرات الورقية"
وأشار "علي": أن أيمن كان محبًا لصناعة الطائرات الورقية، وكان يصنعها بفن وبطريقة جاذبة للانتباه، وكان يهديها للأطفال، أو عندما يطلب منه أحد طائرة ورقية كان يصنعها له بدون مقابل، فقط ليبهج بها الشخص الآخر.
"صدمة الأم.. وتوديع الصديق"
واضاف قبل وفاة أيمن بيوم واحد كان يقف مع ابن عمي في المحل الخاص به، واخبره "انا رايح اسكندرية بكرة عشان زهقان وعايز اتفسح"، وكأنه كان ذاهبًا لوداعه، هذا ما أخبرني به قريبي.
وتابع أن والدته سقطت فاقدة للوعي بعد أن علمت بخبر وفاة ولدها، عن طريق أهل أصدقاءه الذين كان لهم نصيبًا آخر في الحياة وعودتهم لديارهم.