أخذًا بالثأر.. مقتل رئيس وحدة بيطرية بطلق ناري أمام مسكنه ببني سويف
لقي رئيس الوحدة البيطرية لقرية الحيبة التابعة لمركز الفشن جنوب بني سويف مصرعه صباح اليوم السبت، أثناء تواجده في عمله أخذا بالثأر، عقب اتهام اشقائه بقتل أحد الأشخاص في مشاجرة بين عائلتين بقرية تلت التابعة لنفس المركز، وتم نقل الجثة إلى مشرحة مستشفى الفشن المركزي.
وتلقى اللواء زكريا صالح مساعد مدير وزير الداخلية مدير أمن بني سويف، إخطارًا من العميد أحمد سعد، مأمور مركز شرطة الفشن، يفيد بمقتل "أشرف يوسف" طبيب بيطري، رئيس الوحدة البيطرية لقرية الحيبة، بدائرة المركز أثناء تواجده صباح اليوم في عمله بالوحدة البيطرية.
وعلى الفور أسرع الرائد أحمد حسين، رئيس مباحث الفشن إلى مكان الحادث حيث تبين أن "المجني عليه" مقيم بقرية قرية تلت، بدائرة المركز، يعمل رئيس الوحدة البيطرية لقرية الحيبة وأنه يقيم حاليًا بقرية الحيبة "محل عمله" مع أسرته بعد اتهام أشقائه بقتل أحد الأشخاص في مشاجرة بين عائلتين بقرية تلت بدائرة المركز.
وأثناء خروجه من سكنه متجهًا إلى عمله بقرية الحيبة صباح اليوم أطلق عليه مجهولان النار وفرا هاربين مستقلين دراجة بخارية تم استدعاء سيارة الإسعاف لنقل جثة المجني عليه إلى مشرحة مستشفى الفشن وتم إخطار النيابة العامة للتحقيق في ملابسات الواقعة، واتخاذ ما يلزم من اجراءات قانونية.
قرى "الدم والنار" ببني سويف
ومحافظة بني سويف، إحدى محافظات صعيد مصر، التى عُرف عنها الصراعات القبلية ونزاعات العائلات، بقري ومراكز المحافظة، حيث أصبحت مشاجرات العائلات ظاهرة اجتماعية خطيرة، لما تخلفه ورائها من سلسال دم لا ينتهي، حيث يورث من جيل إلى أخر، على الرغم عشرات المحاولات التى تدرى لوأد فتنة الثأر بعقد جلسات صلح، الا أن العادة لاتزال مستمرة، فيما ارتفعت وتيرتها بشكل ملحوظ، منذ فترة الإنفلات الأمني التى أعقبت ثورة 25 يناير، ليصل الآمر إلى الأخذ بالثأر أمام المارة فى الشوارع وفى وضح النهار وفى المدارس وداخل القطارات، نظرا لحالة الانفلات الأمنى التى شهدتها البلاد عقب ثورة 25 يناير، إضافة لدخول كميات كبيرة من السلاح المهرب عبر الحدود الليبية.
والصراعات الثأرية منتشرة فى بؤر عديدة من مراكز المحافظة، وبعض القري التى عادة ما تشهد هدوءًا وخمولا لفترة طويلة لكنها قد تثور بشكل مفاجئ ومن هنا تكمن الخطورة إذ يترتب عليها خسائر لا حصر لها.
وتلجأ الأجهزة الأمنية إلى ما يعرف بالقضاء الأهلى أو الجلسات العُرفية، حيث تتشكل لجانًا بمراكز المحافظة من بعض الشخصيات العامة مثل أعضاء المجالس النيابية، والمجالس الشعبية المحلية، ورجال الدين، ويشترط في اختيارهم أن يكونوا ممن يتمتعون بشعبية داخل وخارج قرى ومراكز المحافظة، تكون لهم سلطة التواصل بين طرفي الخلاف من العائلتين، ليصلا إلىنقطة تلاقي، فى محاولة لوأد الفتنة، حيث تبدأ اللجنة بالاستماع إلى طرفى النزاع "القص" يدخل أعضاء المجلس العرفي في جلسة مغلقة لا يحضرها أحد غيرهم، ليبدأوا في مناقشة وتحليل ما استمعوا اليه، وفى بعض الأحيان، خاصة في النزاع على حدود الأراضى، يذهب أعضاء المجلس للمعاينة على الطبيعة، تمهيدًا لإصدار حكمهم.
وتتنوع الأحكام، التي قد يصل بعضها إلى "التغريب"، وهو إلزام الطرف المحكوم عليه بمغادرة القرية أو المدينة التي يسكن بها لمدة لا تقل عن 6 أشهر، ولا تزيد عن عام، ويستخدم هذا الحكم غالبًا في حل النزاع الذي ينشب بسبب قصص الحب، وهناك "الدية" وهى عبارة عن مبلغ مالى تقدره اللجنة، على طرف لصالح الأخر، وهذ العقوبة تستخدم فى الخلافات الثأرية التى ينتج عنها حالات وفيات، وفى نهاية الجلسة العرفية، يقوم المجلس بكتابة محضر الجلسة مدون به أسماء أعضاء المجلس، والحاضرين من طرفي النزاع، وأقوال «المدعى» و«المدعى عليه»، والحكم الذي صدر، وفى حالة إخلال أحد الطرفين بقرارات المجلس، يتحمل شرطًا جزائيًا تبدأ قيمته من 500 ألف جنيه، ويصل إلى 5 ملايين جنيه.
الدكتور جمال عبد المطلب، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة بنى سويف قال: إن مشكلة الثأر فى صعيد مصر خير دليل، ومن ثم فإن تفعيل الجلسات العرفية ووجود ممثل فيها للقانون الرسمى يحل كثيرًا من المشكلات ويتصدى للعديد من الجرائم، ويساعد السلطة التنفيذية فى القيام بدورها فى مواجهة الجريمة وتطبيق العدالة، خاصة في جرائم القتل.