منال لاشين تكتب: 30 يونيو.. تحديات العام السابع
نجاح السيسيى بالوصول لمصر إلى هذه المكانة يطمئنا أن قوة الدولة تستوعب الاختلاف فى الرأى.. آن الأوان لانطلاق العمل السياسى معارضة وحكومة
من أجمل سنوات عمرى الصحفى السنوات التى قضيتها فى جريدة العربى الناصرى وبالطبع كان يصدرها الحزب الناصرى، وقد وجدت من قيادات وملاك الجريدة مساحة كبرى من الشجاعة والحرية، ولكن كانت هناك مواسم سنوية للخلاف بينى وبينهم، وهى موسم الذكرى السنوية لثورة 23 يوليو، وميلاد ووفاة الزعيم جمال عبد الناصر، فقد كنت أطرح أفكاراً صحفية حول نقد تحليلى للثورة ومكاسبها وخسائرها، وما القيم التى يجب أن تستمر والقيم التى يجب تعديلها أو التخلى عنها، وفى ذلك الوقت بدأ المفكر الدكتور عمرو الشبكى بتقديم فكرة نقد الثورة، وكانت حكاية نقد الثورة أو إنجازات عبد الناصر لا تلقى فى أحيان كثيرة قبولاً فى الصحيفة أو الحزب على حد سواء، وكانت الحجة السائدة أن التجربة الناصرية قد تعرضت لأكبر حملة تشويه على يد الرئيس السادات ورجاله، وكنت دائما أرد بأن قيام الناصرين بأنفسهم إلى نقد وتحليل أوجه النقص فى ثورتهم عمل مختلف، وكنت أدرك أن حجتهم صحيحة، ولكن فى الوقت نفسه كنت أعرف أن العقل العربى لا يتقبل مثل هذا النوع من الاحتفال بالذكرى والمناسبات المجيدة، وهذه قناعة عربية سوف تجدها فى الحكام والشعوب على حد سواء، لا فى السياسة أو الاقتصاد أو حتى الحياة الاجتماعية، وغالبا ما يميل العقل العربى إلى اعتبار النقد معارضة، ولذلك فإن عدم قيام حزب أو جماعة أو شركة بنقد تحليلى من الداخل يبدو أمرا بديهيا.
وبمناسبة مرور 6 سنوات على ثورة 30 يونيو قررت أن أعاود التجربة وأبحث عن تحديات السنوات القادمة وما تسرب من اهتماماتنا فى السنوات الست السابقة، وأنا أؤمن بثورة 30 يونيو التى حررت المصريين من أخونة الدولة، ولو عادت بى الأيام والسنوات لن أتزحزح عن موقفى هذا ملى واحد وليس مجرد سم أو متر، فقد كان كل ما أؤمن به وأحيا لأجله على المحك خلال حكم الإخوان، ولكننى لا أميل إلى ما يردده بعض الإعلاميين من بعض الدعاية المسيئة، مثل القول بأنه يكفى «السيسى» أنه استجاب للشعب وطرد الإخوان، أرفض هذه الدعاية لأن السيسى أنجز الكثير غير طرد الإخوان من ناحية، ولأن كل ثورة يجب أن يصل طموحها لعنان السماء لا أن يلامس السحاب فقط، ولذلك سأقدم بعض التحديات التى يجب مواجهتها فى السنة السابعة للثورة والسنوات القادمة.
1- إطلاق روح المشاركة
عندما أعلن الرئيس السيسى عن إطلاق صندوق تحيا مصر وتبرعه بنصف راتبه ونص ثروته التى ورثها على والده فرحت جدا، لأن الرئيس أعطى بذلك التصرف الضوء الأخضر لعودة مبادرات المشاركة فى المجتمع المدنى، ولكن بعد ست سنوات أظن أننا فى حاجة ماسة وملحة لتقوية المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية، فالمجتمع المدنى أصيب فى مقتل بسبب مخاوف من التدخل الأجنبى عبره، وزاد من المخاوف استغلال الإخوان إلى عدد كبير من الجمعيات الأهلية، وبالطبع أتفهم أن هذه المخاوف الحقيقية فى وقتها كانت وراء التعامل بشك تجاه المجتمع المدنى، ولكن بعد مرور السنوات الست بإنجازاتها الاقتصادية والأمنية وعودة قوة الدولة، بعد كل ما تحقق على الأرض ذلك أعتقد أننا مدعون لدعم المجتمع المدنى الأهلى، والجمعيات الأهلية التى تعمل فى مجال حقوق التعليم والصحة والعلاج لكل مصرى، المجتمع المدنى والأهلى الذى بنى من قبل جامعة القاهرة، مستشفيات المبرة والدمرداش وغيرها وبنك مصر وبشركاته فى كل مجالات الاقتصاد، المجتمع المدنى الذى يعمل على الأرض فى الشوارع والقرى بدلا من جمعيات الإخوان والسلفيين، وإذا كان لأزمة كورونا من فضل، فأعتقد أن هذا الفضل هو أنها كشفت عن أهمية المجتمع المدنى فى دعم ومساندة الدولة بقطاعاتها لمواجهة الأزمة، ولا يقتصر المجتمع المدنى على الجمعيات الأهلية فقط، بل إن النقابات المهنية والعمالية جزء أصيل من المجتمع المدنى، ولو كان لدينا نقابات قوية لاستطاعت أن تساعد الحكومة فى مواجهة أزمة كورونا على غرار ما فعلته نقابتا الصحفيين والمهندسين، وبالمثل لو كان لدينا مجالس شعبية ومحلية فى كل ربوع مصر، فلاشك أن هذه المجالس كانت ستمثل أيدى إضافية للدولة فى مواجهة توابع وباء كورونا، ولذلك أعتقد أن من بين تحديات السنة السابعة هو إنجاز قانون وانتخابات المحليات من ناحية ودعم عودة المجتمع المدنى خاصة الجمعيات الأهلية الصغيرة الخاصة بالحى أو المدينة من ناحية أخرى.
2- إنقاذ سمعة السياسة
لا أدرى من أين تسرب الإحساس بسوء سمعة ومهنة السياسة داخل دوائر كثيرة فى دولة 30 يونيو، لم نعد نطيق أو نثق لا بخطورة غياب المعارضة أو حتى وجود حزب قوى يساند الحكومة، عشنا حالة استقطاب أو تقطيع هدوم وسمعة بعض، اعتبرنا أن كل رأى وأى رأى معارض هو أخونة، وكل نقد هو خيانة، وأن كل مدافع عن الحكومة هو مطبلاتى ومرتشى، ولكن الصفة المشتركة بين التعامل مع الاثنين هى الشك وسوء الظن، ومرة أخرى أعتقد أننا وصلنا إلى درجة عظيمة من استقرار مؤسسات الدولة، وأن هذا المستوى من الاستقرار والنجاح يطمئنا إلى أن قوة الدولة قادرة على استيعاب الاختلاف فى الرأى أو التوجه داخل ما عرف بتحالف 30 يونيو، وبكل الحسم أنا ضد أى مشاركة للإخوان فى الحياة السياسة، وبنفس المنطق أنا ضد اتهام كل معارض مدنى بأنه عميل إخوانى، آن الأوان إلى انطلاق العمل السياسى معارضة وحكومة مثل كل الدول الديمقراطية القوية، وهذا تحد كبير علينا أن نتشارك كلنا لننجزه، بما فى ذلك دمج أو إلغاء الأحزاب التى تفشل فى الحصول على مقعد واحد فى البرلمان، والاستماع إلى آراء الخبراء فى القوانين السياسية.. وكل 30 يونيو واحنا ومصر بخير وقوة ونصر.
3- أقمار للثورة
من التحديات المهمة ماليا هى إطلاق شبكة أقمار صناعية تغطى الإنترنت فى مصر، وقد يبدو هذا التحدى مثيراً للدهشة مقارنة بالتحديات السياسية أو الاقتصادية، ولكن أعتقد أن وجود شبكة أقمار صناعية لتوفير الإنترنت مجانا وقويا هو خطوة حاسمة فى نقل دولة 30 يونيو إلى العصر الرقمى، ففى كل خطوة نخطوها للمستقبل تقف البنية التحتية للاتصالات معوقا أمام تحقيق أهدافنا، الامتحانات فى المرحلة الثانوية، فعلى الرغم من تكلفة الدولة لتوزيع تابلت على كل طالب، لقد عانى البعض من سوء الشبكات العنقودية، وأنا أقدر وأثمن اهتمام الرئيس السيسى بزيادة الخدمات الإلكترونية للحكومة، ولذلك باعتبار توفير شبكة أقمار صناعية يعد تحدياً وهدفاً من أهداف الدولة المصرية، لأن توفير الإنترنت قوى ومجانى للمواطن وللجهات العامة والخاصة سيسرع من الوصول إلى العالم الرقمى الذى يعيشه العالم المتحضر، وهذا العالم الرقمى مكن الحكومات من ضبط ومراقبة الأداء فى كل بقالة أو صيدلية، ربط المجتمع كله بشبكة معلومات يتطلب شبكة أقمار صناعية رغما عن ارتفاع التكلفة المالية.