اقتصاديات مجموعة العشرين تتخذ مجموعة تدابير لتيسير حركة التجارة
قال أول تقرير لمنظمة التجارة العالمية يغطي فترة تتزامن مع جائحة فيروس كورونا، إن هناك تحركات كبيرة لمجموعة العشرين لتيسير الواردات، بما في ذلك المنتجات المتصلة بكوفيد - 19، رغم أن التدابير التقييدية المتخذة لا تزال تغطي حصة متزايدة من التجارة.
وذكر التقرير أنه خلال الفترة المشمولة بالاستعراض- من منتصف (أكتوبر) 2019 إلى منتصف (مايو) 2020- نفذت اقتصادات مجموعة العشرين 154 تدبيرا تجاريا جديدا أو يتعلق بالتجارة، منها 95 تدبيرا لتيسير الاستيراد و59 تدبيرا تقييديا. من بين التدابير، كان هناك 93 (نحو 60 في المائة) مرتبطة بفيروس كورونا.
وشملت التدابير التقييدية الجديدة التي لا علاقة لها بالوباء ما يقدر بـ 417.5 مليار دولار من تجارة البضائع، وهو ثالث أعلى رقم يسجل منذ أيار (مايو) 2012. وقد أثرت الزيادات في التعريفات، وحظر الاستيراد، والإجراءات الجمركية الأكثر صرامة، ورسوم التصدير، وغيرها من التدابير، على 2.8 في المائة من التجارة في مجموعة العشرين.
في الوقت نفسه، فإن مخزون التدابير التقييدية المفروضة على الواردات المنفذة منذ 2009 وما زالت سارية المفعول لا تزال في ازدياد، وهي تؤثر الآن فيما يقدر بنحو 10.3 في المائة من واردات مجموعة العشرين (1.6 تريليون دولار).
في المقابل، وجدت المنظمة أيضا أدلة على اتخاذ مجموعة العشرين خطوات نحو سياسات تجارية أكثر انفتاحا في جميع القطاعات، بما في ذلك السلع والخدمات والملكية الفكرية.
وغطت التدابير الجديدة لتيسير الاستيراد، مثل التخفيضات التعريفية، وإلغاء الضرائب على الواردات، وخفض رسوم التصدير، ما يقدر بـ 735.9 مليار دولار من التجارة، باستثناء السياسات المتعلقة بالوباء. وهو أعلى رقم يتم تسجيله منذ 2014، وهو أعلى بشكل حاد من تدابير تسهيل الاستيراد المسجلة خلال فترة المراقبة السابقة - من (مايو) إلى (أكتوبر) 2019- البالغة 92.6 مليار دولار.
وشهدت المرحلة الأولية من الوباء فرض عديد من الحكومات قيودا تجارية، أكثر من 90 في المائة منها، تحظر تصدير المنتجات الطبية، كالأقنعة الجراحية والقفازات والأدوية والمطهرات. ومنذ ذلك الحين، ألغت اقتصادات مجموعة العشرين 36 في المائة من هذه القيود. كما أنها خفضت الحواجز أمام استيراد عديد من المنتجات ذات الصلة بالوباء.
وفي منتصف (مايو) 2020، كان 65 من بين 93 تدبيرا تجاريا مرتبطة بالأوبئة نفذت خلال فترة الرصد- أو نحو 70 في المائة- ذات طبيعة تيسيرية للتجارة. ويمكن اعتبار التدابير الـ 28 المتبقية، أي 30 في المائة من المجموع، ذات آثار تقييدية للتجارة.
وتعليقا على التقرير، قال المدير العام لمنظمة التجارة روبرتو أزيفيدو: لا تزال المستويات المرتفعة تاريخيا للتدابير التقييدية التجارية تشكل مصدرا للقلق، ولا سيما في وقت ستكون فيه التجارة والاستثمارات الدولية حاسمة لإعادة بناء الاقتصادات والشركات وسبل العيش في جميع أنحاء العالم.
لكن هناك دلائل مشجعة تقول إن التدابير التقييدية للتجارة، التي اعتمدت في المراحل الأولى من الوباء بدأت تتراجع، كما لم يحصل أن تم تنفيذ مثل هذا العدد الكبير من تدابير تيسير الاستيراد منذ 2014.
وهذا التقرير- الـ23 في سلسلة التقارير، التي تعود إلى الأزمة المالية العالمية 2009- هو الأول الذي يجري إعداده على خلفية وباء كوفيد - 19. ولم تنعكس بعد الإحصاءات التجارية للأثر الكامل لتفشي الفيروس وما يرتبط به من تدابير الإغلاق، لكن وفقا لبيانات منظمة التجارة، انخفضت التجارة العالمية انخفاضا حادا في النصف الأول من العام.
إضافة إلى التفاصيل المتعلقة بالتدابير التجارية، التي اتخذت خلال الفترة المستعرضة، يقدم التقرير تفاصيل عن تدابير الدعم الاقتصادي التي وضعتها الحكومات. ويصف التقرير أيضا عدد ومدى تدابير الدعم الطارئة، التي لم يسبق لها مثيل، التي اتخذت استجابة للاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الوباء.
يقول التقرير إن معظم تدابير الدعم الاقتصادي الـ 468 المتصلة بفيروس كورونا ذات طابع مؤقت، وشملت طائفة واسعة من برامج الدعم والقروض والضمانات الائتمانية ومجموعات الحوافز.
وكانت عدة تدابير عبارة عن منح لمرة واحدة، وشملت تدابير أخرى صرف دفعات على مدى فترة تمتد من بضعة أشهر إلى ثلاثة أعوام. وتشكل بعض هذه التدابير جزءا من برامج الإنقاذ الطارئة، التي تتجاوز قيمتها مجتمعة عدة تريليونات من الدولارات.
لكن المنظمة تقر أن تدابير الدعم في حالات الطوارئ تعد أساسية في استراتيجيات الحكومات الرامية إلى معالجة الانكماش الاقتصادي الناجم عن الوباء، وتهيئة الطريق لتحقيق انتعاش قوي.
ونظرت منظمة التجارة في رؤيتين للأزمة إحداهما متفائلة نسبيا والأخرى أكثر تشاؤما، في ظل الرؤية المتفائلة، سينخفض حجم التجارة العالمية للبضائع 12.9 في المائة وينخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي 2.5 في المائة. في ظل الرؤية المتشائمة، ستتقلص التجارة 31.9 في المائة ويتقلص الناتج المحلي الإجمالي 8.8 في المائة.
ويقول التقرير: "حتى منتصف يونيو، كانت البيانات التجارية الأولية والمؤشرات المتصلة بالتجارة للنصف الأول من 2020 أكثر اتساقا مع الرؤية المتفائلة منها المتشائمة، لكن النتائج النهائية يمكن أن تقع بسهولة داخل أو خارج نطاق التنبؤات، تبعا لكيفية تطور الأزمة الصحية".
يوضح التقرير أن التجارة العالمية بدأت تتباطأ بالفعل قبل أن يضرب الوباء، ويثقل كاهلها تصاعد التوترات التجارية وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، إذ انخفضت تجارة السلع 0.1 في المائة من حيث الحجم في 2019، مسجلا أول انخفاض منذ 2009. كما تباطأ نمو التجارة بالقيمة الاسمية في 2019، بانخفاض صادرات البضائع من حيث القيمة بالدولار 3 في المائة إلى 18.89 تريليون دولار.
يغطي التقرير أيضا التطورات في اقتصادات مجموعة العشرين في الجوانب التجارية المتصلة بحقوق الملكية الفكرية، حيث نفذ عديد من أعضاء المجموعة تدابير محددة تتعلق بالملكية الفكرية بهدف تيسير تطوير ونشر التقنيات الصحية ذات الصلة بوباء كورونا، وكذلك تخفيف المتطلبات الإجرائية وتمديد المواعيد النهائية للمسائل الإدارية للملكية الفكرية.