وليد عوف يكتب: قلبي في مصر.. ومسقط رأسي في إثيوبيا

ركن القراء

وليد عوف
وليد عوف


كلمة السيد وزير الخارجية بمجلس الأمن حول قضية ملء سد النهضة مساء أمس كانت رسالة واضحة ورصينة .. كلماتها وعباراتها صيغت بميزان دقيق .. عبرت بوضوح وحسم عن مدى خطورة الموقف .. وعواقبه المحتملة .. بأسلوب ولغة دبلوماسية بناءة في الشكل والمضمون .. مع تلميح واضح لإحتمالات زعزعة أمن وسلم المنطقة.. على نحو تسعى مصر جاهدة لتجنبه عبر مفاوضات جادة ومثمرة .. مع التحذير من ممارسات التسويف أو الإجراءات الأحادية.

كلمة وإن كانت تبدو مطولة، إلا أنها إختصرت ملحمة طويلة على مدى تسع سنوات من مفاوضات وتوافقات مرحلية ثم مواجهات وإخفاقات متعاقبة في الحوار المباشر أو برعاية أطراف دولية وإفريقية وجه لها السيد الوزير التحية بكل دبلوماسية ولياقة .. وأتساءل كمواطن عن الدوافع والأهداف الحقيقية لبعض هذه الأطراف .. خاصة وأن الحليف الرئيسي في المنطقة للولايات المتحدة له مصالح وأغراض ودور غير خفي في دعم الموقف الإثيوبي وتشجيع إثيوبيا في التمادي في تجاهل المصالح المشروعة لدولتي المصب.

وأعتقد أن طرح مصر لقضية سد النهضة على مستوى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يمثل نقطة تحول فارقة في مرحلة تبدو بالغة الحرج، وهو مسلك ضروري للتأكيد على مدى خطورة الموقف وتداعياته المحتملة، وأن هذه الأزمة لها أبعاد وآثار تمس السلم والأمن الدوليين وليست فقط مشكلة ثنائية او ثلاثية الأطراف كما أن الإتحاد الافريقي مع كامل تقدير مصر لدوره ليس بديلاً في مثل هذه الأزمات لمجلس الأمن ذو المرجعية الرئيسية في قضايا الأمن والسلم الدوليين .. وهي رسالة تقرأ بكل حرف ونقطة وردت بها وتخللت عباراتها. 

كما أن تعقيب السيد وزير الخارجية المصري على كلمة المسؤول الإثيوبي جاءت أيضا بعبارات واضحة ونبرة حاسمة لها دلالاتها في المنابر الدبلوماسية .. وكانت ضرورية لشجب إدعاءات في غير محلها .. 
وأتمنى بكل صدق.. وكثير من الحذر أن تسفر الأيام والأسابيع القادمة عن إنفراجة حقيقية لهذه الأزمة الوجودية للشعبين المصري والسوداني.

وأتوجه لكل مسؤول إثيوبي كمواطن مصري، مسقط رأسه كان في إثيوبيا حيث عشت أوائل سنين الطفولة برسالة مضمونها تقديرنا وحرصنا على مراعاة مصالح وحقوق الشعب الإثيوبي في التنمية والإزدهار .. دون إخلال جسيم بحق شعوب مصر والسودان في المياه كمصدر حيوي للبقاء .. والعيش الكريم والسلم المائي والغذائي والإجتماعي.

إن قلبي في مصر .. ومسقط رأسي في إثيوبيا .. وعقلي ووجداني في توازن المصالح المشروعة للبلدين والشعبين ودولة السودان وشعبها الشقيق.

وكلي أمل ورجاء أن تسود روح التفاهم لرأب الصدع في المواقف وبناء جسر جديد في العلاقة بين البلدان الثلاث لصالح شعوبها وأمن وسلام المنطقة.

ودعواتي بالتوفيق لكل مسؤول مخلص في كل موقع يؤدي دوره بأمانة وإجتهاد ويعلي قيم الشراكة الإنسانية بين الشعوب بنظرة شاملة وبعيدة المدى.

وللحديث بقية.. وللقراء الكرام وافر التحية..