"عندما حاول الليبيون غزو مصر".. جيش مرنبتاح يقضي عليهم في 6 ساعات
الجيش المصري على مر العصور وقف بالمرصاد لأي محاولات أرادت أن تنال من حدود مصر، فحدود بلادنا ثابتة، منذ القدم، ومثلت خطوطًا حمراء، يراق لأجلها الدماء، جيث كان الملك أولى مهامه منذ فجر التاريخ هي الحفاظ على حدود البلاد.
وقال مجدي شاكر كبير أثريين، إن أقدم وثيقة تذكر الصراع مع بدو الغرب كانت مقبص سكين جبل العركي والذي عُثر عليه بالقرب من نجع حمادي في الصحراء الشرقية.
وأضاف شاكر في تصريحات إلى الفجر، أن مقبض السكين عليها مشاهد تمثل حيوانات كثيرة للصيد ويزين الصيادون شعورهم بالريش ويرتدون كيس العورة ولهم ذيول تتدلى من قمصانهم وكل هذه الصفات اتخذها الباحثون كعلامات لليبيين القدماء وهي من العلامات التي شاهدناها بكثرة في الرسوم الصخرية بالصحراء الكبرى والحدود السودانية الليبية.
وأشار أن لدينا لوحة التحنو، والتي تعتبر أحد أهم الشواهد الأثرية التي تدل على الليبيين القدماء وقد عثر عليها في أبيدوس في مصر العليا ونجد على أحد وجهي هذه اللوحة رسومات تمثل سبع مدن محصنة متحالفة استطاع أن ينتصر عليها الملك المصري القديم.
أما على الوجه الآخر فنجد ثلاثة صفوف تمثل ثيران وحمير وأغنام وأسفلها أشجار زيتون بالقرب منها العلامة الهيروغليفية التي تدل على التحنو.
وقال شاكر إن اسم التحنو ظهر خلال الأسرة الأولى (3400- 3200 ق.م.) في عهد الملك نعرمر "مينا" على اسطوانة من العاج تعرف باسم لوحة التوحيد، ويبدو الملك في هذا النقش وهو يضرب مجموعة من الأسرى الجاثمين، نُقش فوقهم عبارة تحنو باللغة الهيروغليفية ولقد اختلف المؤرخون في تفسير هذه اللوحة.
وأضاف، نجد أن برستد، يعبر عنها بنعرمر ينتصر على الليبيين، ونلاحظ أن جميع هؤلاء الباحثين على صواب لأن الكثير من العلماء يعتقد أن نعرمر استطاع توحيد منطقة وادي النيل بعد أن طرد منها الليبيين الذين كانوا يقيمون في الوجه البحري.
والملفت للنظر هنا أنه لا يمكن التمييز بين صور وأشكال أهل الدلتا في هذه اللوحة وبين التحنو أو الليبيون الذين ميزتهم الرسوم المصرية القديمة بأنهم أشخاص ملتحون ويزينون شعورهم بالريش ويرتدون كيس العورة وتتدلى من قمصانهم القصيرة ذيول.
وأشار شاكر إلى أن الصراع مع الليبيين بدا مبكرًا حيث ذكرت وثيقة حجر "بالرمو" أن الملك سنفرو والد الملك خوفو أرسل حملة لتأمين الحدود الجنوبية والغربية وعادت محملة بالأسرى والماشية ونظرًا لجهوده في تأمين الحدود الغربية قدس كحامي للصحراء الغربية.
وأقدم ذكر لمجموعات الليبو أو الريبو كان في عهد الملك مرنتباح، ومنذ ذلك التاريخ بدأت هذه المجموعات تقوم بدور هام في تاريخ الصراع بين مصر القديمة والقبائل الليبية القديمة حيث اشتركوا كقادة في الحروب التي قامت ضد الملك مرنبتاح واشــتركوا أيضًا في الحروب التي دارت ضد الملك رعمسيس الثالث.
وأضاف أن اسم الليبو أصبح منذ بداية الفترة المــتأخرة من تاريخ مصر القديم علـمًا على كل المنطقة التي تقع إلى الغرب من منطقة وادي النيل، وبالتالي اختفت أســماء بقـية المجموعات الأخرى وبناء على كل ذلك أصبح هذا الاسم يعني لدى الإغريق تارة كل المجمـوعات السكانية التي تقع إلى الغــرب من مصر حتى خليج سرت وتارة أخـرى على كل شمال أفريقيا وفى بعض الأحيان القارة الإفريقية بكاملها.
وقال شاكر إن اليـونان، ومن بعدهم الرومان، أطلقوا اسم "اللوبيين" على سكان شمال أفريقيا، مما يؤيد بروز اسم الليبو واختفاء بقية أسماء تلك اللوحة التي عثر عليها منذ مدة والتي تعود لعهد الملك "شيشنق" وهي تتضمن أسماء الأقوام الليبية، وتعرف بـ (لوحة الأقوام التسعة) ويبدو من خلال هذه اللوحة أن الريبو أو الليبو حلت محل الاسم التقليدى السابق الذي عرفت به القبـائل الليبية وهو التحنو.
واضاف أن إطلاق اسم "الليبو" على كامل شمال أفريقيا وسكانه هو من قبيل إطلاق الجزء على الكل، والمنطقة ظلت تعرف باسم الليبو طيلة الفترة التي تلى الدولة الحديثة من تاريخ مصر القديم ونعتقد أنه لهذا السبب أطلق الإغـريق على المنطقة التى استعمروها بالجبل الأخضر اسم ليبـيا وذلك راجع إلى أنها الجزء الوحيد المـألوف لديهم من منطقة شمال إفريقيا.
كما ورد اسم "الليبو" أيضًا في التوراة (العهد القديم) بهذه الصيغة "لوبي" و"لوبيم" والوثائق المصرية كما ذكرت "الليبو"، ذكرت أسماء أخرى، الأمر الذي يدلّ على أنها كانت تسمّي الجماعات المجاورة لها من الغرب بأسمائها، من دون تعميم اسم واحد منها على البقية.
وقال شاكر إن الجيش المصري القديم في عهد الملك مرنبتاح انتصر على القبائل الليبية ومنها المشـواش التي أرادت غزو مصر، وقد كان المشواش على صلة وثيقة بشعوب البحر فأخذوا عنهم استعمال السيوف التي يتراوح طولها بين ثلاث وأربع أذرع، أي نصف طول حاملها تقريبا، وكانت تصنع عادة من البرونز أو النحاس.
ودهـش المصريون من نوعية هذه السيوف فحرصوا على جمعها في المعارك واعتبارها من أهم الأسلاب التي يحصلون عليها لدرجة أن الملك مرنبتاح وضعها في مقدمة الأسلاب وعلى رأس قائمة الغنائم.
وقال إن الآثار المترتبة على معارك الجيش المصري بقيادة مرنبتاح، على حدود مصر الغربية، تتلخص في اندفـاع عدد من قبائل شمال أفريقيا والصحراء الغربية نحو الحدود المصرية في بداية عهده، سواء نتيجة لزوال شخصية أبيه صاحب الشهرة الحربية الواسعة، أم تحت ضغط هجرات آرية جديدة نزلت سواحل إفريقيا الشمالية، أم نتيجة لقحط محلي شديد.
ولم تستمر المعركة أكثر من ست ساعات وانتهت بأن أعلن المهاجرون الطاعة، وأرسل المصريون الحملات التأديبية إلى هذه المنطقة بين الحين والآخر لتحذير من يفكر من سكانها في الاعتداء على البعثات المصرية.