الراهب بولس رزق الفرنسيسكاني يكتب: الصمت

ركن القراء

الراهب بولس رزق الفرنسيسكاني
الراهب بولس رزق الفرنسيسكاني


بعدما خلق الله العالم والخليقة زينها بالمخلوقات والطبيعة تتمتع بالصمت والهدوء وبطبيعة الأنسان هو كائن  اجتماعى ويميل إلى الشركة  والحياة الاجتماعية ولكن عندما قتل  الانسان  آخيه الانسان فى صورة (قايين وهابيل)، بدء صوت العنف والحقد والكراهية وهذه أول صرخة من إنسان صنعت الضوضاء فى وسط عالم يتمتع بالهدوء والسكينة. 

ومن ذات اللحظة انطلقت الأصوات المزعجة على مر التاريخ وايضا اصوات المصانع والآلات ولم نسمع ٱصوات المخلوقات التى تسبح الله. وفى زمن الوباء خيم علينا الصمت والهدوء على مستوى العالم، وطرح فى داخلنا تساؤلات حول. الذات، الاخر، الطبيعة.

الصمت هو مغادرة العالم الخارجى والدخول فى عمق قلب الإنسان، وهناك نجد صوت الله، صوت كلمة الله، التى تدعونا إلى الحياة الجديدة حياة مليئة بالحب والسلام والتأمل فى الطبيعة والمخلوقات. 

فى داخل الصمت، كل إنسان يسعى أن يجده فى قلبه ويأخذه بعيدا عن الضوضاء ويخاطبه كما فعل الله مع البشرية، فى قلب كل إنسان يتحد معه. ويدعونا إلى تمييز الأصوات التى فى داخلنا هل هى خير؟ ام هي شر؟، صالحة لخير المجتمع ٱم دمار للمجتمع وهناك نٱخذ قرارات لمستقبل حياتنا، والتعمق فى علاقتنا مع الله تعالى. 

فى الصمت نكتشف عظمة الله ذاته وأنه محب للبشرية. تقول القديسة اغنيس عن الصمت: ( عندما يتذوق إنسان كم الله طيب، فإنه يعتزل جميع المهام الخارجية، ويدخل حينئذ فى قلبه ويتٱهب كليا للتأمل فى الله، منطلقا نحو الأمجاد السرمدية، واذا تمكنت النفس ان ترى هذا الجمال الذى لا يوصف فكل رباط بهذا العالم نعجز عن انتزاعه  منه) ذات الصمت الذى نكتشف فيه صفات المحبوب وقلبه ويقدم لنا جلال الدين الرومى عن القلب فيقول: ( لا يهدأ قلب العاشق قط ما لم يبادله المحبوب الوله. وحين يشع نور الحب فى القلب فذاك يعنى هناك إحساسا بالحب فى قلب الآخر). اذن الصمت ينطلق من داخل قلب الإنسان. 

من يجهل الصمت يجهل اكتشاف ذاته ونجعل من الصمت هو السور الذى يحيط بالحكمة والصمت ايضا هو الصديق الوحيد الذى لا يخونك ابدا. 

والصمت عند الطب: يخرجون علينا باختراع علاج لصالح الإنسانية. و الفلاسفة : يعطون ٱفكار وحكم ونظريات لبناء المحتمع.

والمتصوفون: يعشقون الله ويبادلونه بالحب فى قلب الصمت، ويطلبون من الله تعالى أن يحفظ  العالم من الشر و الوباء.

والجنين: وهو فى بطن الأم ينمو ولم يشعر به احد إلا الأم، وعندما يولد يطلق صرخة، وهى تعبر عن دخوله فى عالم مظلم لقد فقدا الآمان الذى كان يشعر به فى الرحم.

وأصحاب الشر: يستغلون الصمت لصالح الشر ويصنعون ٱسلحة وقنابل لقتل الأبرياء ويزرعون الحقد والكراهية والشر داخل المجتمع. 

واذا فقدنا الصمت اتى الضوضاء داخل المجتمع نجده فى الطرق والموصلات والمحلات التجارية والمصانع ومن هذا المنطلق ينتج مجتمع فاقد الشعور بالهدوء والصمت والطمٱنينه، ويصبح الإنسان عشوائى يمارس حياته بالصعوبات على المستوى النفسي والجسدى و الروحى. 

ومن المعروف فى الدول المتقدمة لا يوجد ضوضاء ولا اصوات مزعجة إلا اصوات المصانع وهى خارجه عن المدنية والإنسان فى الدول المتقدمة يتمتع بالهدوء والسلام والسكينة.

وصمت الطبيعة ظهرت لنا في البذور: داخل الصمت هناك موت للبذور وبعد الموت هناك حياة جديده وتعطى ثمرا. هكذا الإنسان عندما يصمت بداخله يحصد ٱفكار صالحة للحياة. 

وفى الأشجار: وهى التى تعلن عمل الله الخالق وابداعه فى الكون وهناك نسمع اصوات الطيور التى تسبح الله السرمدي ، وكما فعل القديس فرنسيس فى القرن الثانى عشر عندما سبح الله من خلال الطبيعة فى نشيد المخلوقات ويقول :( تباركت يارب من أجل أمنا الأرض التى تحملنا، وتقودنا وتنتج ثمارا. كن مسبحا يا سيدى لأخينا الماء الكثير الفائدة الوديع و الثمين و العفيف) في الطبيعة الله يخاطب قلب الإنسان ويشكل هذا كما الخزاف يشكل الإناء 
صمت الزهور: تنشر لنا رائحة عطره وتقدمها لنا فى صمت وتنشرها لكل عابر سبيل وتطلب مننا لا نقتلها. 

يقول احد الكتاب: (الصمت هو تاج للجاهل فى مجلس الحكماء) ونطلب من الله تعالى أن ينعم علينا بالصمت والهدوء والسلام الداخلى.