أكاديمي بجامعة عدن لــ"الفجر": قطر وتركيا يحاولان استنساخ السيناريو الليبي في اليمن (حوار)

تقارير وحوارات

الدكتور محمود شائف
الدكتور محمود شائف


قال الدكتور محمود شائف الأكاديمي بجامعة عدن إن الواقع السياسي في اليمن عموماً وفي الجنوب على وجه الخصوص بطبيعته واقع صعب ومعقد.



وأضاف في حوار خاص لــ"الفجر" يمكن القول إن اصعب موقف سياسي مر عليه في حياته كان يوم إعلان بيان مشروع الوحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية في 30 نوفمبر 1990م.

 

 ◄ ماذا عن الأوضاع في العاصمة المؤقتة عدن؟

هناك قوى وأطراف وجماعات ارهابية مرتبطة بحزب الإصلاح والتيار الاخواني في الحكومة اليمنية الفاقدة للشرعية, وبدعم قطري وتركي بالمال والسلاح وهذا لا يخفى على أحد بهدف اثارة الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار في العاصمة عدن والمحافظات الجنوبية ,وخاصة عدن وشبوة وأبين وسقطرى ،وتفجير الوضع عسكريا في محافظة ابين وشبوة والزج بعشرات الالوية العسكرية وتحشيد عناصر وجماعات القاعدة وداعش من محافظة مأرب وشبوة والبيضاء للقتال الى جانب المليشيات الاخوانية لاسقاط محافظة ابين والدخول للسيطرة على العاصمة عدن.

 

◄ما أسباب التباطئ والتلكؤ في تنفيذ اتفاق الرياض؟

هناك أسباب كثيرة ومتعددة ،جزء منها له علاقة بحسابات الربح والخسارة لحزب الاصلاح (فرع تيار الاخوان المسلمين في اليمن )والتيار الاخواني (الانغماسي) في الحكومة الشرعية اليمنية المختطفة والمسلوبة الارادة ,والجزء الاخر متعلق بمخاوف قوى النفوذ ومنظومة عصابات الفساد والافساد الشمالية, على مختف توجهاتها من فقدان نفوذها وخسارة مصالحها في الجنوب ,والجميع يعلم كيف استحوذت تلك القوى بعد احتلالها الجنوب في صيف 94م.

 

وهناك أسباب اخرى ذات علاقة مباشرة بالأجندة ,وحالة الاستقطاب والتدخلات الخارجية, حيث ترمي قطر وتركيا بثقلهما السياسي والعسكري والمالي, في محاولة لاستنساخ السيناريو الليبي في اليمن, واحياء مشروع الاخوان المسلمين بعد سقوط ثورة الربيع العربية 2010م وهو مشروع  اخواني بامتياز فكرا وتخطيطا وتمويلا بدعم تركي قطري وبتواطئ خارجي ،بهدف زعزعة امن واستقرار الدول العربية واستهداف المشروع القومي العربي الحداثي الذي تقوده مصر والمملكة العربية ودولة الامارات العربية.

 

والسبب الأهم من وجهة نظري يتعلق بقلق الشرعية اليمنية ومخاوفها من أن يشكل تطبيق بنود اتفاق الرياض اعتراف بالمجلس الانتقالي الجنوبي ويمهد الطريق للاعتراف بالقضية الجنوبية وتدويلها, لان ذلك سيضعف الشرعية ويضعها بين مطرقة المليشيات الانقلابية في الشمال, وسنديان المجلس الانتقالي الجنوبي ,وهذا يجعلها خارج اطار الفعل والتأثير من فرض اي شروط في مفاوضات تسوية مفترضة في المستقل التي تقودها الامم المتحدة لوقف الحرب وحل الازمة اليمنية، وهذا يفسر سبب سعي الشرعية لعرقلة تنفيذ بنود اتفاق الرياض ادراكا منها أن وقف الحرب والدخول في أي عملية تسوية او أي مفاوضات قادمة وفقا لمعطيات وحقائق الواقع الجيوسياسي والعسكري الراهن , وهذا لا يصب في مصلحتها  ويجعل منها الطرف الاضعف في المعادلة ,مجردة من أي اوراق قوة ,دون جغرافيا ودون اي انتصار عسكري او سياسي .



◄ماذا تريد ايران من اليمن؟

لا يخفى على أحد اهداف ومطامع ايران في اليمن الهادف على تحقيق مشروع الدولة الطائفية في المنطقة العربية, وهي تسعى بقوة لتقوية وجودها فكريا وعسكريا واقتصاديا ، من خلال تقوية واستخدام اذرعها الارهابية ممثلة بحزب الله في اليمن والحوثيين في شمال اليمن والحشد الشعبي والجماعات الشيعية المسلحة في العراق ونظام بشار الاسد في سوريا.



مشروع ايران في المنطقة العربية يهدف الى السيطرة والتحكم بالموقع الاستراتيجي الهام في جنوب الجزيرة العربية الغنية بالنفط والثروات والاشراف على باب المندب كواحد من اهم الممرات الدولية والذي يمر من خلاله يوميا اكثر من 40%من التجارة العالمية , وهذا يعني تهديد مباشر ليس فقط للملاحة الدولية بل وللامن القومي في الخليج  والمنطقة العربية, بل يعني محاصرة مصر وخنق قناة السويس التوسعي .

 

وتكمن مخاطر هذا المشروع  التوسعي في تلاقي مصالحة وتوافق اجنداته مع مشروع جماعات الاخوان المسلمين المدعوم من قطر وتركيا, بهدف زعزعة امن واستقرار الدول العربية واثارة الفتن والنعرات الدينية الطائفية والمذهبية, وما نراه في ليبيا واليمن خير دليل وشاهد.   

 

◄كيف تنظر إلى جهود المبعوث الدولي؟

جميع الجهود الدولية التي قادها مبعوثي الامين العام الامم المتحدة في اليمن خلال الخمس السنوات الماضية او اكثر من عمر الحرب تعثرت وفشلت ولم تتمكن من تحقيق اي اختراق حقيقي على صعيد حلحلة الأزمة والتوصل إلى تفاهمات حقيقية بين أطراف الصراع في الازمة اليمنية ، ولن تكون جهود السيد مارتن جريفتس مختلفة عن سابقيه ,حيث تصطدم تلك الجهود بتعنت ورفض الطرف الحوثي, وغياب تصور واضح وارادة اممية  للضغط على الحوثين واجبارهم على الانخراط بجدية في جهود مسار العملية السلمية.

 

◄ ماذا عن إعلان المجلس الانتقالي الادارة الذاتية للجنوب؟

لاشك أن إعلان المجلس الانتقالي الادارة الذاتية للجنوب , جاء منسجما مع تطلعات  الشعب في الجنوب ,وهي خطوة ضرورية اقدم عليها المجلس الانتقالي لإنقاذ شعبنا وتخليصه من تلك الممارسات الاقصائية والعنصرية التي انتهجتها الحكومات الشرعية اليمنية المتعاقبة , والتي تحولت الى اداة للعقاب الجماعي بشكل ممنهج ومتعمد وحرمانه ابسط حقوقة المشروعة , وبعد ان استنفذت كل السبل لأقناع الشرعية في العدول عن تغيير تلك الممارسات والسياسات واحترام ارادة شعبنا في توفير متطلبات الحياة الضرورية والعيش الكريم وبعد ان وصلت الاوضاع الى درجة كارثية لا يمكن ان تطاق او القبول باستمرارها وكان لزاما على المجلس الانتقالي باعتبار الاداة السياسية المفوضة من قبل الشعب اتخاذ هذا القرار لحماية شعبنا وصون حقوقه وثرواته ومكتسباته الوطنية ,التي يتم نهبها والعبث بها ,من قبل مراكز وقوى النفوذ ورموز بقايا مافيا وعصابات الفساد في الحكومة والرئاسة الشرعية اليمنية والتي تمثل امتداد لمنظومة مؤسسات واجهزة الدولة اليمنية العميقة الحاكمة في الشمال منذ ما قبل انقلاب 1962م حتى اليوم.  

 

كورونا من منظور علم الاجتماع ؟ 



لاشك ان علم الاجتماع وهو العلم الذي يدرس المجتمع والعلاقات الناظمة للافراد والجماعات معني اكثر من اي علم آخر بدراسة هذا الوباء وتأثيره, لاسيما تلك المتعلقة بجوانب حياتنا الاجتماعية والصحية حيث" يصعب التنبؤ بمستقبل الرابط الاجتماعي والقيمي لزمن ما بعد كورونا" بحسب تعبير عالم الاجتماع المغربي (أعياد ابلال).

 

أما عالم الاجتماع المصري أحمد زايد أنّ "علم اجتماع الوباء" موجودٌ بشكلٍ أو بآخر في تاريخ علم الاجتماع العام، وانه يهتم  بدراسة الآثار التي تحدث في المجتمع، جرّاء التغيّرات الخارجية التي تأتي من خارج النسق لا من داخله، مثل التغيّرات المناخية والظروف البيئية المحيطة، وتلك التي تنتجها الأوبئة والكوارث، وهي تؤثر في المجتمعات تأثيراً كبيراً، وتُحدث في الحياة الاجتماعية أزمات وصوراً عديدة، شاقة ومبهظه ".

 

 ويرى بعض البعض الاخر أن التباعد الاجتماعي  سيبقى أحد الاثار التي سيتركها الوباء لفترة طويلة , وان ذلك سيقود الى "إعادة تشكيل الصلة الاجتماعية بين الناس وان من شأن الجائحة التأثير في تغيير سلوك ونمط علاقات الأفراد ببعضهم البعض ,ويشددوا على اهمية تعزيز قيم التضامن والتفاعل والتعاون الانساني  لمواجة الكارثة ,وإلى تجنب الوقوع في أخطاء السياسات الانعزالية لأنها "منفصلة عن مصالح الأقرباء والجيران ولا يمكن أن تؤدي إلا إلى كوارث".

 

من هنا فان الباحثين في مجال علم الاجتماع والأنثروبولوجيا معنيين اليوم  بدراسة وتحليل تأثير جائحة فيروس كورونا , وفهم واستيعاب جوانب وابعاد ذلك التأثير على واقع ومستقبل صحة وحياة الانسان ,لاسيما تلك المتعلقة بالجانب الاجتماعي، ومن المهم ان تبنى تلك الدراسات على اسس ومنظور علمي وابحاث ميدانية دقيقة وشاملة للوصول الى فهم اعمق لأبعاد وجوهر ذلك التأثير ,والاستفادة منها في وضع الاستراتيجيات ,وتقديم المعالجات البديلة  لتجاوز كارثة الوباء. 

 

◄ما هي رسالتك للحكومة اليمنية؟

كما اوضحت سلفا الحكومة اليمنية فاقدة للشرعية ومسلوبة الارادة وقرارها يهيمن عليه التيار الاخواني وحزب الاصلاح اليمني ,وحزب الاصلاح هو من يدير ويوجه ويتحكم بسياسة واداء الحكومة، وكما نعلم أن شرعية اي حكومة او سلطة أو أي نظام سايسي في العالم تستمد من شرعية الشعب, وعندما تصبح الحكومة او اي نظام غير امين على خدمة مصلحة شعبه ولا يسعى لاحترام حقوقه, وتوفير متطلباته واحتياجاته الضرورية, من حق الشعب ان يسحب هذه الثقة واسقاط هذه الشرعية, وهذا ما فعلة شعبنا في الجنوب  وبعد ان تحولت هه الحكومة من خادم للشعب الى حاكم مستبد .



وفي حقيقة الامر فإن هذه الحكومة تفتقر المشروعية والاعتراف الشعبي اكان ذلك على مستوى الجنوب او الشمال, وهي ليست الا امتداد لنظام الحكم السابق وبقايا عناصر جهاز الدولة العميقة الذين يتم تدويرهم من قبل مراكز قوى النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري والقبلي الفاسدة, وهم جزء من ارث الماضي وجزء أساسي منتج لكل تلك الازمات والصراعات والمآسي التي اوصل الوضع في اليمن الى ما هو عليه اليوم من  كوارث ومأسي.



لقد تحولت هذه الحكومة وكل الحكومات السابقة الى سوط مسلط على رقاب الجنوبيين, ومارست كل انواع الظلم والقهر والاقصاء والحرمان المتعمد ومارست العقاب الجماعي والحصار والحرمان الظالم بحق شعبنا في الجنوب, من ابسط  حقوقه الاساسية والضرورية ,فكيف لنا ان نعترف بشرعية حكومة لا تعترف بشرعيتنا ولا بشرعية وجودنا وحقوقنا كبشر, ولا تكترث لآلام ومعاناة وعذابات شعبنا.



 ◄ما حل الأزمه اليمنية ؟


الازمة اليمنية أزمه مركبة وشائكة ومتداخلة إلى درجة يعجز معها العقل البشري من فهم وتفكيك طبيعة  تداخل وتعقيدات جزئياتها. وبحسب وصف سفير بريطاني سابق في اليمن "كل ازمات الدول في العالم يمكن فهمها الا الازمة اليمنية يبدو كأننا نتعامل مع ازمة في كوكب اخر".

 

وهذا القول يعكس طبيعة ذلك التعقيد, ومع ذلك نعتقد ان الحل يكمن في العودة الى أسباب وحقيقة جذور الازمة اليمنية ، وتصويب مسار الفهم الخاطئ لجوهر وحقيقة عمقها وابعادها السياسية والاجتماعية والتاريخية . وتمثل القضية الجنوبية جوهر هذا العمق الذي يحاول البعض تجاهله وتسطيحه ,اعتقد ان هذا الفهم لا يساعد للتوصل الى اي  حلول او معالجات حقيقية, ولن يزيد الازمة الا اكثر تعقيدا ,ولا بديل من الاعتراف بعدالة القضية الجنوبية, باعتبارها اساس ومفتاح الحل للازمة و والعمل على تصويب العلاقة القائمة بين الشمال والجنوب على اساس الاعتراف بحق الشعبين في الشمال والجنوب .وينبغي ان تتخلى النخب الشمالية عن عقلية الوصاية  في النظر الى الجنوب والاعتراف بحقة في استعادة دولته وسيادته على ارضة وقرارة السيادي, باعتباره حق مشروع تكفلة القوانين والشرائع السماوية والأرضية .