"خايفين نتحرم من الامتحانات".. طلاب الثانوية العامة يُحاربون شبح كورونا بالمسكنات

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


أسرعت نِهال في سيرها، حتى تتقدم على نجلتها، التي لم يهدأ تفكيرها من الأسئلة الخاصة بالإجراءات الوقائية، لمجابهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وانعطفت إلى الشارع الذي تتوسطه لجنة امتحانات ابنتها، ليباغتها حالة من الزِحام، تلبّسها الخوف، ولكن سرعان ما اطمئنت بعدما طلبت منها الابنة الأكبر بعض الأدوية المُسكنة، خوفًا من أن شدة حرارة الجو، تؤثر عليها، ويختلط الأمر على الأطباء المختصة بفحص طلاب الثانوية العامة "خايفة من التوتر والحر يقولوا اشتباه في كورونا.. وتتحرم من الامتحانات ويضيع مستقبلها"، عبارة ترددها الأم بعدما هبطَت من على سور المدرسة، لمتابعة عملية التعقيم الطلاب بالداخل.






لم تكترث السيدة الأربعينة، لخطورة الصعود على سور المدرسة، فكل ما جال في خاطرها هو الاطمئنان على نجلتها، التي ظلت تبكي طيلة الليل، خوفًا من الامتحانات في ظل الوباء العالمي "طلعت بصيت عليهم وهما داخلين علشان أطمن لاقيت بوابة إلكترونية للتعقيم.. بس مفيش مسافات ولا جهاز لقياس الحرارة". تغضنَ وجهها، وسكت برهةٍ لارتفاع صوت المارة "مش كفاية الرعب اللي العيال فية.. لا نوم ولا أكل"، لتقاطعها والدة إحدى الطالبات- التي تشاركن الحديث طوال ثلاث ساعات مدة اختبار مادة اللغة العربية-، "بعد شهرين ونصف من بداية وقف الدروس بنتي بتعيش حالة خوف"، خاصة أنها تعتمد على قدرتها في الدراسة، والبحث على مواقع الإنترنت الخاصة بوزارة التربية والتعليم "وطلع عنينا شحن باقات النت لأن معندناش نت ولا حتي في راوتر ناخد منه من الشارع"، وبرغم ذلك لم تستطيع تحميل بعض الفيديوهات من على اليوتيوب. 






مرت الساعات بطيئة وموحشة على سمية فتحي، التي تخلت عن حلم نجلتها في الالتحاق بكلية الطب، بعدما عاشت الأصعب مع ابنتها الوسطى "أختها الكبيرة في صيدلة وكانت دفعتها حلوة.. عشنا القلق زي أي بيت عنده طالبة في ثانوية عامة.. لكن السنة دي مختلفة خالص.. فالدفعة دي اتحطت بمشاكل نفسية كبيرة بسبب كورونا خلتنا نتمنى الامتحانات تعدي بسلام.. ومش مهم أي كلية الأهم صحة عيالنا". عبست وجهها، بعدما تذكرت الحالة النفسية لنجلتها قبل دخولها لجنة الامتحانات، تُدب الحياة في الشارع الكائن في إحدى مناطق فيصل التابعة لمحافظة الجيزة، من جديد وتتعالى أصوات الجميع، بينما تظل الأم حاضنة كتب ابنتها وهاتفها المحمول، وعينيْها شاخصة صوب لجنتها.






تتابع فريدة محمود، مواقع السوشيال ميديا، محاولة الوصول لأي معلومة عن اختبار اللغة العربية، ولكن القلق سيطر عليها، حتى تعبت من الوقوف، وجلست تنتظر خروج ابنتها تحت مظلة الأشجار المرصوصة  أمام المدرسة "الناس كان عندها رهبة من الثانوية العامة دلوقتى خوفنا من كورونا"، تقولها صاحبة الـ(46 عامًا)، التي كانت تُصر نجلتها على عدم نزولها معاها، وعاهدتها بالنزول أول يوم فقط، ولكن بعد رؤية مشاهد اليوم "استحالة أسيب بنتي لازم اعديها تدخل وهنزل كل يوم"، برغم من تأكدها أن القوات الأمنية كانت تبذل جهدها لنظام طوابير الطالبات، ولكن الأهالي لم تعي ذلك، مما تسبب في زحام شديد "الكل عاوز يدخل بنته اللجنة".






يقاطع حديث الأم، خروج إحدى الطالبات، مسرعة عليها للسؤال عن وضع الاختبار، لتؤكد الفتاة أن الامتحان في مستوى الطالب المتوسط، ليتوافد بعض الطالبات، فتسرع بعض الأمهات التي كانوا يجلسن على بُعد أمتار من لجنة الامتحان، صوبهن، متسألين عن الأوضاع الوقائية "احنا تمام وسهولة الامتحان نستنا كورونا.. وعقمونا واحنا داخلين من على البوابة بجهاز كان بيرش حاجة معقمة"، ليطمئن قلب أولياء الأمور، الذي حرصنا على توفير جميع الأدوات الوقائية لأبنائهم.