مى سمير تكتب: صفقة ميلانيا ترامب
كتاب جديد يكشف الوجه الخفى للسيدة الأولى فى أمريكا
أدركت أن مساندة زوجها تساعدها على اجتياز أزماتها
لم تتوقع هى وزوجها الفوز فى انتخابات 2016 وترامب كان يستعد للسفر بطائرته الخاصة إلى أسكتلندا
من الخارج، تبدو ميلانيا ترامب وكأنها امرأة حريصة على أناقتها وشخصيتها الغامضة ولكنها فى المقابل لا تتمتع بقدر كبير من العمق. فى المناسبات العامة، نادرا ما تتحدث، لكنها تفترض أن مظهرها العام الأقرب لعارضة الأزياء كاف لكى يمنح التأثير الكافى لامرأة تجمع بين القوة والجمال.
حالة الغموض التى تسيطر على ميلانيا تحولت إلى مصدر تساؤلات عالمية حول حقيقة زوجة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، تسعى السيرة الذاتية الجديدة للسيدة الأولى فى الولايات المتحدة الأمريكية التى كتبتها مراسلة واشنطن بوست مارى جوردان إلى محاولة كشف الستار عن هذه الشخصية المجهولة.
يؤكد الكتاب أن السيدة الأولى ليست جندياً صغيراً فى البيت الأبيض بل لاعب رئيسى يتمتع بالكثير من النفوذ والتأثير. الأكثر من ذلك ترسم السيرة الذاتية التى تحمل عنوان (فن صفقتها: القصة التى لا توصف لميلانيا ترامب) صورة امرأة قادرة على الحصول على ما تريد من أقوى الرجال وأكثرهم نفوذا فى العالم.
رسمت مراسلة جريدة واشنطن بوست صورة غير مسبوقة للسيدة الأولى، استنادا إلى مقابلات فى خمس دول. فى هذا الكتاب، أجرت مارى مقابلات مع أكثر من مائة شخص، بما فى ذلك معارف ميلانيا فى مرحلة الطفولة فى سلوفينيا، والموظفين فى شركة عقارات دونالد ترامب، واللاعبين الرئيسيين فى عالم الموضة والأزياء فى نيويورك وباريس، وعدد من الشخصيات التى تعاملت مع ميلانيا وترامب فى البيت الأبيض. كما تحدثت مارى لفترة وجيزة إلى السيدة الأولى بنفسها فى سياق تقريرها عن انتخابات 2016. والنتيجة هى حالة مقنعة مفادها أن أولئك الذين «يرفضونها على اعتبار أنها مجرد تابع لدونالد ترامب لا يفهمون تأثيرها وقدرتها»، على حد وصف الكتاب.
1- صفقة الجمال والمال
تدرك ميلانيا أن جمالها هو السطر الأول فى وصف شخصيتها العامة. كما ذكرت مجلة (وومان ووير)، سُئلت ميلانيا فى عام 2005 عما إذا كانت ستكون مع دونالد ترامب إذا لم يكن رجل أعمال ثرى، أجابت: «إذا لم أكن جميلة، هل تعتقد أنه سيكون معى؟» بدا أن هذا الجواب اللاذع الساخر وكأنه يجسد جوهر الصفقة بين الزوجين: المال مقابل الجمال، والجمال مقابل المال.
لكن أصدقاء الزوجين الرئاسيين يخبرون مارى أن ترامب وميلانيا يحبان بعضهما البعض بصدق، على الرغم من النوم فى غرف نوم منفصلة والاحتفاظ بجداول أعمال مستقلة. التقى دونالد ترامب وميلانيا فى مانهاتن فى عام 1998 وتزوجا بعد سبع سنوات. تزوجت ميلانيا ودونالد ترامب فى 22 يناير 2005 فى الكنيسة الأسقفية فى بيثيسدا على البحر فى بالم بيتش، فلوريدا.
2- صفقات رئاسية
فى السنوات التى تلت ارتباطها بترامب، كان على ميلانيا أن تقدم أكثر بكثير من مظهرها الجميل. زعم الكتاب أن ميلانيا لم تكن متأكدة من نفسها فى أعقاب فوز زوجها المفاجئ فى الانتخابات الرئاسية 2016 لدرجة أنها طلبت من الموظفين عدم استخدام لقبها الجديد. لقد قال أحد الأشخاص الذين عملوا معها بعد الانتخابات للكاتبة مارى جوردان أن ميلانيا طلبت منه عدم مناداتها بالسيدة الأولى.
كتبت مارى أن ميلانيا لم تتوقع، مثل زوجها، الفوز فى نوفمبر 2016، حيث كان ترامب يستعد لكى يغادر إلى أسكتلندا من أجل معالجة جراح هزيمته السياسية، وأمر طيار طائرته الخاصة بـ«بتجهيز الطائرة».
فى هذا الإطار كان من الطبيعى أن تشعر ميلانيا بالصدمة عندما تم الإعلان عن فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية فى 2016. وقد اعتلى وجه ميلانيا علامات الدهشة والخوف أثناء الصعود على المسرح لإعلان الفوز بالانتخابات الرئاسية.
يفصّل الكتاب كيف كانت ميلانيا مترددة فى القيام بدورها كسيدة أولى، جزئيا بسبب خوفها من التدقيق الإعلامى، كما عانت من حملة رئاسية شهدت خلالها الكثير من النقد، وتعرضت للإذلال عند الكشف عن العلاقة العاطفية التى أقامها زوجها مع الممثلة المغمورة ستورمى دانيلز، وأخيرا متطلبات الحياة اليومية فى البيت الأبيض.
خلال هذه المحطات الساخنة أثبتت ميلانيا أنها سيدة بارعة أدركت أن مساندة زوجها والوقوف بجواره سوف يساعدها على اجتياز هذه الأزمات. استخدمت ميلانيا حقيقة أنه بحاجة إلى ولائها العام ووجودها فى واشنطن للتفاوض على إجراء تعديلات فى اتفاقية ما قبل الزواج التى تم توقيعها قبل زواجها الرسمى من ترامب.
أشارت ميلانيا إلى هذه العملية بأنها «رعاية بارون». أفادت مارى أنها كانت قلقة من أن ابنهما بارون لن يُعامل مثل أطفال ترامب الآخرين. (كما تشير مارى، ربما كان هذا لسبب وجيه - يبدو أن ترامب قد نسى مرة واحدة على الأقل أن بارون هو ابنه أيضا، حيث وصف ميلانيا فى مؤتمر صحفى عام 2019، «بأن لديها ابناً» وكأن بارون ابن ميلانيا فقط).
لقد أمضت الأشهر الستة الأولى من رئاسة ترامب فى نيويورك، فى منزلها فى برج ترامب مع ابنهما بارون، الذى كان فى العاشرة من عمره عندما تم تنصيب والده. كتبت مارى أن ميلانيا استغلت ذلك الوقت للتفاوض على أوضاع أفضل لنفسها ولضمان أن يعامل بارون على قدم المساواة مع أشقائه الأكبر سنا دونالد جونيور وإيفانكا وإريك وتيفانى. أرادت أيضا أن يبقى بارون فى نيويورك، مع أصدقائه وينهى فترة دراسته.
أضافت مارى أنها أجبرت على إعادة النظر عندما أصبح من الواضح كم كان روتين مدرسة بارون مكلفاً ومزعجاً لمدينة نيويورك.
كتبت مارى: «إن مجرد دخول بارون إلى المدرسة أطلق مشاكل مرورية هائلة حول مدرسته». لقد تسببت الإجراءات الأمنية فى إثارة غضب أولياء أمور زملاء بارون فى المدرسة، وأغلبهم من كبار رجال الأعمال وأصحاب النفوذ. كما أعرب الآباء عن قلقهم بشأن سلامة أطفالهم، حتى مع استمرار وجود الخدمة السرية. هذا إلى جانب أن العديد منهم كانوا من الديمقراطيين التقدميين فى نيويورك الذين صوتوا لصالح هيلارى كلينتون ولا يمكنهم تحمل ترامب. وقالت إدارة شرطة نيويورك إن تكاليف تأمين ميلانيا وبارون بلغت 125 ألف دولار يومياً.
يؤكد الكثيرون أن بارون يحتل أولوية اهتمامات والدته. توضح مارى فى كتابها، كيف تتمسك ميلانيا بشراسة بجذورها السلوفينية، فهى تقضى معظم وقتها مع بارون ووالديها، كما يتحدث ابنها بارون السلوفينية وهو مثل والدته مواطن مزدوج - يحمل جواز سفر سلوفينيا وكذلك جواز سفر الولايات المتحدة. ولكن هناك الكثير مما لا يعرفه أحد، حول تأشيرة ميلانيا الخاصة وقضايا المواطنة، وكيف أحضرت والديها وشقيقتها إلى الولايات المتحدة بينما كان زوجها يشكك فى «الهجرة المتسلسلة».
3- امرأة قاسية
لا تكتفى مراسلة واشنطن بوست بوصفها بأنها سيدة قوية بل تؤكد أنها شخصية قاسية وطموحة. حسب الكتاب لا تتردد ميلانيا فى التخلى عن أصدقائها وراءها بمجرد انتقالها إلى مرحلة جديدة من حياتها، سواء كانت مهنة عرض أزياء قادتها من ميلانـو بإيطاليا إلى مدينة نيويورك بالولايات المتحدة أو زواجها من قطب الأعمال التى أخذها إلى البيت الأبيض. كتبت مارى: «سوف تغتنم الفرصة وتبذل جهدا كبيرا، ثم تنتقل ولا تنظر إلى الوراء أبدا».
فى سياق تقاريرها، وجدت مارى أن دونالد ترامب ليس وحده من يلجأ إلى المبالغة فى إنجازاته. تزعم ميلانيا بأنها تتحدث الإنجليزية والسلوفينية والفرنسية والإيطالية والألمانية. تحققت مارى من هذه المزاعم ووصلت إلى نتيجة إلى أنه، مثل ادعاء ميلانيا بأنها تخرجت من جامعة من سلوفينيا، من المرجح أن هذا الجزء من سيرتها الذاتية ملفق أو على الأقل مبالغ فيه. حسب الكتاب عندما التقت مع بابا الفاتيكان كان عليها أن تنتظر الترجمة لكى تتواصل معه، كما ارتدت سماعات الترجمة للاستماع إلى خطاب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون.
كما يكشف الكتاب عن حالة من الحرب الباردة التى تسيطر على العلاقة التى تجمع ميلانيا مع ابنة زوجها إيفانكا. ميلانيا تطلق على إيفانكا اسم «الأميرة» فى إشارة ساخرة لطريقة تعامل إيفانكا مع الآخرين. بينما تطلق إيفانكا على زوجة أبيها لقب «اللوحة» فى إشارة إلى أن ميلانيا لا تتحدث كثيرا ولهذا فهى أقرب للوحة الصامتة.
4- سيدة السياسة
يؤكد الكتاب أن السيدة الأولى أكثر تأثيرا فى البيت الأبيض مما يدرك معظم الناس، فهى أهم مستشارة للرئيس الأمريكى، والصوت الوحيد الذى يستمع إليه ويحترمه إلى حد كبير. كمثال على ذلك، أشارت العديد من المصادر إنها السبب فى اختيار مايك بنس نائبا للرئيس - لأنها اعتقدت أنه سيكون «مخلصاً».
كانت إحدى خلافاتها العامة القليلة مع ترامب بشأن سياسته فى فصل الآباء المهاجرين والأطفال فى مراكز الاعتقال على الحدود، والتى قالت فى مقابلة صحفية إنها «مفجعة». وأخبرته أنها تعتقد أن هذا الأمر «غير مقبول». بعد أيام من توبيخها وقع ترامب على أمر تنفيذى ينهى هذه السياسة.