جاسوس بورسعيد راقب السفن الايرانية وزود الموساد بمعلومات خطيرة
بإشراف المستشار تامر فرجانى، المحامى العام الأول، مع محمد على عبدالباقى، المدير الإدارى لشركة شحن وتفريغ بميناء بورسعيد، والمعروف إعلاميا باسم جاسوس بورسعيد. وكشفت التحقيقات فى القضية عن سعى المخابرات السورية للتجسس على مصر وخصوصا قبل ثورة يونيو بأيام وبعدها، وسعى المخابرات الإسرائيلية للحصول على معلومات عن حركة السفن الإيرانية التى تمر خلال قناة السويس وقلقها المتزايد من تنامى القوة العسكرية المصرية، كما بدا واضحا فى طلب ضابطى الموساد أبومنصور أو بنيامين شاءول، وديفيد مائير، معلومات دقيقة عن القاعدة البحرية بميناء بورسعيد وهى أقرب قاعدة بحرية لإسرائيل.
وأقر المتهم، الذى أحالته النيابة إلى محكمة الجنايات لمحاكمته منذ أيام، بسعيه وتخابره مع المخابرات الإسرائيلية بالتحقيقات.
وقال المتهم إنه ولد بمدينة بورسعيد وبدأ العمل فى مجال الملاحة البحرية منذ عام 1999 من خلال عدة توكيلات ملاحية حتى شغل منصب المدير الإدارى لشركة حورس للملاحة التى تتولى إنهاء الإجراءات الملاحية للسفن المحلية والأجنبية الصادرة والواردة من وإلى الموانئ المصرية وخصوصا ميناء بورسعيد وهو ما ساعده فى تكوين شبكة علاقات قوية بالميناء فى مجال الشرطة والدوائر الجمركية للموانئ، مما يمكنه من التوصل إلى بيانات ومعلومات ذات طابع عسكرى بشأن القاعدة العسكرية البحرية وطبيعة عملها والقطع الموجودة بها كما تمكنه طبيعة عمله من معرفة القطع العسكرية البحرية العابرة من وإلى قناة السويس.
وأضاف إنه فى غضون عام 2010 بدأ فى الاتصال بصفحات حاخامات اليهود على مواقع التواصل الاجتماعى وأنشأ صفحة خاصة به باللغة العبرية وساعده على ذلك المترجم الفورى لموقع جوجل وبدأ فى التواصل معهم على أنه مصرى يريد اعتناق الديانة اليهودية والهجرة إلى إسرائيل وطلب معرفة الإجراءات المتبعة للسفر إلى إسرائيل، وفى أوائل عام 2011 بدأ التواصل مع عناصر الاستخبارات الإسرائيلية حيث تبين وجود موقع إسرائيلى يعرض مكافأة عشرة ملايين دولار لمن يدلى بمعلومات عن الجنود الإسرائيليين المختطفين فى لبنان فقام بملء بياناته كاملة على الموقع وطرق الاتصال الخاصة به، وترك رسالة مفادها أن لديه معلومات بشأن مكان تواجد الجنود المختطفين.
وأشارت التحقيقات إلى أنه فى شهر أغسطس من نفس العام ورد إليه اتصال من بينيامين شاءول، المتهم الثانى وضابط المخابرات بالموساد، وعرفه بنفسه على أنه يدعى أبو منصور وأنه من العاملين فى الموقع وأنه من تولى مراجعة بياناته وسأله عن معلوماته عن مكان احتجاز الجنود فأبلغه بأنهم داخل الأراضى المصرية وحين سأله الضابط الإسرائيلى عن مصدر تلك المعلومات فأجابه بأنها معلومات سماعية فشكره الضابط الإسرائيلى وأعطى له رقما كوديا لتعريف نفسه حال وجود أى اتصال بين الطرفين وطلب منه حفظ رقم الهاتف الخاص به وحفظ الرقم الكودى لاستخدامهما حال ورود أى معلومات اخرى بشأن مكان احتجاز الجنود.
وقال المتهم، أمام شادى البرقوقى رئيس النيابة، إنه كان يعلم من خلال الاتصال الأول إن «أبو منصور» ضابط مخابرات إسرائيلى وإنه وافق على استمرار التعاون رغبة منه بالحصول على أموال مقابل استمرار التعاون، وفى شهر سبتمبر عاود أبو منصور الاتصال به وطلب بينات دقيقة عنه وعن أسرته، ودخله السنوى ودخله الشهرى وطبيعة عمله ونوع السيارة التى يستعملها، وتفهم المتهم ان ذلك فى إطار تجنيده لصالح المخابرات الإسرائيلية.
وكشفت التحقيقات أنه بعد شهرين، انقطع خلالهما الاتصال بين أبو منصور وعبدالباقى، الذى اتصل بضابط المخابرات وأبلغه بأنه أبصر مجموعة من الفلسطينيين ببورسعيد مرجحا انتواءهم القيام بعمل عدائى تجاه إسرائيل عبر الحدود المصرية الإسرائيلية نظرا لقرب بورسعيد من الحدود، فشكره ضابط الموساد «أبومنصور»، المتهم الثانى فى القضية، وأرسل له رسالة بعنوان بريد إلكترونى لاستخدامه فى المراسلات فيما بينهما.
وبعد عدة أيام وقع تبادل لإطلاق النيران بين جنود إسرائيليين ومجهولين على الحدود المصرية الإسرائيلية سقط خلاله أحد الجنود الإسرائيليين قتيلا، فاتصل محمد عبدالباقى، المتهم الأول، بالضابط بنيامين «أبومنصور»، حيث عاتبه على عدم التعامل مع المعلومات بشكل جدى، ليتصل به الضابط الإسرائيلى بعدها وأبدى رغبته فى تفعيل العمل فيما بينهما وطلب معرفة الدول التى يمكن لعبدالباقى السفر اليها فقال له إنه سافر من قبل إلى الصين وتايلاند بحكم طبيعة عمله وأخبره بأنه من الممكن السفر إلى الفلبين وفيتنام لسهولة استصدار تأشيرة اليهما فاتفق الطرفان على أن يسافر إلى الهند على أن يتحمل الموساد الإسرائيلى تكاليف السفر إليها فوافق، وزوده الضابط برقم هاتف جديد للتواصل معه، وتم الاتفاق على سفره إلى بانكوك لصعوبة استصدار تأشيرة السفر إلى الهند وحددا شهر مارس 2012 ليسافر.
وقبيل السفر، تم تكليف المتهم بإعداد كشف يضم أسماء المقربين منه وأصدقائه ومعارفه، ثم سافر المتهم وتقابلا داخل مقر السفارة، برقم 12 بشارع سوقميت برج أوشن تاور، حيث استفسر ضابط الموساد «أبومنصور»، من المتهم عن جميع بياناته الشخصية وظروفه المعيشية وأفكاره وتوجهاته وطبيعة عمله، ورد عليه، كما أعرب له عن حبه لإسرائيل وسلمه كشف المعارف والأصدقاء الذى طلبه منه، فقدم له الضابط مبلغ ألفى دولار مكافأة على عطائه خلال الفترة الماضية، وقام بتدريبه على أسلوب التشفير والتراسل والاتصال.
وخلال اللقاء كلف ضابط الموساد أبومنصور، المتهم بتجميع معلومات عن حركة السفن بالميناء، وطلب تجميع معلومات، مع توثيق علاقته بالقيادات العامة فى ميناء بورسعيد، ورصد أى حاويات يشك فى وجود سلاح بها تمر خلال قناة السويس، وأقام المتهم خلال فترة تواجده بفندق جريس الكائن بنفس الشارع الذى تتواجد به السفارة ليكون تحت أعينهم وطوال فترة تواجده بالفندق كانت المخابرات الإسرائيلية تدفع عليه فتيات عاهرات للسهر معه بالفندق وبالنوادى الليلية بعدها وفى اليوم التالى التقى الطرفان مجددا واتفقا على اللقاء فى مكان آخر خلال أربعة أشهر.
وقال المتهم إنه بعد عودته أبلغ المخابرات الحربية ببورسعيد فلم يتلق تعليمات صريحة بقطع طرق الاتصال مع أبو منصور وبناء عليه قدم له التقرير الذى طلبه وأبلغه بوقائع ضبط شحنات الأسلحة والمخدرات والصواريخ بميناء بورسعيد، فكلفه بإعداد كشف بأسماء جميع العاملين فى مجاله فى بورسعيد وطلب منه تجنيدهم موضحا أنه سيتلقى عمولة عن كل شخص يجنده لصالح الموساد، واتفق معه على مقابلته بذات الطريقة بمدينة بانكوك خلال شهر مايو، ثم تم تأجيل اللقاء ليصبح فى مدينة هانوى بفيتنام، وتم تأجيل اللقاء مجددا ثم تم تغيير المكان وموعد اللقاء مرة أخرى ليتم فى شهر أغسطس وأصبح فى قبرص فأبلغ المخابرات الحربية على حد قوله لكنه لم يتلق ردا رسميا بقطع العلاقات أيضا، ثم انقطعت العلاقات بينه وبين أبومنصور لفترة قبل أن يقوم المتهم بالاتصال بالسفارة الإسرائيلية بقبرص وأبلغهم بما دار بينه وبين أبو منصور فطلب المتحدث إرسال فاكس بجواز السفر الخاص به وبعدها تلقى رسالة على إيميله الشخصى مفادها أنه تم التوصل إلى أبو منصور وأنه سيقوم بالاتصال به فى وقت لاحق.
وبعد فترة، تلقى المتهم من أبو منصور رسالة فى شهر نوفمبر 2012، عاتبه فيه على الاتصال بالسفارة واتفقا على التقابل فى ذات الشهر وطلب منه اللقاء فى مانيلا بالفلبين وطلب منه إحضار تحقيق الشخصية ورخصتى القيادة والتسيير وتصريح دخول الدائرة الجمركية للموانئ البحرية المصرية، وهو اللقاء الذى حضره المتهم الثالث ديفيد مائير، ضابط الموساد، ودارت بينهما 4 لقاءت تحدثا خلالها عن طبيعة عمله وتم تكليفه بإحضار بيانات كافة السفن الايرانية العابرة من وإلى قناة السويس وتم تدريبه على استخدام عبارات عامة خلال المحادثات بينهما لها مدلول خاص وتم الاتفاق على أن يقوم المتهم بذلك أسبوعيا مقابل ألفى دولار شهريا و5 آلاف دولار عن كل تقرير هام يقوم بإرساله كما قام المتهم وأن يتسلم المتهم فى زيارة المقبلة لاب توب مجهز فنيا لاستخدامه بمعرفة المخابرات الإسرائيلية وفى نهاية اللقاء تسلم المتهم مبلغ ثلاثة آلاف ومائتى دولار كمكافأة على تعامله مع إسرائيل وأقام المتهم خلال فترة تواجده بفندق روز جاردن.
وبعد عودة المتهم أبلغ المخابرات الحربية، على حد قوله مدعيا أنها تجاهلت بلاغه، مما دفعه إلى إبلاغ المخابرات العامة التى طلبت منه قطع علاقته صراحة مع الموساد الإسرائيلى وعدم التعامل مع أى جهة أجنبية إلا بعد الرجوع اليهم، لكنه اتصل بأبو منصور، ضابط الموساد المتهم الثانى، وأبلغه بوقائع ضبط شحنات أسلحة ومفرقعات بميناء بورسعيد كما طلب مبالغ مالية مقابل ذلك.
واتصل المتهم بعد ذلك بموقعى الجيش العلوى وحزب الله والمخابرات السورية وطلب التعاون معهما فى تقديم معلومات مهمة عن السوريين الهاربين من تركيا بحرا إلى ميناء بورسعيد، ومعلومات أخرى عن عمليات تهريب السلاح إلى سيناء والجماعات الإرهابية والأوضاع الامنية بسيناء، معربا عن رغبته فى اعتناق المذهب الشيعى، واتصل خلال شهرى مايو ويونيو 2013 بموقع الجيش العلوى وطلب التعاون معهم كما أبدى رغبته فى التعاون معهم لمنع تدفق الأسلحة والأموال والعناصر الأحنبية إلى سوريا عن طريق سيناء ثم تركيا ومنها إلى الأراضى السورية مبديا رغبته فى أن يكون عينا من عيونهم فى الأراضى المصرية وبناء عليه تلقى اتصالا من الجيش العلوى على الايميل برقم هاتف للتواصل معه إلا أنه تم ضبطه قبل التواصل مع صاحب رقم الهاتف.
وثبت من خلال تقرير الأمن القومى أن المتهم أمد الجانب الإسرائيلى بمعلومات دقيقة عن القاعدة البحرية الموجودة بميناء بورسعيد وأمدهم بكشف بأسماء معظم قيادات ميناء بورسعيد ومن بينها معلومات عن رئيس الميناء كما قام بتجميع معلومات تفصيلية عن موانئ دمياط والعريش والسويس والاسكندرية، وهى معلومات أعطاها بالفعل للجانب الإسرائيلى بعد أن تلقى تكليفا واضحا من المخابرات العامة بعدم التعامل معهم كما تبين أنه تم التنبيه على المتهم بعدم التعامل مع الجانب الإسرائيلى أكثر من مرة من قبل المخابرات العسكرية لكنه لم يمتثل للأمر.
وخلال القبض على المتهم، ضبطت النيابة العامة جهاز لاب توب وأجهزة هواتف محمولة استخدمها فى التواصل مع المخابرات الإسرائيلية، وثبت من خلال تقرير الأمن القومى الخاص أنه بفحص المضبوطات وعناوين البريد الإلكترونى الخاص بالمتهم تبين أنه فى غضون عام 2012 قدم طلبا للوكالة اليهودية يلتمس فيه الهجرة إلى إسرائيل والانضمام إلى جيش الدفاع الإسرائيلى واعتناق الديانة اليهودية، وأن المتهم أخفى العديد من الرسائل بينه وبين ضابطى الموساد عن الأجهزة الأمنية واستخدم لغة الشفرة التى أعطاها له أبو منصور فى التراسل وأنه أخفى هذه الرسائل عن أعين المخابرات العامة مما يؤكد نيته فى التخابر، حيث ثبت أيضا أن بلاغاته للمخابرات الحربية والعامة كانت مبهمة ولا تتضمن أى معلومات عن الجهات أو الأسماء التى تتصل به.