أيمن حجاج.. وداعًا تاجر السعادة

ركن القراء

أيمن حجاج
أيمن حجاج



الطيبون يرحلون في صمت، دون عناق أخير أو وداع مؤلم، كطبعهم الأنيق هم لايحبون لحظات الحزن، هكذا اختار الأستاذ محمد أيمن حجاج القللي الرحيل عن أهله وأصدقائه وأحبائه، اختار فصلا هادئا ليكون ختاما لحياته، رحلة طويلة مليئة بالعطاء ونجاح كبير بدأه من الصفر.

" تاجر السعادة " لمن لا يعرف الأستاذ أيمن حجاج هو عم زوجتي ولكنه كان بمثابة أخ كبير لي، في كل الأوقات التي اقتربت منه كنت اتعرف على شخصية عظيمة، يوما تلو الأخر كنت اكتشف فيه أشياء رائعة كان طيبا وحنونا وانسانا بكل ماتحمله الكلمة من معني، شاهدته وهو ينصح الأخرين بحكمة، وهو يحاول تصحيح أخطائهم أيضا دون أن تكون هناك صلة قرابة بهم، رأيته حكيما ذو قلب ناصع البياض، كان يرى الحياة أبسط من كل التعقيدات الفلسفية التي يعيشها الناس الآن، كان لديه سلام نفسي لم أراه كثيرا في حياتي.

أيمن حجاج القللي رحل في فجر يوم الجمعة الماضية، رحل في يوم مبارك وفي هدوء دون أن يعاني طويلا مع المرض، رحل تاركا أثره الطيب في نفوس كل من عرفوه، لقد رأيت الحزن ينهش قلوب محبيه بشكل صعب ان توصفه أي كلمات، لم يصدقوا أنه رحل بهذه السرعة عن عالمهم، ربما لا يعلم العديد من الناس أنه أحب لقاء ربه كثيرا فأحب الله لقاءه بأسرع مما يتخيلون، لقد فاجئ الجميع  منذ أشهر قليلة عندما خرج لأداء مناسك العمرة مع أسرته بالكامل على الرغم من أنه كان يقوم بزيارة شبه سنوية للحبيب المصطفى وزيارة بيت الله الحرام وكأنه اختار أن يودعهم بطريقة خاصة هذه المرة.

رحيل أيمن حجاج هو أسوأ تقويم عاطفي اخترعته الطبيعة لتؤرخ لرحيل رجل نذر حياته لخدمة الناس وإسعادهم، عاش كالطيف في حياة الأخرين، نال إجماع لم أراه في حياتي من حب الناس، أبكاني فراقه بعدما اعتزلت بكاء موت الأحبة منذ 13 عاما تحديدا منذ وفاة جدي رحمه الله والذي كان ملهمي ومعلمي الأول في الحياة، ونفس الوجع كان في وفاة خالي سلامة صاحب الـ21 عاما، ولكن قلبي لم يحتمل على الرغم من كل التماسك الذي وهبتني اياه الحياة والإيمان الذي من علي الله به، الا ان دموعي هربت مني لوداعه، تذكرت حديثي معه ووجهه البشوش المبتسم دائما، تذكرت العديد من اللحظات التي جمعتني معه.

ما شاهدته ولمسته من حب له في عيون وكلام جميع من حضروا الجنازة كان أكثر مايطمئني، حتى أني تساءلت مالذي بينك وبين الله يا أستاذ أيمن حتى يحبك الناس كل هذا الحب؟.. بينه وبين الناس الحب والطيبة والاحترام والأخلاق الكريمة التي كان يتحلى بها لم يكن يوما يعيب شخصا، كان يحب الجميع، اجتماع الناس على حبك ومودتك والرضى عنك ليست مسألة سهلة ولكنها منزلة ربانية ومقام رفيع يجعل الله تعالى فيها من يشاء من عباده.


"الفراق صعب علي اللي عايشين بس" جملة سمعتها من واحد شغال في مستشفي البلينا بمحافظة سوهاج يوم وفاة خالي لما شافني منهار على خالي الشاب و داخل القى عليه النظرة الأخيرة و من ساعتها و هي بترن في ودني، دي حقيقة احنا دايما بندعي "اللهم ابدله دارا خيرا من داره" واحنا متيقنين أن ربنا أكرم مننا كلنا وان شاء الله الأستاذ أيمن في جنة الخلد وفي مكان أحسن بكتير من اللي احنا فيه، الحقيقة اننا بنحاول ندعي كتير ان ربنا يلهمنا الصبر على فراق الأحبة بنكون محتاجين اننا نثبت قدام الاختبار والابتلاء الصعب الوجع اللي بيبقى جوانا وصعب نخبيه مهما تظاهرنا بالقوة، لكن في النهاية كلنا إلى الله راجعون ودي حقيقة كونية ربنا يربط على قلوب أسرتك بالصبر زوجتك الكريمة ربنا يقدرها وتكون خير سند لأبنائك ندى ورنا وأدهم ويكونوا خير سلف ليك .

رحم الله رجلا كان يراعي الله في كل تصرفاته، رجلا صادقا مؤمنا طيبا، رحم الله الأستاذ أيمن حجاج القللي والهم أهله وذويه الصبر والسلوان لا أقول وداعا هنا ولكني سأقول إلى لقاء في جنة الخلد بأذن الله ساتذكرك دائما وسادعو إليك في كل صلاة.

وداعا تاجر السعادة...