د. حسن أبو طالب يكتب عن: هل تعيق شبورة "المهارات الشخصية" رؤية مصر 2030!؟

مقالات الرأي

بوابة الفجر



لا يخفى علينا شيوع استخدام مصطلح «المهارات الشخصية» بين شبابنا مؤخرًا ، ويُقصد به تلك المهارات التي لا غنى عنها للفرد حتى يتمكن من التعبير الجيد عن ذاته، والتفاعل الإيجابي مع الآخرين في محيطه، فهي ضرورية في مختلف المواقف والأحداث اليومية، سواء على المستوى الشخصي أو مستوى العمل. ومما لا شك فيه لدى جل الخبراء أن توفر تلك المهارات يجعل الفرد قادرًا على التميز في مجال عمله، والنجاح في تعاملاته حيث يصبح قادرًا على نقل أفكاره بكل سلاسة إلى الآخرين.

ومن أهم  تلك المهارات الشخصية المطلوب أن يتحلى بها الأفراد الناجحون في حياتهم: الجدارة وتحمل المسؤولية، والإيجابية والشغف، والتفكير النقدي، والاتصال الفعال بالاخرين، وإقامة علاقات ناجحة معهم من خلال اتقان معاني التفهم والمشاركة الوجدانية والإنصات.  كما أن للأدوار القيادية مهاراتها الخاصة ومنها الشجاعة، والإصرار، واحترام الآخرين، وتقبلهم، فضلاً عن المرونة. 

ولعلي أضع بين أيديكم مفاجأة من العيار الثقيل حين أطلعكم على نتائج الدراسات التي أجراها معهد كارنيجي للتكنولوجيا حيث جاءت لتؤكد أن حوالي 15% من نجاح الأفراد يعود إلى معرفتهم التخصصية والفنية، بينما يعود 85% من نجاحهم إلى مهاراتهم الشخصية، والقدرة على التأثير في الناس، وقيادتهم. فالإنسان الذي يمتلك معرفة فنية إضافة إلى قدرة مميزة على التعبير عن أفكاره، وإثارة الشغف والحماس في دائرة المحيطين به سيكون قد ألمّ بجل عوامل ليس فقط النجاح ولكن التميز أيضاً. 

في المحروسة يتخرج كل سنة في الجامعات مئات الآلاف من شبابنا في جميع التخصصات النظرية والعملية. وبالنظر إلى مستوى مهارات الخريجين الشخصية، وطرق عرض البيانات والكلام، فضلاً عن الثقة في الذات، لن تحتاج إلى تدقيق نظر أو مراجعة ليتبين أنها أقل من المقبول بكثير.

فبعد التخرج، يجد كل خريج نفسه أمام مأزق وجودي، عندما لا يجد ما يكتبه عن مهاراته الشخصية في السيرة الذاتية التي ينتوي إعدادها للشروع في تسويق نفسه داخل سوق العمل. وكيف له أن يعدد مهارات لم يتعرف عليها أبدًا في مسيرته التعليمية. ومن ثم نجد أن معظم الخريجين يلجأون إلى التزييف عند كتابة الجزء الخاص بتلك المهارات، والأنكى أن نجد من بينهم من تملأ عقله قناعة بأن تلك المهارات لا تمثل شيئاً أمام إلمامه بالمهارات الفنية المطلوبة في تخصصه.

وبمجرد معرفة السبب – يا سادة - سيزول العجب من تدني مستوى هذه المهارات لدى عموم شبابنا، فهولاء الشباب لم يتلقوا قط أي تدريب أو تأهيل لتنمية تلك المهارات منذ التحاقهم بالمؤسسات التعليمية الرسمية على مدى تاريخهم الدراسي. ولا سبيل للخروج من هذا المأزق إلى بسرعة انتباه المسئولين عن التعليم الأساسي قبل الجامعي إلى ضرورة اعتماد برامج تدريبية ودورات تأهيلية لتنمية المهارات الشخصية لدى أبنائنا منذ التحاقهم بالمدراس الابتدائية جنبًا إلى جنب مع المناهج الدراسية المقررة. وليكن ذلك من خلال عدة مشروعات - كل عام - تتناسب وأعمار طلاب كل مرحلة يكتسب من خلالها أبناؤنا عددًا من المهارات الشخصية ويطبقونها عملياً.

حسنًا فعل القائمون على تطوير رؤية مصر 2030 حين انتبهوا إلى تلك المشكلة المعوقة لتحقيق أهداف رؤيتهم الطموحة فأخذوا ينظمون الدورات التأهيلية لتنمية المهارات الشخصية للعاملين في الجهاز الإداري للدولة ليصبحوا جديرين بالنقلة النوعية التي يتم الاعداد لها داخل الحكومة للرقي بمستوى الخدمات الحكومية بعد ميكنتها وتطبيق احدث نظم الاتصالات في تنفيذها. ومع كل ذلك لن يكون تأثير تلك الدورات السريعة مثل تأصيل فكرة إدماجها مع المقررات الدراسية لأبنائنا طوال مشوارهم الدراسي.