اندلاع حرب تجارة المخدرات على الانترنت
نشرت صحيفة اندبندنت Independent البريطانية تقريرا تناولت فيه الجانب الخفي في عالم الانترنت, الذي يتمثل في تجارة المخدرات والجنس والصور الفاضحة, والتي تحقق لأصحابها أرباحا بالملايين, فهذا الجانب الخفي يعتبر سوقا للتجارة غير المشروعة عبر الانترنت, ويكون أشبه بالموقع التجاري الشهير إي باي eBay موقع المزادات الأول على الانترنت, الذي تم إطلاقه عام 1995بالولايات المتحدة الأمريكية, حيث يمثل دور الوسيط بين البائع والمشتري والمجال مفتوح لأي شخص لكي يُعرض بضاعته للبيع أو شراء البضائع, ويصل حجم أعماله إلى 40 مليار دولار.
إن المعارك في هذا العالم الخفي ليست معارك بالأسلحة, إنما معارك من أجل امتلاك ركنا خفيا مميزا على الانترنت, يتم من خلاله ترويج المخدرات عالية الجودة بأسعار الشارع. ويعتبر موقع سيلك رود The Silk Road أي طريق الحرير , الذي تأسس عام 2011 على يد مؤسس خفي أطلق على نفسه دريد بيرات روبرت , يحقق هذا الموقع مكاسب سرا بملايين الدولارات (كسوق غير مشروع لتجارة المخدرات) من أهم المواقع في هذا العالم الخفي إلى حد وصفه بأنه eBay غير الأخلاقي, وأهم ما يميزه أنه يمنح للمشتري ضمانات سرية لا تكشف عن هويته من خلال مسارات معينة على الانترنت لا يمكن لمحرك البحث جوجل الوصول إليها.
وبعد صدارة موقع سيلك رود لمدة عامين, أصبح الآن يواجه معركة جديدة مع مشروع أتلانتس Atlantis الذي قام بتأسيسه مؤخرا مجموعة من النشطاء الليبراليين (ذو الخبرة في مجال البيزنس والتكنولوجيا وتجارة المخدرات), حيث يتطلع أصحاب هذا المشروع للحصول الأرباح الضخمة التي يدرها موقع سيلك رود . وبالفعل نجح هذا المشروع من استنساخ مزايا وملامح موقع سيلك رود, مع تغيير بعض قواعد السوق الالكتروني من خلال تدشين حملات إعلانية كبيرة على موقع يوتيوب , أدت إلى استقطاب أعداد من المستخدمين والزبائن وصلت إلى 500 فرد يوميا. ويقوم هذا المشروع بتقديم خدمات التزوير والإباحية والسلع المحظورة, بما فيها الاعتداء الجنسي على الأطفال, وكل ما يلحق الضرر والأذى للآخرين, إلا أن النشاط الأساسي يتمثل في تجارة المخدرات مثل الكوكايين (بدرجة نقاء عالية تصل إلى نسبة 80% ويبلغ سعر الجرام 65 دولار), وترى الصحيفة أنه إذا ما استمرت معدلات تسجيل الزبائن على هذا النحو، فإن أتلانتس سوف يتفوق على مشروع طريق الحرير بعد عام من الآن.
نجد أن أصحاب تلك المواقع يستخدمون أساليب مستعارة لإخفاء هوية البائعين والمشترين من خلال شبكة تور أو الشبكة الخفية The Onion Routerالتي أنشأها الجيش الأمريكي, وهى عبارة عن برنامج تخفي على شبكة الانترنت, يعتمد على الجيل الثاني من نظام التوجيه البصلي, وهو نظام يُمكن مستخدميه من الاتصال على شبكة الانترنت دون الكشف عن الهوية. ووفقا لتقرير الصحيفة, فإن طريقة عمل موقع سيلك رود تخضع لمحاولات الرقابة, إلا أن طريقة عمل أتلانتس معقدة نتيجة استخدام برامج سرية مشفرة, من الصعب الكشف عن هوية مستخدميها.
يلجأ تجار المخدرات والأسلحة إلى استخدام شبكات الانترنت الخفية في ترويج منتجاتهم على الانترنت لأنها تختلف عن شبكة الانترنت العادية, حيث أن شبكة الانترنت الخفية تعمل عبر اللامركزية للحفاظ على سرية المعلومات, فكل حاسوب شخصي هو مخزن للبيانات في حد ذاته, كما أن تناقل المعلومات داخل الشبكة يكون سريللغاية, وبالتالي يصعب الكشف عنها أو فهمها من قبل الأجهزة الأمنية. أما في شبكة الانترنت العادية يمكن التعرف على البيانات الوصفية لحزم المعلومات, وتحديد مواقع الحواسيب المُرسلة والمُستقبلة للمعلومات. ومن هنا نجد أن رجال الأمن يواجهون صعوبة في تتبع تجار المخدرات الذين يتواصلون مع زبائنهم عبر شبكة الانترنت الخفية, وحتى يتمكن رجال الأمن من الإيقاع بهؤلاء, يقوموا بتقمص شخصيات الزبائن ويتراسلون مع تجار المخدرات, للحصول على أي خيط أو معلومة تساعدهم في الوصول إليهم.
وفي سياق متصل, نجد أن أوروبا تسعى جاهدة إلى تحصين تجارتها الإلكترونية التي يصل حجم أرباحها إلى 8 تريليون دولار سنويا, حيث وافق البرلمان الأوروبي على مشروع وضع قواعد جديدة تهدف إلى توقيع عقوبات أكثر صرامة ضد مجرمي الانترنت, وتسهيل الوقاية, وتعزيز عمل الشرطة, والتعاون القضائي في هذا الصدد, ومن المنتظر أن تدخل في حيز التنفيذ عقب إقرارها من المجلس الأوروبي, ومن أهم تلك القواعد عقوبة السجن لمدة لا تقل عن عامين لجرائم التدخل أو الوصول إلى نظم المعلومات, والتدخل بشكل غيرقانوني للوصول إلى البيانات واعتراض الاتصالات بشكل غير مشروع أو عمدا, وأيضا بيع الأدوات التي تستخدم لهذه الأغراض. بالإضافة إلى عقوبة السجن لمدة لا تقلعن ثلاث سنوات لإنشاء جهاز التحكم عن بعد في عدد من أجهزة الكومبيوتر,وإصابة العديد منها بالفيروسات، وأيضا استهداف البنية التحتيةالحيوية مثل مصادر توليد الطاقة وشبكات النقل, كما تصل العقوبة فيها إلى خمس سنوات، وسيتم توفير الخدمة لمدة أربع وعشرين ساعة طوال أيام الأسبوع, للاستجابة إلى الطلبات العاجلة في حال التعرضلهجمات سيبرائية والتعامل معها بشكل سريع, كما سيتم ملاحقة الشركات أوالأشخاص في حالة التعامل مع قراصنة لتحقيق أهداف أو مصالح لها مثل محاولةالوصول إلى قواعد بيانات شركات أو المنافسين لهم.