رئيسة صندوق النقد الدولي تطالب البنوك بوقف توزيع الأرباح فوراً
طلبت الجهات التنظيمية من البنوك زيادة ذخيرتها الاحتياطية من رأس المال والسيولة عالية الجودة، وعزز ذلك بشكل كبير مرونة النظام المالي، ويستشهد العديد من المراقبين في الوقت الراهن بهذه الذخيرة المالية كحصن ضد الآثار الضارة لوباء "كوفيد-19"، بحسب مقال "كريستالينا جورجيفا" مديرة صندوق النقد الدولي عبر صحيفة "فايننشال تايمز".
لكن بينما يتجه العالم لركود عميق في عام 2020 وللتعافي الجزئي فقط في 2021، سيتم اختبار مرونة النظام المالي، لذا من الضروري وجود مراكز قوية لرأس المال والسيولة لدعم الائتمان الجديد.
وتتمثل إحدى الخطوات اللازمة لتعزيز الاحتياطيات المصرفية في الاحتفاظ بالأرباح من العمليات الجارية.
وبحسب تقديرات صندوق النقد فإن 30 بنكًا عالميًا مهمًا من الناحية النظامية أنفق حوالي 250 مليار دولار في توزيعات الأرباح وإعادة شراء الأسهم العام الماضي، لكن هذا العام يجب أن يحتفظوا بالأرباح لبناء رأس مال.
بالطبع، هذا له آثار غير سارة على المساهمين بما في ذلك التجزئة وصغار المستثمرين المؤسسيين الذين قد تكون أرباح البنوك مصدرًا مهمًا لهم للدخل المنتظم.
ومع ذلك، في مواجهة الانكماش الاقتصادي المفاجئ هناك حاجة قوية لتعزيز قاعدة رأس المال للبنوك، للأسباب التالية.
يتماشى بناء احتياطيات أقوى مع مجموعة الإجراءات المتخذة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد، حيث تقوم الحكومات بتطبيق إجراءات مالية بتريليونات الدولارات، بما في ذلك التمويل الذي يوفر الدعم للمقترضين الذين يستخدمون القروض المصرفية.
وابتكرت البنوك المركزية وقدمت دعماً استثنائياً للسيولة لمجموعة واسعة من الأسواق، ومارس مراقبو البنوك (البنوك المركزية) المرونة إلى أقصى حد ممكن من خلال تشجيع البنوك على إعادة هيكلة سداد القروض، وتخفيف المتطلبات التنظيمية، والسماح للبنوك بسحب احتياطياتها بشكل مؤقت.
وتتوافق مصالح مساهمي البنك مع مصالح المشرفين والعملاء، وسيستفيد جميع أصحاب المصلحة في نهاية المطاف إذا حافظت البنوك على رأس المال بدلاً من دفعها للمساهمين أثناء الوباء.
وتعني حماية قوة القطاع المصرفي في الوقت الحالي أنه بمجرد أن يبدأ التعافي يمكن للمساهمين توقع الحصول على عوائد كبيرة - وفي الواقع، كلما زادت الأرباح المحتفظ بها الآن، زادت العوائد النهائية.
وتم بالفعل الاعتراف بالحاجة إلى الحفاظ على رأس المال ويجب أن تكون على نطاق أوسع، وهو ما حدث في بعض الدول التي قررت البنوك فيها طواعية تعليق مدفوعات المساهمين وعمليات إعادة الشراء بشكل جماعي.
في حالات أخرى، كان على المراقبين دفع البنوك نحو ذلك، حيث طلب بنك إنجلترا من البنوك تعليق خطط دفع توزيعات والمكافآت النقدية للمدراء التنفيذيين، مشيرًا إلى أنه مستعد لاستخدام سلطاته الإشرافية في حال تم رفض ذلك، وفي النهاية امتثلت البنوك.
وفي البرازيل، كان على المشرفين استخدام سلطتهم لتعليق العوائد بطريقة جماعية.
القرارات الجماعية مهمة، والبنوك التي تتخذ إجراءات بمفردها يمكن أن يعاقب عليها المستثمرون الذين يفشلون في فهم الحاجة إلى تقييد العوائد، لذلك يجب أن تغطي القرارات جميع البنوك - سواء كانت مملوكة للدولة أو خاصة، تجارية أو استثمارية.
لكن لا يمكن لأي بنك أن يفعل ذلك بمفرده، وإذا لم تكن الإرادة الجماعية للبنوك موجودة، فيجب على المراقبين اتخاذ القرار نيابة عنهم.
في الوقت الحالي، يستخدم المشرفون في العديد من الدول اختبارات التحمل لتحديد ما إذا كان ينبغي تقييد العوائد ومقدار هذا الخفض، هذه الاختبارات التي بدأها صندوق النقد الدولي منذ أكثر من 20 عامًا تحدد حجم رأس المال الإضافي اللازم لإبقاء البنوك مرنة في مواجهة الأزمة، وهي دليل حيوي يساعد الآن على اجتياز فترة غير مألوفة.
لقد حان الوقت لتحديث هذه الاختبارات لتأخذ في الاعتبار الاحتمالية المتزايدة لسيناريوهات اقتصادية أكثر سلبية ناجمة عن الوباء.
ولضمان الاتساق العالمي، فإن التنسيق الدولي هو مفتاح الحل، ويمكن أن يساعد صندوق النقد ومجلس الاستقرار المالي في تحقيق ذلك.
لا تزال ذكريات الأزمة العالمية الأخيرة باقية، يبذل القطاع العام ما في وسعه للمساعدة في منع حدوث أزمة مصرفية أخرى مجدداً، والمساهمون لديهم مصلحة والتزام للقيام بنفس الشيء.