منال لاشين تكتب: رمضان بالكورونا.. ضغوط من أهل السياحة لفتح المطاعم والكافيهات
المولات تتعهد بوضع بوابات التعقيم.. والمطاعم تحذف نصف المناضد
زيادة سلع البطاقة التموينية خلال شهر رمضان
تقليل ساعات الحظر حتى منتصف الليل
واقتراح بتحويل تبرعات المستشفيات لصالح ضحايا كورونا
هناك مقولة لبعض إخواننا العرب بأن من لم يحضر رمضان فى مصر فقد فاته الكثير من سحر الشهر، فرمضان فى مصر له طقوس خاصة جدا، وساحرة جدا وخاصة سهرات السحور فى رمضان ما بين ضفة النيل وبجوار الحسين.
وقد كان أبرز ما يميز موسم شهر رمضان من عدة سنوات فى مصر المنافسة الشرسة بين الحلوانية على تقديم طبق كنافة جديد، وهكذا عاصرنا الكنافة بالمانجو ثم الكنافة بالنوتيلا ثم الكنافة باللوتس، وذلك دون أن ننسى بالطبع الكنافة بالكريم كراميل وبالبلح وبالقهوة، وبالطبع لم تخل تقاليع الكنافة فى رمضان من كنافة حادقة. ولكننا رمضان هذا العام بطعم الكورونا وأحكامها وتوقيتها. هذا أول رمضان فى الـ100 عام الماضية نستقبله بحذر مشوب بالألم والأمل معا. ضاعت فرحة انتقاء العباءات لصلاة التراويح والسهرات الرمضانية داخل وخارج البيوت، وفرحة بنات الطبقة المتوسطة من الشريحة المتوسطة بلقاء الصديقات فى تراويح رمضان، والفرصة البريئة فى خطف إعجاب مسلم صالح وتتحول الفرحة لفرحتين.. فرحة العيد وفرحة الخطوبة. العباءة كانت أيضا طقسا فى الطبقة العليا والفئة العليا فى الطبقة المتوسطة، فمن بين عدة عباءات هناك عباءة فاخرة مميزة ليوم إقامة حفل فى المنزل أو الحديقة، فعباءة صاحبة المنزل يجب أن تكون الأشيك، وظهرت أيضا عادة ارتداء العباءات المغربى والسورى والإيرانى والمصرى خارج المنزل فى لقاءات الإفطار والسحور. ولا ننسى ابتكار أصناف جديدة لعزائم ولمة الشهر الكريم، خناقات الأسرة على أماكن قضاء أمسيات سحوره الجميلة.
ففى مصر رمضان لا يخص المسلمين فقط، إنه شهر جميع المصريين. الشهر الذى تجتمع فيه دفعة الكلية وشلة أيام الصياعة، وأبناء النقابة الواحدة والمهنة الواحدة. شهر كانت المعارضة والحكومة تتلاقى على إفطار أو سحور رمضان. شهر منافسة النجوم فى مسلسلات رمضان وإعلاناته. شهر تذوب فيه كل الاختلافات فى روح رمضان.
بالنسبة للكثيرين هو شهر عمره العشرة الأواخر فى رمضان وجلسات ختم القرآن والدروس الدينية فى البيوت والمساجد وصلاة التراويح، وأشهر هذه اللقاءات الروحية صلاة التراويح فى ليلة القدر بأكبر مسجد فى ضاحية (بيرفى هليز) حيث تلتقى كريمة المجتمع من النساء.
لم يبق لنا فى رمضان المقبل سوى أقل القليل. صوت النقشبندى وقرآن بتلاوة محمد رفعت وأدعية وحلقات الشيخ الشعراوى المعادة. وبرنامج الإمام الطيب والدكتور على جمعة.
وشوية مسلسلات، باختصار ما بقى لنا من شهر رمضان كله فى البيت وأمام الشاشات.
ولكن خلف حظر التجوال الآن تجرى مشاورات مستمرة لمنح شهر رمضان بعضا من بهائه وروحه التى نعرفها، وبحسب معلوماتى فإن القرار النهائى فى مدة الحظر وفتح المطاعم والمقاهى لم يتخذ بشكل نهائى حتى الآن، وأن هذا القرار متوقف إلى حد بعيد على عدد الإصابات فى الأسبوع الأخير قبل شهر رمضان، وإجراء توازن دقيق بين صحة المواطن والمصلحة الاقتصادية.
1- حظر مخفف
لشهر رمضان أوجه متعددة ومتشعبة ومتشابكة. فهو شهر القيم الروحية والصلاة فى الجامع، وهو شهر ذروة اقتصادية لبعض الفئات، وعلى رأسها قطاع الترفيه والمطاعم والمقاهى. وكل ذلك معرض للضياع بسبب حظر التجوال. ولذلك يجرى الآن دراسة تخفيف الحظر بحيث تزيد مدة السماح لتصل إلى منتصف الليل، وهناك اتجاه بالاكتفاء بالساعة الحادية عشرة مساء.
وتحاول المطاعم والمقاهى التفاوض مع الحكومة لإعادة فتح المطاعم والمقاهى للإفطار والسحور المبكر. وذلك بضوابط جديدة، من مقترحات هذه الضوابط تقليل عدد المناضد. إبعاد المناضد عن بعضها بأكثر من متر، واتخاذ كل إجراءات الوقاية من تطهير. فالمهم بالنسبة لهذا القطاع عدم خسارة موسم رمضان، وتقليل خسائرهم المادية إلى أقصى حد، خاصة أن الكثير من هذه المطاعم والمقاهى يعتمد على مكاسب شهر رمضان لتغطية بعض نفقات العام كله.
هناك خناقة داخلية فأصحاب المطاعم والمقاهى داخل المولات يطالبون بفتح المولات، وذلك بدعوى أن المولات قادرة على تحقيق أعلى درجات السلامة والوقاية وقد تعهد أصحاب المولات بوضع بوابات التعقيم على كل مداخل ومخارج المول ووضع مطهرات فى المحلات وبين الأدوار. أما أصحاب المطاعم والمقاهى خارج المولات فيرون أنهم أولى بالفتح، لأن المولات تخلق الزحام الشديد. وبذلك لا يمكن السيطرة عليها. ولم تحسم الحكومة أمرها بالنسبة لخناقة أهل المولات وأهل المحلات. هناك بالطبع مناطق أو بالأحرى طقوس رمضانية مرفوعة من الخدمة هذا العام.
على رأس هذه الأماكن منطقة الحسين التاريخية وشارع المعز باستثناء المحال وبحسب مواعيد الحظر. السرادقات والندوات الرمضانية مرفوعة من الخدمة، وهناك دعوات لوزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم بإقامة حفلات لكبار المطربين أون لاين لإضافة لمسات خاصة فى الشهر الكريم.
2- موجة التبرعات
من أهم سمات رمضان فى مصر هى زخم إعلانات التبرعات، وفى دراسة لوزارة التضامن فإن تبرعات شهر رمضان تمثل ما بين 40% إلى 50% من إجمالى التبرعات طوال العام، وهناك نوعان من هذه التبرعات.. تبرعات لإقامة موائد رحمن وتوزيع طعام على الفقراء، وتبرعات لمشروعات الصحة مجدى يعقوب ومستشفى 500500 ومركز الأورام ومستشفيات جامعة عين شمس وأبوالريش وغيرها من المشروعات.
بالنسبة للنوع الأول من التبرعات المباشرة للفقراء فقد تم إلغاء موائد الرحمن واستبدالها بوجبات فردية جافة.
ولكن نظرا للظروف الاجتماعية والاقتصادية التى خلفتها الكورونا، فقد ظهر اتجاه أو بالأخرى خلاف فيما يخص النوع الثانى من التبرعات. فهناك قطاع من الجمعيات الأهلية والمجتمع المدنى يرى ضرورة التركيز على تبرعات للمتضررين من الكورونا، وعلى رأسهم القطاع الطبى وعمال اليومية، وتمثل هذا القطاع هبة السويدى أو جمعية أهل مصر، وكانت الجمعية مهتمة ببناء أول وأكبر مستشفى لعلاج الحروق فى مصر، ولكن الجمعية نقلت نشاطها هذا العام إلى التبرع إلى صالح القطاع الطبى. وذلك بتوفير أطقم حماية للأطباء والممرضين، ولكن بعض أعضاء المجتمع المدنى يرفضون هذه النظرة لمشروعات المستشفيات، نظرة أنها لا تحتل الأولوية، وبحسب هذه المجموعة فإنه لا يمكن تأجيل هذه المشروعات.
أما الإعلانات التجارية فقد تأثرت بلاشك بأزمة كورونا، ولكن مع ذلك قررت كبرى المشروعات العقارية استمرار حملاتها الإعلانية الرمضانية، فيما اتخذت شركات أخرى قرارا نهائيا بتحويل ميزانية الإعلانات إلى التبرع لصندوق تحيا مصر. بينما قررت أكبر البنوك فى مصر القيام بحملة إعلانية مصغرة تبدأ من منتصف شهر رمضان.
3- استعدادات ميرى
بالنسبة للحكومة فبعد إلغاء أسواق (أهلا رمضان) فهناك اقتراح قيد الدراسة، وهو زيادة نصيب المواطنين من مواد البطاقة التموينية خلال شهر رمضان فقط لدعم ومساندة المواطنين، وإن كان هذا الاقتراح يمثل تكلفة كبيرة على موازنة الدولة، ومن بين الاقتراحات الأخرى جذب الشركات الخاصة لعرض منتجاتها الغذائية داخل فروع المجمعات الحكومية المنتشرة فى كل أنحاء الجمهورية بأسعار مخفضة. أما وسائل المواصلات المترو والأتوبيسات فهذا القرار متوقف أيضا على مواعيد الحظر فى شهر رمضان، وإن كانت المؤشرات الأولية تشير إلى انفراجة ما فى الشهر الكريم.
ومهما كانت الإجراءات أو القرارات سيظل رمضان كريم.
وكل رمضان وأنتم بخير.